15-04-2024 08:43 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
ما هو المدى الذي يمكن أن تذهب إليه هذه الحرب الشرسة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة ، وما الذي يمكن أن يترتب على حرب أوسع نطاقا إن اندلعت على هذه المنطقة المضطربة من العالم، وما هو مصير القضية الفلسطينية بعدما تحولت إلى قضية عالمية بامتياز؟ تلك أسئلة وغيرها عشرات من الأسئلة تفرضها التطورات المحسوبة وغير المحسوبة علينا كي ندرك حجم المخاطر التي سبق وأن حذر جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين من وقوعها إذا ما تم تجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وجرى التهاون في فرض قرارات الشرعية الدولية، والقبول بحل الدولتين على أنه الحل الذي ينهي الصراع ويضمن الأمن والسلام الإقليمي والدولي.
ليس على هامش التطورات بل في صميمها تتحرك عدة دول أوروبية لحشد موقف أوروبي يعترف بالدولة الفلسطينية، وتأييد قبولها عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة، ومن الأهمية بمكان ملاحظة اللغة السياسية الجديدة التي تتبناها دول مثل إسبانيا والنرويج وإيرلندا وغيرها وهي تربط بين رفضها القاطع لحرب الإبادة والاعتداءات اليومية على الضفة الغربية وبين حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير ونيل حريته واستقلاله الوطني، وهي اللغة ذاتها التي عبرعنها جلالة الملك قبل وبعد يوم السابع من أكتوبر الماضي، حين أوضح أن محاولات الاحتلال الإسرائيلي فرض أمر واقع يجبر الفلسطينيين على الرضوخ لن تنجح ، وأن الالتفاف على هذه الحقيقة عن طريق تفاهمات إقليمية لا تأخذ في الاعتبار الحقائق على الأرض سيكون مجرد وهم وتضييع للوقت، وأن أفضل وأقصر الطرق هو تهيئة الأجواء الصحيحة لتحقيق رؤية حل الدولتين .
لا شك أن التطورات الراهنة من شأنها أن تفجر صراعات أخرى ضمن حسابات ومصالح غير مرتبطة بصورة مباشرة بالقضية الفلسطينية لكنها تؤثر وتتأثر بها بشكل أو بآخر، وتلك القراءة للواقع سبق وأن شرحها جلالة الملك في كل المناسبات التي تحدث فيها سواء في عدة محافل دولية أو في المباحثات التي عقدها ويعقدها مع قادة الدول، مناديا بإعمال العقل والحكمة وتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية تجاه حق شعوب المنطقة في الأمن والاستقرار والحياة الكريمة والمزدهرة.
الرؤية الأردنية للحل مستمدة في الأصل من المواثيق والقوانين والاتفاقيات والأعراف الدولية وهي قائمة كذلك على استخلاص دروس التاريخ التي تعلمها الجميع من الحربين العالميتين الأولى والثانية، ومن كل الحروب التي انتهت إلى اتفاقيات سلام كان ثمنه باهظا، بسبب غياب الحكمة في اللحظة الفاصلة بين الصواب والخطأ، ومن هذه الزاوية بدأت هذه الرؤية تتسع على المستوى الدولي لترى المزيد من الدول وتدرك الخيارات التي يمكن التمسك بها لإطفاء النيران المشتعلة قبل أن تتحول إلى كارثة على الجميع، ويبدو المشهد الآن أكثر وضوحا لكثير من الدول، وخاصة دول الاتحاد الأوروبي التي تدرك سلفا المخاطر المتعلقة بإمدادات النفط والغاز، وتعطل الملاحة البحرية، واضطراب التجارة الدولية، وتعرف أنها معنية بالحل ليس كوسيط هذه المرة بل كشريك تتضرر مصالحه إذا لم يتدخل بشكل حاسم لوقف الحرب عند هذا الحد، وفرض حل الدولتين بكل ما لديه من قوة التأثير في النظام العالمي القائم حاليا.
من الضروري أن نفهم كأردنيين أن موقف بلدنا هو جزء من هذا الصراع بين الحق والباطل وهو كذلك جزء من المواجهة بين المدافعين عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعن حقوق شعوب المنطقة بالأمن والسلام والرفاه، وبين أولئك المخدوعين بجنون العظمة وعنجهية القوة، أعداء الحياة!
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-04-2024 08:43 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |