21-03-2024 01:37 PM
بقلم : الدكتور هيثم الربابعة
إن «من حق كل الأردنيين، أفرادا وجماعات، أينما كانوا، أن يعتزوا بالإنتماء لهذا الوطن».إنني «كواحد من الأردنيين فإن أغلى إحساس عندي في حياتي هو إعتزازي بأردنيتي. وأنتم أيظا يجب أن تعبروا عن هذا الإعتزاز بالوطن، وأن تجسدوه كل يوم، وفي كل لحظة، في عملكم وتعاملكم، وفي خطاباتكم، وفي بيوتكم، وفي القيام بمسؤولياتكم».
و لمن لا يدرك معنى حب الوطن، وبحمد الله تعالى على ما أعطاه لهذا البلد، أقول: تابعوا ما يقع في الكثير من دول المنطقة، فإن في ذلك عبرة لمن يعتبر. أما الأردن فيواصل طريقه بثقة للحاق بالدول الصاعدة. إن هذا الإعتزاز بالإنتماء للأردن هو شعور وطني صادق ينبغي أن يحس به جميع نشامى ونشميات الأردن.
إن هذا الشعور «لا يباع ولا يشترى، ولا يسقط من السماء. بل هو إحساس نبيل، نابع من القلب، عماده حسن التربية على حب الوطن وعلى مكارم الأخلاق. إنه إحساس يكبر مع المواطن، ويعمق إيمانه وإرتباطه بوطنه». إن الإعتزاز «لا يعني الإنغلاق على الذات، أو التعالي على الآخر. فالأردنيين معروفون بالإنفتاح والتفاعل الإيجابي مع مختلف الشعوب والحضارات».
أيها السياسييون والدبلوماسيون : إنكم مسؤولون بالدرجة الأولى على الحفاظ على هذا الإعتزاز، بل وتقويته من خلال تعزيز ثقة المواطن في المؤسسات الإدارية والمنتخبة، ومن خلال الرفع من مصداقيتها ونجاعتها، ليشعر المواطن أنها في خدمته. و يجب أن نعرف جميعا أن هناك، في المقابل، جهات تحسد الأردن على مساره السياسي والتنموي، وعلى أمنه وإستقراره، وعلى رصيده التاريخي والحضاري، وعلى إعتزاز الأردنيون بوطنهم.
ونستحضر في هذا السياق، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم كثر حسادنا»، حيث أشار إلى أن كثرة الحساد، تعني كثرة المنجزات والخيرات. أما من لا يملك شيئا فليس له ما يحسد عليه.
ورغم مناورات الحساد، فإننا حريصون على إحترام ممارسة الحقوق والحريات. وبموازاة ذلك، فإن من واجبات المواطنة الإلتزام باحترام مؤسسات الدولة، التي ترجع حمايتها للسلطات الحكومية والقضائية المختصة، وللمؤسسات الحقوقية، وهيئات الضبط والحكامة، كل من موقعه.
إضافة لذلك «إننا لسنا ضد حرية التعبير والنقد البناء، وإنما ضد العدمية والتنكر للوطن. فالأردن سيبقى دائما بلد الحريات التي يضمنها الدستور»، مؤكدا أن المملكة «في حاجة لكل أبنائها، ولجميع القوى الحية والمؤثرة، وخاصة هيئات المجتمع المدني، التي ما فتئنا نشجع مبادراتها الجادة، إعتبارا لدورها الإيجابي كسلطة مضادة وقوة اقتراحية، تساهم في النقد البناء وتوازن السلطات».
من جهة أخرى، دعا الأردن إلى إعتماد ميثاق حقيقي لأخلاقيات العمل السياسي، بشكل عام، من دون الاقتصار على بعض المواد، المدرجة ضمن النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان الأعيان والنواب .
إن السنة التشريعية الحالية سنة حاسمة في المسار السياسي للبلاد، بالنظر للإستحقاقات التي تتضمنها، يؤكد الأردن أن الخيار الديمقراطي، الذي إرتضاه جميع الأردنيين، ثابت لا رجعة فيه «بل إننا ملتزمون بمواصلة ترسيخه».
غير أن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، وبكل إلحاح، هو «هل تمت مواكبة هذا التقدم من طرف جميع الفاعلين السياسيين على مستوى الخطاب والممارسة؟».
وأوضح الملك عبدالله الثاني في هذا الصدد، أن الخطاب السياسي يقتضي الصدق مع المواطن، والموضوعية في التحليل، والإحترام بين جميع الفاعلين، بما يجعل منهم شركاء في خدمة الوطن، وليس فرقاء سياسيين، تفرق بينهم المصالح الضيقة.
إن المتتبع للمشهد السياسي الوطني عموما، والبرلماني خصوصا، يلاحظ أن الخطاب السياسي لا يرقى دائما إلى مستوى ما يتطلع إليه المواطن لأنه شديد الإرتباط بالحسابات السياسية. زيادة على ذلك إذا كان من حق أي حزب سياسي أو أي برلماني أن يفكر في مستقبله السياسي وفي كسب ثقة الناخبين، فإن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب القضايا الوطنية الكبرى والإنشغالات الحقيقية للمواطنين، مشددا على أن ممارسة الشأن السياسي ينبغي أن تقوم، بالخصوص، على القرب من المواطن والتواصل الدائم معه، والإلتزام بالقوانين والأخلاقيات، عكس ما يقوم به بعض المنتخبين من تصرفات وسلوكيات، تسيء لأنفسهم و لناخبيهم ولأحزابهم ولوطنهم، وللعمل السياسي، بمعناه النبيل.
وفي هذا الصدد، دعا جلالة الملك عبدالله الثاني إلى إعتماد ميثاق حقيقي لأخلاقيات العمل السياسي، بشكل عام. كما أكد أنه يتعين، قبل كل شيء، الانكباب الجدي على الأسبقيات الوطنية، مع تغليب روح التوافق الإيجابي، وخاصة خلال إقرار القوانين التنظيمية المتعلقة بالمؤسسات الدستورية والإصلاحات الكبرى.
على صعيد آخر، ندعو المجلس الأعلى للتعليم العالي و البحث العلمي و مجلس التربية والتكوين إلى إعادة النظر في منظور ومضمون إصلاح منظومة التربية والتعليم والتكوين. في المقاربات المعتمدة، وخاصة من خلال الانكباب على القضايا الجوهرية، و بالخصوص إيجاد حل لإشكالية لغات التدريس، وتجاوز الخلافات الآيديولوجية التي تعيق الإصلاح، وإعتماد البرامج والمناهج الملائمة لمتطلبات التنمية وسوق الشغل، وإعطاء كامل العناية للتكوين المهني، ولإتقان اللغات الأجنبية، قصد تأهيل الخريجين لمواكبة التقدم التقني، والإنخراط في المهن الجديدة للأردن.
إن الرأسمال البشري هو «رصيدنا الأساسي في تحقيق كل المنجزات، الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والحقوقية، وسلاحنا لرفع تحديات التنمية، والإنخراط في مجتمع المعرفة والإتصال»، مع التشديد على أهمية تكوين وتأهيل مواطن معتز بهويته، ومنفتح على القيم الكونية، ولا سيما من خلال مواصلة إصلاح منظومة التربية والتكوين.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-03-2024 01:37 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |