حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,16 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 3930

القضيّة الفلسطينيّة في ضميرجلالة الملك عبد لله الثّاني (1)

القضيّة الفلسطينيّة في ضميرجلالة الملك عبد لله الثّاني (1)

القضيّة الفلسطينيّة في ضميرجلالة الملك عبد لله الثّاني (1)

28-03-2024 10:41 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عبد الغفور القرعان
مقدّمة تاريخيّة: الوصاية الهاشميّة على المقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة في القدس.

لم تكن مواقف الملوك والأمراء الهاشميّين من القضيّة الفلسطينيّة والمّقدسات الإسلاميّة والمسيحيّة في القدس الشريف مواقف طارئة أو آنيّة،وإنّما كانت وستبقى مواقف راسخة في ضمائرهم ووجدانهم توارثوها منذ عهد جدّهم الأوّل الّنبي الهاشميّ محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم،لذا كانت مواقف ملوك وأمراء وأشراف آل هاشم متأصّلة أساسها العقيدة الإسلامية السّمحة أوَلا والالتزام بالمبادئ الإنسانيّة والقوميّة والوطنيّة. ومن هنا جاءت الوصاية الهاشميّة التي تشرّف بحملها بدايةً المغفور له الشّريف الحسين بن علي طيّب الله ثراه،قائد الثورة العربيّة الكبرى،وذلك بعد تبرّعه لإعمار المسجد الأقصى عام 1924 وجاء هذا الّتشريف بإجماع شخصيّات وجمعيّات وطنيّة فلسطينيّة كان في مقدّمتهم المرحوم الحاج أمين الحسيني،المفتي العام للقدس ورئيس المجلس الأعلى في ذلك الوقت. وكان ذلك الإعمار هو الإعمار الأوّل للمسجد الأقصى.وبعد فاة الشّريف الحسين بن علي طيّب الله ثراه في الثاني من حزيران عام 1931 في عمان أصرّ أهالي وأعيان القدس على أن يُدفن في رحاب المسجد الأقصى تقديرًا له على مواقفه المشرِّفة من المسجد الأقصى والمقدسات ولما كانوا يرونه من علاقةٍ روحانية بين الشريف الحسين والمسجد الأقصي،وبالفعل ووري جثمانه الثرى في حرم المسجد الأقصى.
ثم انتقلت الوصاية الهاشمية إلى جلالة المغفور له الملك المؤسّس الملك عبد الله الأول وكان حينها أميرًا لإمارة شرق الأردن،وبقي اهتمام الملك المؤسِّس بالمسجد الأقصى والمقدّسات في مدينة القدس واهتمامه بالقضيّة الفلسطينيّة،وعند بداية حرب عام سنة 1948 دعا جلالته إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء في الدّيوان الملكي في صباح 17 أيار 1948 وقال: ( أريد منكم تأليف مجلس وصاية على العرش لأنّني أريد أن أتولى بنفسي قيادة القوات في القدس،إنّي لا أطيق البقاء على قيد الحياة إذا سقطت القدس وأنا أتفرج).وبالفعل قاد المغفور له الملك المؤسس الجيش العربي في فلسطين،فخاض الجيش العربي الأردنيُّ البطولات وقدّم التضحيات من أجل الدفاع عن أرض فلسطين والقدس وارتقى مئات الشهداء والجرحى من الجيش الأردني في الذود عن ثرى فلسطين والمقدّسات وخاضوا معارك بطولية في باب الواد واللطرون ومعركة الحي اليهودي ومعركة حي مشيرم ومعركة الشيخ جراح وغيرها من المعارك في كافة أرجاء فلسطين. وعلى الرغم من عدم التكافؤ في التسليح ما بين العصابات اليهودية والجيش العربي إلا أن الجيش استطاع أن يحافظ على القدس الشرقيّة والكثير من الأراضي في المدن والقرى الفلسطينية.وبقي جلالة المغفور له وفيًّا للمقدسات في القدس الشريف إلى أن طالته يدُ الغدر فارتقى شهيدًا في رحاب المسجد الأقصى بالقرب من ضريح والده الشريف الحسين بن علي،فكان هذا التكريم ربّانيًّا بأن اختاره جلّ وعلا شهيدًا على أرض مباركة بجانب مسرى جده المصطفى صلّى الله عليه وسلم.
وبعد أن تسلّم المغفور له الملك طلال بن عبد الله واصل اهتمامه بالمقدسات الإسلامية والمسيحية،فزارجلالته نابلس بتاريخ الثالث والعشرين من تشرين الأول عام 1951م ثم زار القدس في التاسع والعشرين من تشرين الأول من نفس العام وألقى جلالته كلمة ركّز فيها على عروبة القدس وهنّأ أهلها لتمكنهم والجيش من الاحتفاظ بها عربية.
ومنذ اللحظات الأولى من تسلّم جلالة الملك الباني الحسين بن طلال طيّب الله ثراه سلطاته الدستورية في الثاني من أيارعام 1953م لم تغب عن فكر جلالته القضية الفلسطينية والمقدّسات في مدينة القدس الشّريف،فأمر جلالته بتشكيل لجنة لإعمار المقدسات الإسلاميّة في الحرم القدسيّ الشّريف في عام 1945م فبدأ الإعمار الثاني عام 1956م وعام 1959م وانتهى في السادس من آب 1964م.
وبعد تعرّض المسجد الأقصى لحريق على يد أحد المتطرفين اليهود في الحادي والعشرين من آب سنة 1969 والذي أتى على جميع أرجاء المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة،أمر جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيّب الله ثراه بالبدء بإعمار المسجد الأقصى وقبّة الصخرة وجميع المرافق التي أتى عليها الحريق المشؤوم فأعيد المسجدان وكافة المرافق إلى ما كانت عليه قبل الحريق ما عدا منبر صلاح الدين.كما أمر جلالة الملك الباني طيب الله ثراه بإنشاء كليتي الدعوة وأصول الدين في القدس وكلية أخرى في قلقيلية ومدارس شرعية في كل القدس،الخليل،نابلس وقسم الآثار الإسلامية وقسم إحياء التراث الإسلامي في القدس.
وبعد أن أعلن جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال طيّب الله ثراه فكّ الارتباط القانوني والإداري مع الضّفّة الغربية بتاريخ 31 تموز سنة 1988 استثنى هذا القرار مدينة القدس حتى لا تقع المقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة فريسة تحت سيطرة الكيان الصهيوني لتنفيذ مخططاتهم لطمس الطابع الإسلاميّ والمسيحيّ لهذه المقدسات.
وبعد أن انتقل جلالة الملك الحسين بن طلال طيّب الله ثراه إلى الرفيق الأعلى في 7 شباط 1999، وبعد أن تولّى جلالة الملك عبد الله الثّاني سلطاته الدّستوريّة ملكًا على المملكة الأردنيّة الهاشميّة في هذا التاريخ بدأ جلالته بالإعمار الهاشمي الرابع الذي بدأ حينها وما زال قائمًا حتّى هذه اللحظة،فكان خطابُ جلالته الأول أمام البرلمان الأردني،فكانت القضية الفلسطينية هي شغل جلالته الشاغل في ذلك الخطاب وكانت من أولى كلمات جلالته في الخطاب:(وستستمر حكومتى بدعم الأشقّاء الفلسطينيّين وإسنادهم حتى يتمكّنوا من استعادة حقوقهم وإقامة دولتهم المستقلّة على ترابهم الوطنيّ وعاصمتها القدس الشريف)،وهذا الخطاب أوحى للقاصي والداني بأنّ جلالة الملك عبد الله الثاني يسير على نهج أبيه وأجداده الأطهار حيال القضيّة الفلسطينيّة.
ومما يدلّل على اهتمام جلالة الملك عبد الثاني حفظه الله وأيّد ملكه بالمقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة وتمسّكه بالوصاية الهاشمية على تلك المقدسات،وجّه جلالتُه بتشكيل لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك وقبّة الصّخرة بموجب قانون،فبدأت هذه اللجنة ومنذ إقرار القانون مهامّها بالعناية بالمسجد الأقصى المبارك وإجراء أعمال الصّيانة في جميع مرافق المسجد.
وقد شملت بعض مشاريع الإعمار والتّرميم في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني ما يلي:
أولا: إعادة بناء منبر صلاح الدين في المسجد الأقصى كما كان، والذي أُنجز بسواعدَ وخبراتٍ أردنية، وأُرسل هذا المنبر إلى القدس في الثالث والعشرين من كانون الثاني عام 2007 وتم تركيبه في مكانه في المسجد الأقصى.
ثانيا: إعادة ترميم الحائطين الجنوبي والشرقي للمسجد الأقصى المبارك.
ثالثا: مشروع نظام قضبان الشد والربط لجدران المسجد المرواني.
رابعا: نظام الإنذار وإطفاء الحريق في المسجد الأقصى المبارك.
خامسا: البنى والمرافق التحتية.
سادسا: ترميم الأعمال الفنية والزخرفية ذات الطابع الإسلامي لقبة الصخرة.
سابعا: ترميم مهد سيدنا عيسى عليه السلام.
ثامنا: ترميم القبر المُقدّس في كنيسة القيامة في القدس،والذي تمّ الانتهاء من هذا المشروع عام 2017.
وما زال الإعمار الهاشميُّ متواصلًا في عهد جلالة الملك عبد الله الثَاني من خلال المشاريع المستقبليَّة الرّامية لترميم المقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة والإشراف عليها.
أما أهمّيّة الوصاية الهاشميّة على المقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة في القدس فيتلخّص بالحفاظ على الطّابع العربيّ الإسلاميّ والمسيحيّ لتلك المقدسات وعدم العبث بها وتعريضها للتزوير والتشويه من قبل دولة الكيان المحتل والتي حاولت وما زالت تحاول بكلّ ما أوتيت من قوّة تهويد المدينة القديمة في القدس الشرقيّة لطمس التاريخ والحقائق لاستخدامها مستقبلا لإثبات ملكيتهم لها.
إنّ أكثر ما يُزعج دولة الكيان هي الوصاية الهاشميّة التي تقف في وجه تنفيذ مخططاتهم الاستيطانيّة في القدس الشرقية،وما زالوا يحاولون محاولاتهم من أجل الحدِّ أو التلاعب بالوصاية،إلّا أنّ جهود وحكمة جلالة الملك عبد الله الثّاني حالتا دون ذلك،كما أنّ الوصاية الهاشميّة حافظت على الوضع القائم للمدينة المقدّسة.ومن القضايا القريبة المهمّة التي وقفت فيها المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثّاني في وجه محاولات تهويد مدينة القدس هي قضية حي الشّيخ جرّاح المقدسيّ حينما حاولت حكومة الكيان الصهيوني وعن طريق القضاء طرد السكان العرب الأصليَين من مساكنهم لتسليمها للمستوطنين اليهود،فما كان من حكومة المملكة الأردنية الهاشمية وبتوجيه من جلالة الملك عبد الله الثاَني إلّا أن تقدم كافة الوثائق التي بحوزة الأردن وتم تصديق تلك الوثائق وتزويد أهالي الشيخ جرّاح بالاتّفاقية الموقعة بين الأردن والأونروا،مما أجبر المحكمة الصهيونية على وقف كافة إجراءات إخلاء أهالي الشيخ جراح لمساكنهم.
ولقطع الطريق على كيان الاحتلال من التلاعب بالوصاية الهاشمية، وقّعَ جلالة الملك عبد الله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اتفاقًا تاريخيًّا في عمان في الحادي والثلاثين من آذار عام 2013 أُعيد التأكيد فيه على الوصاية الهاشميّة على الأماكن المقدسة الإسلاميَّة والمسيحيَّة في مدينة القدس الشريف.
وبهذا الاتِّفاق أنهى جلالة الملك عبد الله الثاني حُلم دولة الاحتلال بالاستفراد بالأماكن المقدّسة – الإسلاميّة والمسيحيّة – لطمس هويّتها وإضفاء الطّابع اليهودي عليها.
عبد الغفور القرعان
يتبع في المقال القادم








طباعة
  • المشاهدات: 3930
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
28-03-2024 10:41 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم