بقلم : يوسف رجا الرفاعي
منذ ان سلمتها بريطانيا العظمى البائدة قيادة العالم طوعاً بعد ان ادركت انها لم تعد قادرة على الاستمرار في إحكام قبضتها والإبقاء على ظلمها الجائر على كامل مستعمراتها التي كانت لا تغيب عنها الشمس.

لا يوجد سطر واحد في تاريخ امريكا كله منذ ذلك التاريخ ما يدعوا الى الإشادة به عسكريا ولا يوجد فيه جملةً واحدةً يمكن ان تكون مُلهمةً لجندي او فخراً لمواطن امريكي مهما كان ولاؤه وانتماؤه لها ، فهل سمع احد انها خاضت حرباً مع دولة لا اقول عظمى بل دولة من دول العالم المستقلة استقلالا حقيقيا ، هل سمع احد انها خاضت حربا مع جيش نظامي لأي دولة من دول العالم كله ، جميع حروبها والأصح جميع اعتداءاتها وتدخلاتها العسكرية كانت تحديدا على دولٍ فقيرةٍ ضعيفةٍ مفككةٍ اصلاً او مع ميليشيات او فصائل تقاتل دفاعاً عن شعوبها المقهورة المغلوب على امرها ، أين معاركها مع الجيوش النظامية ؟ في فيتنام ؟

في افغانستان ؟ في لبنان ؟ ام في العراق التي دمرتها وجرَّبَت كل أسلحتها المُحرَّمة فيه دون ان تواجه جنديا واحداً ؟ام معركتها الفاصله الحاسمة في غزة؟

والجواب انه لم يكن لها اي صدام مع اي جيش نظامي على الاطلاق حتى مع الجيش الياباني النظامي الذي نفذ تلك الضربة الاستباقية التي قام بها سلاح الجو الياباني والذي قام به الطيارون الانتحاريون الذين نفذوا الهجوم على ميناء بيرل هاربر وأحدَثَ دمارا هائلا بالأسطول الامريكي والقوات العسكرية التابعة له في المحيط الهادئ فكانت ضربة قاضية وهزيمة مدويه وكان وقع هذه الهزيمة عليها ان ارتكبت ابشع جريمة في ذلك الوقت بالقائها القنابل النووية على المدن اليابانية وهذا هو الفشل الاكبر عندما لا تستطيع الجيوش ان تقابل وتقاتل جيوشا مثلها فتعمد الى ارتكاب المجازر والجرائم بحق الأبرياء من البشر وحتى الشجر والحجر ، وما عدا ذلك فهي لم تقاتل جيوشاً نظامية غير تلك الجويش التي قاتلتها ضمن دول الحلف الذي تَشَكَّل لهزيمة المانيا في الحرب العالمية الثانية ولم تقاتل منفردةً أبداً والى يومنا هذا .

اعلم والكل يعلم ان امريكا تمتلك ترسانة من الاسلحة ما يمكنها من دمار معظم ما على هذا الكوكب فيما لو استعملت بعضا منها وليس كل ما لديها واعلم والكل يعلم ان الاتحاد السوفيتي كان يمتلك اسلحة توازي ما عند امريكا في زمن توازن القوى واعلم والكل يعلم ان روسيا لم تُهزَم بل انهارت وتفككت بوجود كامل أسلحتها دون استعمال طلقة واحدة من تلك الاسلحة على الاطلاق .

اعلم والكل يعلم انه لو ألقيت هذه القنابل التي ألقتها امريكا على المواطنين الأبرياء من الاطفال والنساء والشيوخ من اهل غزه وقتلتهم عمداً وعن سبق اصرار وترصد لو انها القيت على المانيا او بريطانيا او فرنسا او ايطاليا او استراليا او كندا او الكيان المصطنع ( وهؤلاء هم الحلف الداعم لهذه الحرب الامريكية الاجرامية على غزة) لو القيت على اي دولة من هذه الدول لرفعت الراية البيضاء مستسلمة استسلاماً غير مشروط ولجثت على الركب إذعاناً وخضوعا .

هيمنتها المطلقة على النظام العالمي دون وجود رادع وذلك لانعدام توازن القوى بالمطلق جعلت نفسها صاحبة الولاية على شعوب العالم ونصَّبَت نفسها فرعون التاريخ الحديث فكأنما تقول كما قال فرعون " ما أريكم إلا ما أرى " او إن شِئتَ قل هي النمرود بعينه ، فهي تقولها علانية ارعاباً وارهاباً لكل النظام العالمي دون مواربه ودون استثناء
" وانا احيي واميت ".

سنن الكون ثابتة لا تتغير فنهاية الطغيان والجبروت والإفساد حتمية تماما كما كانت نهاية فرعون والنمرود ، ولا تكون نهاية الطغاة عادية بل تاتي بشكل مغاير للعقل والفطرة الطبيعية فتاتي بما لا يخطر على قلب انس ولا جان ،
نعود للقول ان القوة المادية والعسكرية الامريكية شيء مذهل ولكنها كما قال ويقول احد اكثر رؤسائها عنفواناً وخُيَلاَءَ بانها تحت تهديد الحرب الاهلية التي تظهر علامات وإشارات اندلاعها بين الحين والأخر مما تشهده من محاولات تمرد ومطالبات بالانفصال والاستقلال لبعض الولايات واخرها ما كان قبل اسابيع قليله وتم احتواؤها ولكن على ما يبدو ان هناك نارا تحت الرماد ، وهذا امر طبيعي وارد جداً ومحتمل جدا وليس امرا مستحيل .


وحتى ينسجم القول مع تلك السنن الكونية فإن ما نراه اليوم من اصرار امريكي على الاستمرار في جريمتها وعدوانها الغاشم على الأبرياء العزل في غزة بعد هذه الأشهر الستة والتي ألقت فيها معظم ترسانتها البرية والجوية والبحرية على الأبرياء العزل هناك دون ان تحقق عُشر مِعشار هدف من اهدافها هي وحلفائها وان هذا الصمود الاسطوري للمقاومة برغم كل هذا الاجرام الذي يراه العالم لهو الدليل الاكيد والحتمي للنصر المؤزر لهذه المقاومة على امريكا وحلفائها وكنتيجة حتمية لهذه الحرب سيكون زوالها عن خارطة العالم كأعظم قوة وستتفكك وتنهار بصورة دراماتيكية مخجلة وما بريطانيا التي كانت عظمى عنها ببعيد فها هي اليوم اصبحت مساحتها اصغر من جزيرة في محيط بعد ان كانت امبراطورية لا تغيب عنها الشمس.

إن الطائفة المقاتلة في غزة اليوم هي طبق الاصل عن نموذج القادة الابطال العظام الذين انتهت على ايديهم اعظم امبراطوريتين عرفهما التاريخ ولذلك فإن نصرهم على من يقاتلونهم اليوم سيكون حتمياً ومؤكداً وعلى الرغم من بساطة أسلحتهم سيكون هذا النصر اسهل.