28-03-2024 10:30 AM
بقلم : أحمد الحوراني
غاية الإنسان أن يكون في الحياة مسرورًا وخالي البال ومرتاح الضمير، وكلٌّ منا وحده القادر أن يضع لتلك الحال معايير خاصة ليقرر أنه قد بلغها أم لا، ولربما كانت أقصر الطرق للفرح والسعادة أن يكون المرء متصالحًا مع نفسه وقانعًا بما يملكه وراضيًا بما لديه على قاعدة أن القناعة كنز لا يفنى ثم إن حالة الرضا تقودنا حُكمًا إلى توجيه التفكير توجيهًا سليمًا لأن يخلق لصاحبه نوعًا من الراحة، ولكل منا الحق في أن يمارس حياته بالوجهة التي يراها صحيحة وتتفق مع ميوله وقناعاته ومبادئه، وليس لأحد أن يُنكر على الآخر حقه في العيش وفق المسار الذي قرر أن يختطه بحرية تامة.
ونرى أن من مستلزمات الفرح الحقيقي أن ينشغل الإنسان بنفسه ويعمل ليملأ وقته بما هو مفيد ونافع ليكف بذلك عن ملاحقة الناس بالغمز واللمز منهم، ولكي يتحقق له ذلك فإن عليه السعي وضمن أقصى طاقات متاحة له ليجعل حياته تسير وفق نمط نوعي زاخر بالبذل والعطاء والانتاج، وتلك مرحلة، الوصول إليها من صاحبها جهدًا مع النفس ومثابرة وتضرّعًا دائمًا لله بأن يجعل حياته حياة مختلفة بالجوهر والمضمون، أي أن تكون حياة عريضة وإن لم تكن طويلة، أي حياة غنية بالتفكير والإنتاج، باعتبار أن هذا هو المقياس الصحيح للحياة وليس مقياسها طولها إذا كان الطول في غير إنتاج، فكثير من الناس ليست حياتهم إلا يوما واحدا متكررا، لا يتجاوز فيه الشخص سوى مهمات ثلاث لا تتعدى الأكل والشرب والنوم، ومن يكن هذا شأنه فإن أمسه سيكون كيومه، ويومه يشبه غده تمامًا.
ومن مسارات الفرح الحقيقي، أن يكون المرء منا متصالحًا مع نفسه ومنسجمًا مع ذاته، أفعاله تتناغم مع أقواله، الأمر الذي يندرج أيضًا على العواطف والمشاعر والإحساس بالآخرين والتي لا شك أنها تضاعف من إحساس الإنسان بالفرح والسرور النابع من داخله، فمشاركة الآخرين آمالهم وآلامهم هو فن لا يتقنه الكثيرون، ولو عرف كل منا مدى الفوائد التي سيجنيها من سعيه الحثيث لإسعاد من حوله لراح يجاهد في سبيل ذلك، والتجربة التي مررنا بها أكدت لنا أن الإنسان لا تكتمل سعادته إلا بوجود الآخرين فلن يكون سعيدا أبدا بمفرده لأجل ذلك عليه أن يواظب على علاقات مع الآخرين قائمة على الرضا والحلم المتبادل.
لقد خلق الله الإنسان بشكل فريد وزوده بالعقل والأحاسيس كي يسخرها لصالح الناس،وأعتقد أن مشاركة الآخرين في إطار معنوي يفوق مشاركتهم في جوانب مادية أضعافًا مضاعفة، وجزء من ذلك أن نبادر فورًا لمشاركة من يحيط بنا بالحب والنقاش والاهتمام والاصغاء، والحث والتشجيع على ما يقوموا به وعدم الانتقاص أو التقليل من أي شان من شؤونهم.
قالوا «إن المرء بأصغريه قلبه ولسانه» ولا أجمل من قلب الإنسان، تصلح أوتاره فيفيض رحمة وشفقة وحبًّا وحنانًا، ومعاني لطافًا وشعورًا رقيقًا، حتى يتجاوز في سموه الملائكة المقربين؛ وتفسد أوتاره فينضج قسوة وسوءًا حتى يَهْوي إلى أسفل سافلين.
Ahmad.h@yu.edu.jo
الراي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-03-2024 10:30 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |