حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 11592

حدوتة غريبة

حدوتة غريبة

حدوتة غريبة

21-03-2008 05:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

ما نرضاش يخاصم القمر سماه ، ما نرضاش تدوس البشر   بعضها...منير ويغني ، لكن ، أيهما يغني للآخر ، هو أم الفقر....؟؟؟

ويأتي كل   يوم صباح جديد على عمان ، على بغداد ، الجزائر ، على كل بلاد العرب ، وأنا لا زلت   للحظة متأكدا أن الصباح يأتي كل يوم ، رغم ايماني المطلق الجديد ، أن لا داعي   للايمان بشيئ ، أي شيئ على الاطلاق ، لأن الكل يشبه الكل ، والأسئلة تؤدي للأسئلة ،   والأسئلة كلها متشابهة ، اذ أنها كلها بلا أجوبة ، عيناي بريئتان ، بالتأكيد هما   بريئتان ، لكنما تسيح براءتهما على خدي ، حين أرى الجموع ، تلك التي تسير باستقامة   نحو حتفها ...

الى أين تسيرون كل يوم ؟ أصرخ بهم ، لكنما من أناديهم ، هم   صورة عن أسئلتي..غموض عميق ، ولا أجوبة ...

الى أين أيها الناس ، الى أين   تسيرون ؟ ....
انها لقمة العيش ، اسمها ماذا ؟ ، لقمة العيش اسمها ، والجسد حطبها    ، والروح نارها ورمادها ...

أتذكر أبي ، كان يخرج صباحا قبل الصباح ، ويعود   ليلا فيما بعد الليل ، أتذكر عروق يديه وصرامة وجهه ورجولته الزائدة لحد الرعب ،   أذكر رائحة شقائه ونزيف عرقة وكل الأخاديد في جبينه لكنني لا أذكر أني رأيته جيدا   ولو لمرة واحدة ، أود اني لو أصادفه ذات يوم أن أسأله ،ما بالك يا رجل ، لماذا كنت   غائبا رغم حضورك ، سيجيبني بالتأكيد ، لقمة العيش يا ولدي ، سأقول له ، لكنك مت   متعبا من الحياة ولم تذق طعما لها، سيجيبني ، رزق الأولاد يا ولدي ....

لماذا فقط في هذا العالم الثالث ، لماذا يجب على أحدنا أن يبيع عمره من   أجل لقمة العيش ومن أجل رزق الأولاد ، هل العيش لقمه ؟ بالتأكيد لا ، لكننا نبيع   هذا العمر مقابل نقيضة ، وأسأل أن كم مرة في العمر ، يضيع هذا العمر ، دون أن نحصل   عليه ، وكم من مرة في هذه الحياة ،تضيع الحياة ، من أجل الموت ...

في قريتنا    ، في حينا ، في مدينتنا ، يولد الناس كل الناس ، بغض النظر عما سيلبسون لاحقا ،   وبغض النظر عن ما سيدرسون لاحقا ، بغض النظر عن (الستايل ) للشكل والحياة ، في صيغة   موحدة تضم الجميع تحت قباحتها ، يولدون ، من أجل الكبت والفقر والشقاء ، من أجل   القوالب الجاهزة والأقدار المسبقة ومن أجل ارضاء المجتمع ومواءمة ما يسمى بمنظومة   التقاليد والرضا بالحال والمسايرة ، من أجل تجمد التفكير والتكبيل النفسي وسرقة   الذات ....

يغني محمد منير ( من العاقل فينا مين المجنون ،من الزالم فينا   مين المزلوم ،مين ما يعرفش غير كلمة نعم ،مين اللي محميلك خضار ،الفلاحين غلابه    ،مين اللي محميلك عمار ، عمالك الطيابه ...يا ناس يا ناس يا مكبوتة ،هي ده الحتوته    ،حدوته مصريه ...).

لكنما ( الحدوتة ) ليست مصرية وحسب ، انما عربية ،   فالفقر هو العامل الأوحد بين العرب ، ولقمة العيش ، هي القاتل الأوحد ، وأسأل   أحيانا ، لماذا يكتب علينا في هذا الوطن العربي أن نشقى مقابل القليل من المال ،   هذا القليل الذي بالكاد يكفي الكفاف، وكم من أسرة عربية ، تعمل فيها الزوجة وزيرا   للمالية يحسب النفقات بالملاليم ، وتقتر من أجل أأن لا تجوع الأفواه قبل أن يأتي   آخر الشهر ويأتي هذا الاله -الراتب ، لماذا لا يستطيع معلم المدرسة أن يدخر شيئا   لاجازة الصيف ، وشيئا للسينما ، وشيئا للحياة ، لماذا لا نستطيع أن نمارس الحب في   هذا الوطن القاسي قبل أن نوفر المهر والبيت ، لماذا لا نستطيع جميعا -عمالا وفلاحين   ورعاة ومهنيين ووو- أن نلبس ملابس فاخرة ، وأنيقة ، لماذا لا يستطيع مزارع عربي في   السودان ،أن يعد زوجتة باجازة في بيروت أو عمان ،لماذا يسكن بعض الناس في براكية   الزينكو ولماذا يتم استغلالهم مقابل رواتب غاية في الاحتقار ولماذا ينذر الواحد منا   حياته صامتا رغم كل هذه الأغلال ...

نعم سيدي - حاضر سيدي
جماهير لا تعرف   غير كلمة نعم ..

كل شيئ في بلاد العرب ،قضاء وقدر ، الله ، وآمنا به ،   واستسلمنا لقضائة ، لكن لماذا نشرك بالله كل الطغاة اذ نصمت على   ظلمهم ....

أليس صاحب المصنع في المناطق المؤهلة أحد أبرز الطغاة ، ألا يكسب   الملايين من عرق وكد الغلابة الذين يتقاضون مئة وعشرون دينارا ...
أليست السلطة   طاغية اذ هي تعطي الجندي والمعلم راتبا لا يتجاوز المئتي جنية ...
أليس من الظلم    ، أن يمضي جندي لبناني الليل حارسا للشخصيات مقابل المئتي دولار ...
أليس الوقوف   بالدور أما الجمعية أو المؤسسة الاستهلاكية ، أليس وجها صارخا للعبودية ...
أليس   ... أليس...أليس

متى سيتغير هذا الواقع ، متى سينتهي الفقر ، متى لن نرى   المسحة الحزينة والكدح ، متى ستعم العدالة وينتهي الاستغلال والتجويع   والظلم ....

يا الله ...ساعدنا كي نرحم أنفسنا ولو قليلا ....

 








طباعة
  • المشاهدات: 11592
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
21-03-2008 05:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم