04-04-2024 05:23 AM
سرايا - في ظل تباطؤ نمو المبيعات العالمية من المركبات الكهربائية، يطرح مصنعو السيارات والجهات التنظيمية سؤالاً وجودياً: هل التباطؤ الحالي مجرد ظاهرة عابرة؟
أحد السيناريوهات هو أن المشترين في السوق العالمي، ممن يرفضون ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية، سيرضخون في نهاية المطاف، ويتكالبون على التكنولوجيا. فالمركبات الكهربائية صامتة وتتسارع مثلها مثل السيارات الرياضية، ويمكن لها توفير المال على المدى الطويل. وبمجرد أن تصبح أرخص من سيارات البنزين، وهناك ما يكفي من أجهزة الشحن، فلن يعود المستهلكون للوراء أبداً.
لكن السيناريو الآخر أكثر إثارة للقلق، فإذا لم تنخفض الأسعار، ولم يتم تلبية المخاوف بشأن البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية، فقد يقاوم السائقون إلى الأبد. والآثار المترتبة على ذلك مثيرة للقلق، فمن المستحيل تحقيق أهداف إزالة الكربون على المدى الطويل دون إزالة جميع سيارات البنزين والديزل من الطرق.
وإذا لم يتمكن الساسة من إقناع المستهلكين بشراء المركبات الكهربائية، فهل سيتخلون عن تعهداتهم بتحقيق صافي انبعاثات صفري، أم سيتجهون لتعزيز مبيعات السيارات الكهربائية؟ وعلى حدّ قول جيم راتكليف، رئيس «إينيوس»، فليس بالإمكان إجبار المستهلكين على شراء المركبات الكهربائية. صارت النرويج نقطة عالمية مهمة في تبني المركبات الكهربائية عن طريق فرض عقوبات على السيارات العاملة بالوقود بزيادتها للضرائب عليها. لكن احتجاجات حركة السترات الصفراء في فرنسا ضد رفع الضرائب على الوقود تظهر أن هذا النهج قد لا ينجح في كل مكان.
سيستغرق التحول نحو المركبات الكهربائية وقتاً. ستنخفض الأسعار كلما تم تقديم نماذج جديدة للبيع، فيما ستسير مهمة تركيب منصات الشحن بالبطء المعهود. واعترف أحد مستشاري السيارات الكهربائية السابقين لدى حكومة المملكة المتحدة بأن «العامين المقبلين سيتسمان بتقلبات شديدة»، مستبعداً انتعاش الطلب إلا في وقت لاحق من العقد.
يجب على مصنعي السيارات أن يكونوا متأهبين لتحقّق أي من السيناريوهين. وتسبب طرح التصورين على كبار المسؤولين التنفيذيين في الصناعة خلال الأسابيع الماضية في انقسام متساوٍ في الآراء. قال رئيس واحدة من شركات تصنيع السيارات التي تعهدت بالتخلي التدريجي عن مبيعات السيارات المزودة بمحركات الاحتراق الداخلي على مدار العقدين المقبلين: «المركبات الكهربائية باهظة وليست بالجودة ذاتها».
ويملك صانعو السيارات، مثلهم مثل جميع الشركات، عدداً محدوداً من الرقائق التي يمكن وضعها على اللوحة. وقرار مكان وضع الأموال أيضاً له عواقب مباشرة. على سبيل المثال، قامت شركة فولفو كارز الأسبوع الماضي بصنع آخر طراز يعمل بالديزل على الإطلاق، بعد اختيارها الاستثمار في طرازات البطارية بدلاً من ذلك.
يعتبر تحديد سرعة زيادة إنتاج السيارات الكهربائية قراراً رئيسياً، وربما «القرار الرئيسي»، الذي يتم اتخاذه حالياً في غرف اجتماعات صناعة السيارات. ابتداءً من فورد وجنرال موتورز وصولاً إلى بنتلي، قام مصنعو السيارات على مستوى العالم بسحب خطط السيارات الكهربائية للتركيز على الطرازات الهجينة، مع التركيز على استنزاف البقرة النقدية للمحرك الاحتراق الداخلي لمدة أطول قليلاً.
لكن ربما لم تتمادَ شركات تصنيع السيارات بما يكفي مع ذلك. فقد أنتجت الصناعة 10.5 ملايين سيارة كهربائية على مستوى العالم في العام الماضي، وترجيح إنتاج 13.5 مليون وحدة هذا العام، بحسب بيانات استقاها أحد المستثمرين من عدد من الموردين والمتوقعين.
وبموجب التقديرات الحالية، سيرتفع الإنتاج في 2025 إلى 18 مليون وحدة، بزيادة قدرها 70% في الإنتاج العالمي من المركبات الكهربائية في غضون عامين فقط. وفيما يتعلق بالمبيعات، تتنبأ البيانات ذاتها بتباطئها على نحو أكبر. وأسفر الاهتمام بالمركبات الكهربائية في العام الماضي عن مبيعات بمقدار 9.5 ملايين وحدة، لكن يُرجح أن تبلغ المبيعات هذا العام 9.8 ملايين مركبة فقط.
يحذّر بعض المستثمرين سراً في الوقت الحالي من «سوء التخصيص الهائل لرأس المال» في أنحاء الصناعة. وأوضح مستثمر درس البيانات السالف ذكرها أنه «من الصعب رؤية ما قد يسبب تسارعاً ملحوظاً في الطلب خلال 2025».
وقال: « إن السيارات الكهربائية بحاجة لأن تكون أقل ثمناً من نظيراتها المُزوّدة بمحركات الاحتراق الداخلي، لكن سيخسر الكثير من مصنعي السيارات مليارات الدولارات بالفعل جراء المركبات الكهربائية، وستكون قدرتهم على السماح بمزيد من تخفيضات الأسعار محدودة للغاية».
وحتى «بي واي دي»، مصنعة المركبات الكهربائية الصينية الأكثر إثارة للرهبة من بين الشركات الجديدة في المجال، أعلنت تأثر ربحيتها إثر تخفيضات الأسعار. لكن إذا أبطأت الحكومات مُستهدفاتها، وهي احتمالية يعتبرها الكثير من مصنعي السيارات أكثر ترجيحاً، فمن شأن ذلك أن يساعد الصناعة في توليد أرباح أعلى على المدى القصير، وسيمنحهم مجالاً أكبر للحركة لمنافسة الموجة التالية من المركبات الكهربائية الصينية.
لكن الإبطاء السريع للأهداف من شأنه إفقاد الشركات ميزتها التنافسية. ويعرب مصنعو السيارات في الولايات المتحدة سراً عن قلقهم من تأثير فوز دونالد ترامب بفترة رئاسية ثانية على القواعد ذات الصلة بالمركبات الكهربائية. وفي حين أن هذا يساعد على تعزيز الأرباح على المدى القصير، لكنه يحمي الصناعة من ضرورة التوصل إلى شيء ما للتغلب على الصين.
أخبرني أحد كبار المسؤولين التنفيذيين لشركة سيارات عالمية أنه إذا باع الصينيون مركبة كهربائية تضاهي في جودتها تلك الغربية لكنها أرخص ثمناً فذلك أمر واحد، لكنهم إن باعوا سيارة أفضل تقوّض بها مركز الشركات الغربية فسيكون من المستحيل اللحاق بركبها.