31-03-2024 10:10 AM
بقلم : ا. د. أمين مشاقبة
اعتدت الكتابة عن الوطن وللوطن دون مِنَّة أو خوف في السراء والضراء فقد صدر لي أربعة عشر طبعة من النظام السياسي الأردني، ومئات المقالات أتناول بها الشأن الأردني في كل جوانبه وجوانحه، ووصل الأمر بأحد رؤساء الوزارات السابقة أن يقول لي: «أردنيتك زائدة».
نعم أردني أصيل وافتخر بوطني ودولتي وشعبي العظيم لست وَجِلاً أن أقول «أنا أردني» هكذا وُلدنا وتربينا وترعرعنا في أطراف الصحراء من المفرق الأبيّة، واعتقد جازماً أن هذا الأمر موجود لدى كل أردني غيور وهذا شأن الأردنيين كافة دون استثناء، يُقال في الشدة يُقاس الصبر، وفي النقاش يقاس العقل وفي المواقف يقاس البشر.
تمر القضية الفلسطينية في محنة كبرى وحالة من الإمعان والانتقام في القتل والاستمراء في الاعتداء الغاشم دون رادع فقيادة إسرائيل السياسية والعسكرية لا تسمع من أحد حتى من أقرب الحلفاء لها، وتضرب بالحائط قرار مجلس الأمن وقرارات محكمة العدل الدولية وهي مُتمادية في التدمير والقتل دون أي رادع أخلاقي أو إنساني، ونحن في الأردن من اللحظة الأولى للعدوان قلنا إن السفير شخص غير مرغوب فيه، وأوقفنا اتفاقية الماء والطاقة ورفضنا التعاون مع العدو الصهيوني في كل مجال، وانطلقت المساعدات الإنسانية والطبية إلى القطاع عبر البر والجو، وكنا أول دولة في العالم تنزل المساعدات من الجو وعلّمنا الآخرين كيف يكون ذلك، فالشعور الأردني عميق ومُتعاطف مع الأشقاء في غزة ولكل قطرة دم، أو شهيد، أو جريح ينفطر قلب كل أردني ويشعر بالأسى لما يجري، فكيف لا وهم الأشقاء الأقرب، فالقضية الفلسطينية عبر 75 عاماً في وجدان كل أردني، وما من بيت أردني إلاّ وفيه شهيد أو جريح من أجل فلسطين، وأنا مُحدثكم والدي أحد جرحى حرب الأيام الستة 1967، فكيف لنا في هذا الوطن أن لا نتعاطف ونحس بألم وشكوى أهل غزة وفلسطين، وما أن يقع الكوز بالجرة، تسُتل السيوف، وتنطلق السهام ضد الأردن ومواقفه، وتبدأ حملة من التخوين والتشويه لصورة البلد الصابر القابض على جمر العروبة والقضية، وتبدأ معها حركة مُضللة من البعض لنشر الفتنة والسواد والشر، ومحاولات تمزيق البنى الاجتماعية وخلق الشرخ الوطني للوحدة في أرجاء البلاد بحجج مختلفة، وأجندة مشبوهة وشعارات حقيرة لا تنم بالخير أو للخير للدولة الوطن، وهناك محاولات تشكيك في الدور والمواقف الأردنية، والإساءة للأمن الوطني، وهتافات مُسيئة نابعة من أجندات داخلية وخارجية للتأثير على الحالة الأردنية، ومرت البلاد بأقسى من ذلك ولكن الجميع يعرف أن الوطن له من يحميه ويذود عنه رجال لم يعرفوا الخيانة ولا الرياء فالمؤسسة العسكرية، والمؤسسات الأمنية مشهود لها بهذا الدور التاريخي والمستمر للحاضر والمستقبل، الدولة الأردنية تعطي الحق للمواطن في التعبير عن رأيه، وحقه محفوظ في التظاهر وإبداء الرأي بطريقة قانونية فنصوص الدستور واضحة في ذلك، لكن الإساءة للوطن الدولة غير مقبول من أياً كان، واهمية احترام القانون ضرورة، رأيت أحد ضباط الأمن العام يستقبل المتظاهرين ويعاملهم بلطف عال في الرقة والاحترام، ويُقابل هذا من البعض – ولا أعمم – بالسوء والاساءة، آخذين بعين الاعتبار أن الدور الأردني تجاه غزة متقدم جداً بالمقارنة مع مواقف وأدوار الغير، واتذكر هنا قول شاعر الأردن عرار حين قال: «فلا ود ولا وفاء ولا ذمام».
نحن أهل الحق بالقول والفعل ولا يضيرنا شيء قولوا ما شئتم ونحن نعرف أنفسنا أباً عن جد وكابرا عن كابر، هناك بعض الأقلام النظيفة دافعت عن الوطن لكن عددها لا يتعدى عدد أصابع اليد فأين الذين حصلوا على المغانم وتركوا الوطن؟، أين ذوو الخبرة والحكمة والعقل الرصين غابت أقلامهم وتصريحاتهم وحتى حضورهم في الدفاع عن الوطن؟ أين قيادات الأحزاب وأعضاؤها الذين تجاوز عددهم 81 ألفاً والقائمة تطول وتطول جداً للغائبين عن الساحة السياسية والإعلامية؟ نحن في هذا الوطن شركاء في المغنم والمغرم وما علينا إلا الوقوف مع الدولة الدولة في السراء والضراء والدفاع عنه على الأقل بالكلمة الصادقة والموقف الواضح وهذا أقل الإيمان وأدنى درجات الإنتماء والولاء.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
31-03-2024 10:10 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |