26-03-2024 08:02 AM
سرايا - قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 183] هذه هي حكمتُه الكبرى، وتلك هي فائدته العظمى؛ تربية النفس، صلاح القلب، تقوى الله -عز وجل-.
وهنا سؤال: هل كل من صام؛ حصَّل التقوى، وخرج بالمقصود؟
الجواب: لا؛ لأن النبي ﷺ قال: رُبَّ قائمٍ حظُّه من قيامه السَّهَر، ورُبَّ صائمٍ حظُّه من صيامه الجوع، والعطش[1].
ولهذا كان لا بد أن نقف، وقفة لنتعرف: كيف نحصِّل التقوى في رمضان؟
أولًا: لا بد من الاستعداد لرمضان:
لا بد من عقد العزم على تعميره بالطاعات، والتخلص فيه مِن المعاصي، والسيئات، لا بد من الاستعداد للعمل، الاستعداد للبذل، الاستعداد للتضحيَة.
فالنبي ﷺ كان إذا دخل رمضان، أو اقترب دخوله، يقول لأصحابه: قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تُفتَح أبواب الجنة، وتُغلَق أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه الشياطين، فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر، مَن حُرم خيرَها فقد حُرِمَ[2].
ثانيًا: استحضر ثواب الصيام:
إن استحضار ثواب الصيام مما يُعِين العبد على صدقه، وإخلاصه، ومن ثَم تحصيل التقوى، ولهذا قال النبي ﷺ: من صام رمضان إيمانًا، واحتسابًا؛ غُفِر له ما تقدم من ذنبه[3].
ثالثًا: صُمْ عن الحرام قبل صومك عن الحلال:
فكما صمت عن الطعام والشراب الحلالينِ، ينبغي قبل ذلك أن تصوم عن الحرام، ولهذا شُرع الصيام؛ يقول -عليه الصلاة والسلام-: مَن لم يدَعْ قول الوزر، والعملَ به، فليس لله حاجةٌ في أن يدَعَ طعامَه، وشرابه[4].
قال جابر: “إذا صُمْتَ؛ فليصُمْ سمعك، وبصرك، ولسانك عن الكذب، وليكن عليك سكينة، ووقار يوم صومك، ولا تجعَلْ يوم صومك، ويوم فِطرك سواءً”[5].
رابعًا: عِش مع القرآن:
فرمضان شهر القرآن؛ قال تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ [البقرة: 185].
وكان جبريلُ ينزل على النبي ﷺ كل ليلة في رمضان، يدارسه النبي القرآن، فينبغي للمؤمن أن يكثر من القراءة في رمضان، مع التدبر المستطاع؛ فإن ذلك مِن أعظم ما يُحصِّل التقوى في القلوب.
خامسًا: لا تفرِّطْ في القيام:
قيام الليل شرف المؤمن: هذا ما تنزَّل به أمين السماء جبريلُ على أمين الأرض محمد ﷺ حيث قال: يا محمد، عِشْ ما شئت؛ فإنك ميت، وأحبِبْ مَن شئت؛ فإنك مفارقه، واعمَلْ ما شئت؛ فإنك مَجْزِيٌّ به، واعلم أن شرف المؤمن قيامُه بالليل، وعِزَّه استغناؤُه عن الناس[6].