08-04-2024 03:43 AM
سرايا - "خلّ عناصرك على استعداد لتنفيذ الخُطّة وإلقاء القبض على الأفراد الخطرين أمنيا"، أسلوب حواري يتكرّر مثله كثيرا في الدراما الرمضانية الموريتانية "الإخوة"، المسلسل الاجتماعي الذي يبثّ على شاشة القناة الرسمية.
وليس يخفى ما في هذا الحوار من إقحام للفصحى في سيناريو لهجيّ يُتوقّع أن تكون الدارجة لسان خطابه!
هذا وإنني -إذ أسطر هذه الأُكتوبة النقديّة- لا أتجانَف للغضّ من التحدث بالفصحى ولا أدعو إلى نبذ اعتماد العربية لسانَ حوارٍ؛ حاش لله، لكنّ التفاصح يتجنّى على الفنية، ومن المشوّشات أن تكون لغة حوار المسلسل خليطا تُقحم فيها الألفاظ الفصيحة في سياق لهجي له مفرداتُه المتداوَلة في العامية الدّارجة.
ولا أتحدث هنا عن مفردات الاصطلاح المهني، مثل: "العناصر"، "أصحاب السوابق"، "التحريات"، "المتهم"، ونحوها من الكلمات التي يمكن أن تسمّى "الألفاظ المكتَبيّة"؛ التي تستخدم -في العادة- بنسختها الفصيحة، لكنّ ثمّة إسرافا في استعمال مفردات وجُمل فصيحة لها مقابل لهجي دارج على الألسنة وحاضر في الخطاب اليومي.
وهذا "التفصيح" يؤثّر على الأداء التمثيلي، وينقص حرارة الإقناع الفنّي فيه، ويَضرب بين المشاهد وبين الممثّل بسور انبتات سافر. وأضرب لذلك مثلا: قول مهرّبة مخدرات مستغَلة، وهي تخاطب زعيم عصابة برتبة "رأس كبير" (على ما يبدو):
وفي العبارة "نشاز أدائي"؛ لأنّ التعبير بطلب "إعطاء نُبذة" لا يناسب السياق الذي وردت فيه اللقطة؛ فهو أقرب إلى أسلوب المثقَّفة الأكاديميّة من تعبير صاحبة الدور الأصلية (الممثَّلة)، التي لا يبدو أنّ لها اهتماما بالثقافة ولا اشتغالا بمجال الأدب واللغة الذي تناسبه كلمة "نُبْذة"، وكذلك هيكل الجملة والأداء التمثيلي المصاحِب، الذي ينقصه التقمص.