حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,22 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 11583

الأمن الثقافي والحب

الأمن الثقافي والحب

الأمن الثقافي والحب

30-03-2024 09:41 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المحامي أكرم الزعبي الرئيس السابق لرابطة الكتّاب الأردنيين
كان الحب وسيبقى، أجمل المشاعر الكونية على الإطلاق، فهو الطاقة الإيجابية الدافعة للعطاء والتضحية، سواءً عند الإنسان أو الحيوان، وسواءً كان بالاختيار الحر أو بالفطرة السيكوفيزيائية، حتى أنّه قد يصل إلى حدّ التضحية بالنفس وإزهاقها في سبيل المحبوب.

ليس شرطًا أن يكون الحبّ ماديًا، بمعنى أن يكون موجّها فيزيائيًا نحو شيء ملموس، فالصوفيّ العاشق للذات الإلهية لذاتها، يعشقها لا طمعًا في جنّةٍ ولا خوفًا من نار، والحزبيُّ قد يكونُ عاشقًا لفكرةٍ يعاني بسببها الظلم والسجن والاستبداد، ومع ذلك لا يتراجع ولا يستسلم.

يقودنا ذلك إلى صورة من أجمل صور الحب والعشق، وهي حب وعشق الوطن، ذاك الذي جعل أكثر من مليونين فلبينيي يضحّون بأرواحهم في سبيل التحرر، وهو ذاته ما جعل من الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد، وهو ما نراه عيانًا كل يوم في فلسطين المحتلّة من التضحية بالدماء والنفوس.

حب الوطن بهذه الصورة يغدو ضرورةً من ضرورات الأمن الثقافي لأيّ بلدٍ أو أمّة، على أن يكون صادقًا غير مرتبطٍ بمصلحة أو غاية، ما يجعله سلوكًا يوميًا لجهة الأفعال والأقوال، ذلك أنّ الأوطان التي تُبنى وتعلو بحبّ الوطن تتصدرُ سُلّم التطور والعمران، ولعلّ المثال الأمريكي (بعيدًا عن المآلات السياسية) قبل عقودٍ طويلة في تقديم المواطنة على ما سواها، والتشبّث بفكرة (الحلم الأمريكي) والتعلّق بها جعل منها مثالًا حقيقيًا للبناء والتطور، عبر زرع فكرة الانتماء، وتعزيز الحب لأمريكا بمختلف الوسائل والسبل.

كلّ ذلك يقودنا إلى فكرة أنّ الحبّ يحتاجُ إلى أرضيةٍ قابلةٍ للحياة والنمو، وهو ما يُحتّم على الدولة بعقلها الجمعي أن تعمل على رعاية هذا الحبّ والحفاظ عليه، عبر تعزيزه بالإمكانات المتاحة، وعبر ممارستها دور الأم التي تحتضن (وتلّم) أبناءها، وتعزيز فكرة المواطنة سلوكًا وعملًا، عبر اجتراح وسائل جديدة تجعل من حبّ الوطن غايةً وهدفًا وعملًا يوميًا يمارسه المواطن (على اختلاف موقعه) بكل رضًا ومحبة، لأنّ نقيض فكرة الحب هو الخيانة، وأمّا البقاء على حالة الحياد فهو سلوكٌ لا يمارسه أصحاب المصالح والأجندات.

لعلي أعترفُ أنّ ما قادني لكتابة هذا المقال هو أغنية الفنان المرحوم متعب السقّار عبر الراديو حين كنتُ في طريقي المعتادة من إربد إلى عمّان (نحبّك والله نحبك، يا أردنّا نحبك، إنت تمدّ ايدك للخير، والله بعونه يُمدّك) فهاجت بي المشاعر التي جعلتني أذهب إلى يوتيوب وأعيد الأغنية مراتٍ كثيرة، لا بل وأغنّي معه (نحبك والله نحبك، يا أردنّا نحبك)، فقد اكتشفتُ من خلالها كم أنني أحبّ الأردن وأردنيّتي وهويّتي ومواطنتي دون طمعٍ بشيء، ودون أن يتعارض ذلك مع حبّي لأمتّي العربية من الماء إلى الماء.
أكرم الزعبي
رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين








طباعة
  • المشاهدات: 11583
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
30-03-2024 09:41 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم