01-04-2024 09:32 AM
بقلم : غاندي النعانعة
" هل حاولت ؟ هل فشلت ؟ لا يهم، حاول مرة أُخرى، إفشل مرة أخرى، لَكن إفشل بشكل أفضل" .صمويل بيكيت
"لماذا نحن منهكون؟ لماذا نحن، الذين بدأنا بشغف وشجاعة، ونبل وإيمان، نصبح مفلسين...... لماذا إذا سقطنا لا نحاول النهوض، وبعد أن نفقد شيئًا، لا نسعى إلى شيء آخر؟ لماذا؟". تشيخوف
جزء لا يتجزأ من مسيرة النجاح هو الفشل، فهو المحنة التي تحمل في داخلها منحة الاستفادة والوفرة،و على الرغم مما يسببه من ألم وإحباط، إلا أن الفشل محفز للنهوض الفردي والجماعي ،و مصدر قوة، يتوخى الانسان به فهم الأخطاء، وتحسين نفسه لتحقيق النجاح في المحاولات القادمة.
و هو ركن أساسي في مخطط الإنسان النفسي و العصبي، فمن خلال بناء روابط جديدة و فهم الأسباب والعوامل التي أدت إلى الفشل، يمكننا تحديد الدروس والتغييرات التي يمكن تطبيقها في المستقبل، خاصة أن تجربة الفشل توفر لنا فرصة للنضج، وتطوير مهارات جديدة، وتعزيز قدراتنا في التعامل مع التحديات المقبلة، قد لا يؤدي إنكارها إلا إلى زيادة صعوبة التعامل مع المواقف المشابهة لها في المستقبل.
و يفترض بالفشل أن يعلمنا فضيلة التواضع ساعة نعترف به، و مرونة التنقل بين الأهداف ، و اتخاذ إجراء يعين على تجاوز الضعف، والعودة إلى المسار المنشود.
أما إذا تم تعزيز هذه القدرة في بيئة التعليم، فإنها قد تخرج بجيل من الشباب الذين يتمتعون بالقدرة على التكيف مع وجود الصعوبات، والازدهار في ظل الضغوطات المختلفة.
فهل يمكن تعليم (التعلم من الفشل)؟ و كيف يمكننا ذلك؟
إن الفعل التعليمي الموجه نحو تعليم( التعلم من الفشل) هو عملية أساسية لتنمية المرونة الذهنية وتحقيق النجاح في حياة الانسان و عمله، فثقافة التعلم من الفشل تدفع الطلاب إلى فهم الأخطاء وتحليلها، و من ثم توجههم نحو تحسين أدائهم بدلاً من الاستسلام للنتائج.
إن تضمين هذا النوع من التعليم لتحديات ومشروعات تطلب من الطلاب التفكير النقدي والتعامل بشكل إبداعي،يشجع الطلاب على تحويل تجارب الفشل إلى فرص للتدبر؛ عبر التفكير الإيجابي، و استنتاج الخطأ لمساعدة الطلاب على الفهم، و لا بد أننا بذلك سننمي طلابا قادرين على التكيف مع التحديات، وتحقيق النجاح في حياتهم شخصيا و مهنيا، كون أن مهارات التحليل والتقييم، و فهم جذور الفشل، تجنب الطلبة تكرار الأخطاء في المستقبل.
ولعله من المهم عندئذ أن نضفي الأهمية على مهارة (التعلم من الفشل) و نكرس ثقافته في مؤسسات التعليم المختلفة، لتتم إشاعة قيم التسامح والتعاون والابتكار،لطالما أن هناك بيئة تعليمية تشجع على تقبل الفشل و تتصالح معه، فيها يتعلم الطلاب أن الفشل ليس نهاية الطريق، و إنما علامة على أننا نحاول شيئا جديدا، و أن ما من شيء مثالي،بل كل خطوة فاشلة هي جزء من التجربة التعليمية الناجحة.
ثم ان استخدام القصص والأمثلة التي تتكلم عن أشخاص ناجحين واجهوا الفشل في مسيرتهم يحفز الطلاب، و يدفعهم لتحدي أنفسهم وتجاوز الصعوبات،كما أن استخدام دروس مخصصة لتحليل الأخطاء، وتحليل النتائج لفهم المواقف بشكل أعمق، وتحديد النقاط التي يمكن تحسينها يشجع الطلاب على البحث عن حلول جديدة وابتكارية.
إن تغليب صفة تبادل الخبرات، و توفير بيئات تعليمية تشجع على الاستقلالية، وتشجيع الطلاب على تطوير مهارات اكتساب المعرفة، و العمل كفريق يؤدي الى التعاون و الى التفاهم، و تطوير مهارات العمل الجماعي، كما أن تشجيعهم على التجرؤ على خوض المخاطر والتجربة في بيئة آمنة، يوفر لهم فرص لتطوير مشاريعهم الخاصة، واختبار أفكارهم بدون الخوف من الفشل؛ إذ حينما يعترضنا الفشل فإن دروسًا قيمة حول أنفسنا وحول العمل الذي نقوم به تبدأ في الظهور فنغدوا متفهمين لنقاط ضعفنا، ومناطق التحسين في مهاراتنا و قدراتنا، لنجد أنفسنا وقد تعلمنا كيف نتكيف ونتكامل، و حينما يصدمنا الفشل نضطر إلى البحث عن طرق جديدة ومبتكرة للتغلب على العقبات،بتوليد حل فريد أو فكرة جديدة تقودنا نحو النجاح، وهذا هو عين الإبداع والابتكار، و أننا عندما نفشل في تحقيق هدف ما، نعزز في أنفسنا قدرتنا على التحمل والصمود، و في نفس الوقت نمد قوتنا العقلية بالقدرة على التعامل مع المواقف المتنوعة.
و من الجدير بالذكر أننا عندما نفشل في مشروع ما أو تحدي مهني معين، فإننا نكتسب خبرات قيمة تساعدنا في تطوير مهارات التعاون وحل المشكلات، و من الواضح أن تعليم التعلم من الفشل يمكن أن يكون عنصرًا حاسمًا يجب على المدارس والجامعات تبني استراتيجيات فعالة لتهيئة ظروف تحتفي بهذه القدرة الحيوية عند الطلاب،وما تنظيم جلسات مناقشة، و ورش عمل لتبادل الخبرات والتجارب بين الطلاب وتعزيز روح الفريق والمشاركة، إلا أمثلة على تطبيق ذلك، فالتعلم من الفشل ليس مجرد مفهوم وحسب، بل هو عملية حقيقية للتطور، والتحسن المستمرين،و إن تبني منهجية إيجابية اتجاه الفشل يمكن أن يحوله من عائق إلى فرصة للنمو و تحقيق النجاح.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
01-04-2024 09:32 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |