01-04-2024 04:50 PM
سرايا - جدال لا ينتهي على الشبكات الاجتماعية مع بدء العشر الأواخر من شهر رمضان كل عام، إذ يعقب كل ليلة وترية نقاش حاد عن كونها ليلة القدر من عدمه.
منبع الاختلاف السنوي هو الظواهر الفلكية المصاحبة لليلة القدر، خصوصاً ما يتعلق بأشعة الشمس، إذ يجتهد المئات صبيحة كل ليلة وترية في العشر الأواخر من رمضان المعظم في تصوير الشمس لبيان هل أشرقت بشعاع أم لا.
الغريب أن كثيرين ممن تلتقط كاميرا هواتفهم الشمس دون أشعة يجزمون أن هذه الليلة الوترية كانت ليلة القدر، لينتهي شهر رمضان الكريم وهناك أكثر من ليلة قدر ظهرت في كل منها الشمس دون شعاع، فمن على صواب؟.
وفقا للرؤية الدينية فإن ذكر طلوع الشمس لا شعاع لها بليلة القدر جاء في صحيح مسلم من حديث زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ، يَقُولُ: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ؟ فَقَالَ رَحِمَهُ اللهُ: أَرَادَ أَنْ لَا يَتَّكِلَ النَّاسُ، أَمَا إِنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ، وَأَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَأَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، ثُمَّ حَلَفَ لَا يَسْتَثْنِي، أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، فَقُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ تَقُولُ ذَلِكَ؟ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، قَالَ: بِالْعَلَامَةِ، أَوْ بِالْآيَةِ الَّتِي (أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ، لَا شُعَاعَ لَهَا).
وفسّر موقع الشيخ عبدالوهاب الطريري على شبكة الإنترنت قصة انكسار شعاع الشمس صبيحة ليلة القدر بأن هذه علامة على ليلة بعينها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وليست علامة مطردة تتكرر في كل سنة كل ليلة قدر، وأنها مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (وقد رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ مِنْ صَبِيحَتِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ)، فهذا مختص بليلة القدر تلك السنة التي وقعت فيها الرؤيا، وليس علامة أن ليلة القدر في كل سنة تكون ليلة ممطرة، وهو ما قرره القاضي عياض في "إكمال المعلم".
وأضاف أن "الذي يظهر والله أعلم أن ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي أمر يتعلق برؤية الشمس لا بحال الشمس، فلم يكن حدثاً فلكياً كونياً تغيرت فيه حال الشمس في ذلك اليوم عن حالها في كل يوم، ولكنها في ذلك اليوم كانت ترى على هذا النحو بسبب الحالة الجوية إما لوجود سحاب رقيق يحجب أشعة الشمس بعد ارتفاعها بحيث ترى كما يرى القمر ليلة البدر، أو نحو ذلك، ومثل هذا يتكرر في أيام كثيرة في السنة، ولكنه توافق مع ليلة القدر تلك السنة، كما توافق معها في إحدى السنوات المطر في ليلتها".
وقال الدكتور شوقي علام، مفتي مصر، ردا على سؤال: "هل الظواهر الجوية من علامات ليلة القدر؟"، إن "العلماء تحدَّثوا عن بعض الظواهر المناخية التي تحدث صبيحة ليلة القدر وليلتها، ولكن الأهم هو الشعور بالسلام النفسي والطمأنينة واستنارة القلب والإقبال على الله بالعبادة والخشوع والتضرع".
شعاع شمس صبيحة ليلة القدر محل خلاف
ويؤكد علماء فلك عدم صحة ما يتردد عن شروق الشمس دون شعاع في أي يوم من الأيام، إذ لم يثبت علمياً أنه في ليلة القدر أو أي يوم من الأيام تشرق الشمس لا شعاع لها، كما تنكرها التجارب المخبرية والملاحظات البشرية.
وعلق الباحث الفلكي الدكتور خالد بن صالح الزعاق عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، في تصريح صحفي سابق، أن ليلة القدر توقيت بشري والشمس توقيت كوني، وليس بينهما رابط بل هما سلوكان منفصلان عن بعض.
وأوضح أن لديه "سجلات لشعاع الشمس تربو على 36 سنة وكلها تثبت ثبات شعاع الشمس على مدار العام"، مضيفا: "بل العلم أثبت أن الشعاع لو تغير قليلاً لتجمدت المجموعة الشمسية برمتها، فضلاً عن أنها تنقطع من الشعاع".
وبشأن أن ليلة القدر تكون ليلة هادئة لا حارة ولا باردة، قال إن هذا "لا يصح ولو من سم الخياط، فالصوم يطوف على فصول السنة من حر وبرد ومرت بنا سنون قبل عشرة أعوام كانت ليالي الصيام شديدة البرودة والصقيع لم يعترها اعتدال".
وتابع: "وهناك مناطق في شمال الكرة الأرضية مرت عليهم أيام الصيام وقد عاشوا تحت درجة حرارة 68 درجة تحت الصفر، فهل كانت ليالي معتدلة عندهم".
واختتم أن "ما ورد عن الظواهر الكونية المصاحبة لليلة القدر منقول عن العباد الصالحين أو التابعين، وهناك بلدان في شمال الكرة الأرضية خلال هذه الأيام ينعدم الليل عندهم، فأيامهم نهار دائم لشهور عدة والروايات تتحدث عن ليلة القدر، فهل تلغى لديهم هذه الليلة؟".
علامات ليلة القدر
وأوضحت دار الإفتاء المصرية أبرز علامات ليلة القدر وتتضمن:
- أن تطلع الشمس لا شعاع لها، فقد ورد عن أُبَي بن كعب في ذكر علامة ليلة القدر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن أَمَارَتَهَا "أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لا شُعَاعَ لَهَا" (رواه مسلم).
- وفي بعض الأحاديث: "كَأَنَّهَا طَسْتٌ" (مسند أحمد) والمعنى: كأنها طست من نحاسٍ أبيض.
- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "هِي طَلْقَةٌ بَلْجَةٌ، لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ، كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا يَفْضَحُ كَوَاكِبَهَا، لَا يَخْرُجُ شَيْطَانُهَا حَتَّى يَخْرُجَ فَجْرُهَا" (ابن حبان). طَلْقَة: طَيِّبةٌ لا حَرَّ فيها ولا بَرْد. بَلْجَةٌ: مشرقة.
- وقيل: أن الْمُطَّلِعَ على ليلة القدر يَرَى كُلَّ شَيْءٍ سَاجِدًا.
- وقيل: يَرَى الأنوارَ سَاطِعَةً في كُلِّ مَكَانٍ حَتَّى فِي الْمَوَاضِعِ الْمُظْلِمَة.
- وقيل: يَسْمَعُ سَلامًا أَوْ خِطَابًا مِنَ الملائكة.
- وقيل: مِنْ عَلامَاتِهَا اسْتِجَابَةُ دُعَاءِ مَنْ وُفِّقَ لَهَا.