08-04-2024 03:44 AM
سرايا - عادة ما تعلو نبرة الحنين للماضي عند الحديث عن الفنون، خصوصا المسلسلات المصرية، لا سيما أن هذا الفن شهد نهضة كبيرة في الثلث الأخير من القرن العشرين، سواء من حيث المؤلفين أو المخرجين أو الممثلين، وإن ظلت المواضيع تدور في فلك أفكار محدودة مع بعض الأعمال التي خرجت عن المألوف.
قد يكون هذا الحنين فيه تقدير للماضي، غير أنه في أحيان أخرى يكون سجنا للمبدعين الذين يحاولون استعادة زمن فات، سواء من حيث المواضيع التي تتناولها هذه الأعمال، أو حتى أسلوب الكتابة والتمثيل والإخراج، فهي أعمال لا تعلّم جمهورها، لأن مشاهدي المسلسلات نضجوا فتغير ذوقهم بالتبعية أو حتى فارقوا عالمنا، فيصبح رهان الحنين للماضي هنا رهانا خاسرا.
يُعرض خلال رمضان 2024 مسلسلان يظهران كما لو أنهما خارج نطاق الزمن، أحدهما بطله أحد أهم أركان الزمن الماضي، اسمه كان كفيلا بجعل أي مسلسل من الأعلى مشاهدة، والآخر يستعيد قصة نشرها الكاتب "إحسان عبد القدوس" عام 1965، وقدمتها السينما المصرية من قبل في السبعينيات من القرن الماضي، ونحلل هنا الأسباب التي تجعل هذه الأعمال كما لو أنها تخاطب مشاهد ليس موجودا بالفعل.
يجمع "عتبات البهجة" بين اثنين من الذين يمكن أن نطلق عليهم "نجوم الزمن الجميل"، أولهما يحيى الفخراني الممثل الذي ارتبط اسمه بواحد من أهم المسلسلات المصرية وأكثرها شهرة "ليالي الحلمية"، والثاني مجدي أبو عميرة مخرج بعض أشهر المسلسلات وأكثرها بقاء عبر الزمن، ومنها "المال والبنون" و"الراية البيضاء" و"الضوء الشارد".
اجتماع هذين النجمين منذ 20 عاما كان ينبئ بعمل قوي سيصبح حديث الساعة، لكن في 2024 اختلف الوضع، ليس فقط لكبر عمر المخرج والمؤلف، لكن لأن السوق الذي ينافس فيه المسلسل نفسه اختلف، ولم يعد المشاهد الملول، الذي يتنقل بين مئات القنوات التلفزيونية بالإضافة إلى المنصات الإلكترونية، قادرا على متابعة كل هذا الكم من المحتوى، لذلك يختار الأكثر إثارة أو الأقرب لواقعه، والعامل الأهم الأكثر اختلافا عما شاهده من قبل.
يقع "عتبات البهجة" في دائرة "شوهد من قبل"، وليس مرة فقط بل عشرات المرات، فيدور حول الجد بهجت الأنصاري (يحيى الفخراني) الذي يتولى تربية حفيديه بعدما توفي ابنه، وبالتالي بدلا من قضائه أيام تقاعده في هدوء وراحة بال يجد نفسه منغمسا في مشاكل غير مستعد لها سواء من الناحية المادية أو النفسية أو الاجتماعية، فمن ناحية تضغط عليه المصاريف الدراسية ومن ناحية أخرى لا يمكنه التواصل معهما لفهم المشاكل التي يمران بها في هذه المرحلة الخطرة من حياتهما.
وفي الوقت ذاته، يركز المسلسل على رحلة بحث البطل عن السعادة، وعلاقاته بجيرانه وأصدقائه وسكان الشارع جميعا الذين يمثلون شريحة من المجتمع مليئة بتناقضاته الطبيعية.