26-03-2024 08:37 AM
سرايا - مهما اجتهد العبد في أداء العبادة فلن يوفيها حقها؛ لذلك جاء في الحديث عن النبي -ﷺ- أنه قال: لن يُنجي أحداً منكم عملُه قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا؛ إلا أن يتغمدني الله برحمة، سددوا وقاربوا، واغدوا وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصد القصد، تبلغوا [البخاري (5673)].
فلا بد أن يختلج العبادة خلل، ويعتريها نقص، تختلف وتتفاوت مراتبه.
والاختلاف والخلل حسب الأشخاص واجتهادهم في أدائها، والخلل قد يكون مفسداً للعمل من أصله، كما قال الله -عز وجل- في عمل المشركين: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23] أو يكون الخلل في العمل نفسه، إذا لم يكن موافقاً لسنة الرسول -ﷺ-، كما قال -ﷺ-: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ [مسلم (1718)].
وهذان الأصلان هما شرطا قبول العمل؛ فالخلل في الأول مفسد لجميع الأعمال، والخلل في الثاني مفسد للعمل نفسه.
ومن الأعمال ما يسقط عنها بعض الخلل بما يجبره، كسجود السهو في الصلاة، أو القضاء في الصيام، أو الدم في بعض أعمال الحج.
فلا يسلم أحد من خلل يعتري أداء العبادة، أو إتمامها بكاملها في أقل الأحوال؛ فهو إذن بحاجة إلى أمرين:
الأول: أن يستغفر الله، فيسأله الغفران مما أخل، أو أنقص في عمله؛ فلا بد له هنا من استئناف التوبة.
الثاني: أن يذكر الله -عز وجل- شكراً على ما أنعم به عليه من تمام العبادة.
قال ابن القيم -رحمه الله-: "ومنزلة التوبة والاستغفار أول المنازل وأوسطها وآخرها، فلا يفارقها العبد السالك، ولا يزال فيها إلى الممات، وإن ارتحل إلى منزل آخر ارتحل بها، واستصحبها معه ونزل بها" [مدارج السالكين (1/196)].