حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,22 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 8800

الأمن الثقافي والتعليم

الأمن الثقافي والتعليم

الأمن الثقافي والتعليم

24-03-2024 09:23 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المحامي أكرم الزعبي الرئيس السابق لرابطة الكتّاب الأردنيين
لا شكّ أنّ ازدياد عدد السكّان في أي بلد يفرض عليه تحديّاتٍ جديدة وكثيرة، وخاصةً لجهة البنية التحتية، من تعليم وصحة وخدمات، وقد شهد الأردن في السنوات الأخيرة، وخاصةً بسبب اللجوء، ازديادا كبيرًا في عدد السكان، حتى أنّ ما يقارب ثلث سكانه الآن لا يحملون الجنسية الأردنية.

التحدّي الأبرز في هذه الأيام هو التعليم، وهو الأس الذي تعتمد عليه بلد محدودة الموارد مثل الأردن، فالموارد البشرية في ظل عالمٍ أصبح قريةً صغيرةً يمثل للأردن مصدرًا مهمًا من مصادر الدخل القومي، ولغايات نجاح الموارد البشرية في سوق العمل المحلي والعربي وحتى العالمي، فإنّ التميّز يغدو غايةً وضرورة.

إنّ المراجعة الجادّة والحقيقية والمنصفة، تجعلنا نتساءل هل إنّ مخرجات التعليم المدرسي والجامعي في الأردن تواكب الثورة التكنولوجية والتطور السريع في العالم؟ وهل استطاعت المدارس والجامعات أن تحافظ على صورة الأردني لناحية العلم والمعرفة؟ خاصةً مع تراجع ترتيب الجامعات الأردنية في التصنيف العالمي إلى حدودٍ متدنية ، وتراجع دور المدرسة بشكلٍ متسارعٍ وغير مسبوق.

إنّ أكثر ما يحرص عليه الأردنيون في ما يتعلّق بالتعليم المدرسي هو شهادة الثانوية العامة (التوجيهي)، هذه الشهادة التي تشكّل أرقًا للطالب وأهله، ولضرورة هذه الشهادة، ومع التراجع الملحوظ، فقد لجأ أهالي الطلاب إلى المراكز الخاصة، وإلى المدرسين الخصوصيين، وإلى بطاقات المحاضرات الإلكترونية عبر الانترنت، ما شكّل عبئًا إضافيًا على ميزانية الأسرة، وما جعل من مهنة التعليم المقدّسة مجرد تجارة، حتى وصل الأمر إلى اعتماد المدرسين الخصوصيين في كل مراحل التعليم من الصف الأول وحتى التوجيهي، وهذا مؤشر خطير تتحمل نتائجه المدرسة والأسرة، والدولة.

فالأمر لا يتوقّف فقط على زيادة الأعباء المالية، وإنّما على التسريب من المدارس، فطالب التوجيهي يبدأ الدراسة مع المراكز والمدرسين الخصوصيين في بداية الصيف، بينما المدرسة تبدأ في أوّل الخريف، فيكون الطالب عند التحاقه بالمدرسة قد قطع شوطًا كبيرًا في المنهاج المدرسي وسبق معلّم المادّة بزمنٍ ليس بسيط، مما يولد لديه شعورًا بعدم جدوى المدرسة، وعدم جدوى ما يتلقّاه من معلم المدرسة، لأنّه سبقه في منهاج المدرسة بمرحلة متقدّمة، فيترتب على ذلك غياب الطالب عن المدرسة، وهذا الأمر صار ملاحظًا، وخاصةً في المدارس الحكومية، وإنّ تفكير وزارة التربية والتعليم بحرمان الطلاب المتغيبين عن المدرسة من التقدّم لامتحانات الثانوية العامة يزيد الطين بلّة، لأنّ الطلاب لا يتغيّبون للتسلية والترفيه، وإنّما للدراسة، لشعورهم بأنّ الوقت يضيع في المدرسة من دون طائل.

إمسؤولية وزارة التربية والتعليم والدولة الأردنية وتدخلهما صار مطلبًا شعبيًا، لتعود المدرسة إلى وضعها الأساس، وإنّ ضبط عمل المراكز والمدرسين الخصوصيين ومدرسي بطاقات الإنترنت، يجب أن يتزامن مع بداية الفصل الدراسي حتى تظل المدرسة هي الأساس، ومعلّم المادة المدرسي هو المرجع في ما يُشكِل على الطالب، وإنّ التفكير بحلول أخرى مثل (الحرمان من تقديم الامتحان) هو مساهمة في زيادة المشكلة، لأنّه بالتأكيد ليس الحل الأمثل.

يحتاج الأمن الثقافي الأردني إلى إعادة هيبة المدرسة، وإلى النظر بعين الجديّة والمسؤولية لدورها العظيم في صناعة التنمية البشرية، وذلك عبر استحداث حلول قانونية وتربوية ومجتمعية تضمن جودة مخرجاتها وتميّزها.
أكرم الزعبي
رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين








طباعة
  • المشاهدات: 8800
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
24-03-2024 09:23 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم