30-03-2024 09:21 AM
بقلم : سارة طالب السهيل
كان ولا يزال الموقع الجغرافي للأردن بتوسطه بين العراق شرقا وفلسطين غربا وسوريا شمالاً والسعودية جنوباً، مركز للحركة التجارية والسياسية والعسكرية.
وهذا الموقع نفسه في قلب الشرق الأوسط قد جلب له أقدم الحضارات قبل التاريخ، وجعلها في عالمنا اليوم محط أنظار العالم، وهو يواجه تحديات إقليمية هي محل النزاع والصراع العربي الإسرائيلي الذي فرض على الأردن وقادته المتعاقبين، وفي القلب منهم جلاله الملك عبد الله الثاني، فن إدارة أزماته السياسية الطاحنة، والتي شهد العالم لهم بعبقرية فن إدارة الصراع بما يحافظ على الأمن القومي الأردني، ويصون مقدرات شعبه.
هذا الموقع الجغرافي جعل من الأردن حلقة وصل بين الحضارات القديمة، وبوابة الدخول إلى الشام حيث كانت تمر من خلاله رحلة الصيف القادمة من الحجاز. ناهيك عن حضارة الأردن ذاته من آلاف السنين
تتمتع جغرافية الأردن بالتنوع في المظاهر الطبيعية مثل البحر الميت، وخليج العقبة، على البحر الأحمر والمرتفعات الشرقية وصولا إلى الهضبة الأردنية، والسهول والوديان قد وفر لسكانه الاستقرار، وجعل من الأردن نقطة وصول إلى الأقاليم المجاورة في سوريا والسعودية ومصر ولبنان والعراق.
وأهلت هذه المقومات الجغرافية، الأردن ليكون مهدا لتعاقب حضارات عديدة وعريقة على أرضه.
وتواصلت عبر التاريخ وظائف رئيسية للأردن في العالم القديم استثمارا لموقعه الجغرافي المتوسط بين القارات تمثلت في حركة التجارة والحروب، حيث استتبع وجود محطات القوافل بالأردن ضرورة وجود حاميات لحراستها، وضرورة إقامة تحالفات سياسية لحماية حركة التجارة، وهو ما طبقته مملكة الأنباط بإقامة تحالف المدن العشرة التي شملت كل من عمان جرش إربد الحصن بيت رأس طبقة فحل أم قيس ومن سوريا: بصرى ودرعا ومن فلسطين بيسان.
خطر التخوم الروماني المنيع ضد غارات الفرس. ووظف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الموقع الجغرافي الفردي للأردن في معركة مؤتة.
يطل الأردن بنافذة بحرية على خليج العقبة جعلت له أهمية استراتيجية بحرية خلال الحرب العالمية الأولى والثانية.
وقد تزايدت أهمية خليج العقبة في العقدين الماضيين كمنفذ لتجارة الترانزيت للعراق وشمال السعودية، كما كانت العقبة حلقة الوصل بين العراق وسورية ولبنان ومصر وشمال إفريقيا، عند تعطل حركة الملاحة في قناة السويس بعد حرب أكتوبر.
السياسة الداخلية للأردن تعكسها تطورات كبيرة وجهود بعض المؤسسات مثل الهيئة المستقلة للانتخابات، ومركز تطوير المناهج الدراسية، وهيئة الانتخابات، التي تعمل على دعم التنوع الحزبي والسياسي والمشاركة السياسية للمواطنين، وفق مبادرة الملك عبدالله والتي قامت على حوار وطني واسع قبل عدة سنوات، ترجمت عمليا بعمل دستوري لتوسيع الأحزاب ودعم نسب تمثيلها في المجالس النيابية والبلدية، تسعى لتمكين المرأة في العمل السياسي الأردني.
ومن يتابع حجم الضغوط الدولية الإقليمية على الأردن–لا يمكنه تخيل تحدي قادتنا لهذه التحديات، بالعمل الموازي في الداخل الأردني الذي يموج بحركة ونشاط سياسي وثقافي وتنموي متواصل للتطوير والتحديث والبناء وتحدي المشكلات الإقليمية التي وضعتها فيها جغرافية البلاد سياسيا، والتي دفعت قادة المملكة، وعلى رأسهم الملك عبد الله الثاني لانتهاج سياسة منفتحة على العالم وأكثر مرونة لتجاوز عقبات التحدي الإقليمي والصراع العربي الإسرائيلي، وفي القلب منه القضية الفلسطينية.
وبالرغم من أن العناصر الجيوسياسية قد وضعت الأردن في قلب المنطقة العربية وأزمات دول الجوار التي أثرت في البلاد اقتصاديا مع تداعيات الصراع العربي الإسرائيلي واحتلال العراق والأزمة السورية المتواصلة، غير أن الأردن، وفي ظل موارده الضعيفة ومساحته الصغيرة استوعب كثيرا من هذه الأزمات بحنكة سياسية نافذة للملك عبد الله الثاني، وأدى دورا فاعلا في امتصاص واحتواء الأزمات العربية وتحقيق الاستقرار والأمن بالمنطقة.
ومبكرا استقبل الأردن عدد من الهجرات الفلسطينية أولها هجرة عام 1948 وثانيها هجرة عام 1967، بجانب هجرات لاحقة من قطاع غزة، ومن سوريا ومن العراق، ومن ليبيا ومن اليمن، ومن باكستان بعد حرب انفصال جزئها الشرقي عن جزئها الغربي المعروف اليوم باسم بنغلاديش.
وواجه الأردن بكل قوة وحزم تحديات الإرهاب وتهريب المخدرات، عبر حدوده التي.
تمتد إلى أكثر من 380 كيلو مترا، ونجحت أجهزة الأمن الوطنية الأردنية في مواجهة هذا التحدي.
فقد انتهجت الأردن سياسة حكيمة لامتصاص اشتعال الأزمات بالمنطقة العربية قوامها عدم التدخل في شؤون الآخرين، واحترام سيادة دول الجوار، والعمل على خفض التوتر في المنطقة واتباعه والتعاون العربي مع مصر والسعودية والعراق لحماية الأمن القومي العربي، وتحقيق التوازن في العلاقات الدولية بما يحفظ المصالح القومية للأردن.
وقد أسهم الأردن بأدوار رئيسية في تحقيق الاستقرار الإقليمي والعالمي ارتباطا بموقعه الاستراتيجي على مفترق الطرق بين أفريقيا وآسيا وأوروبا. فاشتراك الأردن على الحدود مع سوريا والعراق، جعلها محرك ولاعب مهم صناعة الأحداث في المنطقة. وشريك أساسي في صنع السلام.
فقد التزم الأردن بمعاهدة السلام، وعمل على دعم الاستقرار، ونجح في إقامة علاقات دبلوماسية قوية مع دول المنطقة ودول العالم، كما ناصر حقوق الإنسان والديمقراطية، وساهم بقوة في الجهود الدولية لتعزيز القيم الديمقراطية والإنسانية.
ورغم كل الضغوط الإقليمية المشتعلة في المنطقة، غير أن الأردن نجح ببراعة عبر قائده الملك عبد الله الثاني في تحقيق الاستقرار الإقليمي والعالمي من خلال التزامه بالسلام والأمن في المنطقة، وفي سياسته الداخلية التي حافظت على استقرار البلاد رغم الأزمات الاقتصادية.
وقد ساهم الأردن بفاعلية في مكافحة الإرهاب والتطرف، ووظف موقعه الاستراتيجي كجسر بين الشرق والغرب في توطيد علاقات قوية مع دول العالم في تعزيز الحوار والتفاهم في منع النزاعات الإقليمية وتقديم الوساطة الدبلوماسية لوقفها.
ولم يتوقف الأردن قيادة وشعبا لإغاثة الشعوب المتضررة، وتقديم يد العون لدعم اللاجئين الفلسطينيين والسوريين، وتوفير الرعاية اللازمة لهم، بجانب تقديم المساعدات الإنسانية للبلدان المجاورة المتضررة من النزاعات.
ويجاهد الأردن لاحتواء الأزمات الاقتصادية عن طريق جذب الاستثمار الأجنبي وتطوير الاقتصاد لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في البلاد والمنطقة، وإطلاقه العديد من المبادرات في هذا السياق، مثل مبادرة منطقة البحر الميت الاقتصادية على جذب الاستثمارات وتعزيز التبادل التجاري مع دول الإقليم والعالم كله كما كانت علاقاته التجارية الممتدة في الحضارات القديمة.
و يبقى الأردن محط أنظار لتنسيقه ونظافته وترتيبه ومحط حسد لأمنه واستقراره ومحط اعجاب لثقافة شعبه وتحضره ومازال المستقبل أمامنا للكثير من الإنجازات والتطور والازدهار.
الرأي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
30-03-2024 09:21 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |