16-04-2024 08:12 AM
سرايا - يريد متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك، أحد أكبر المتاحف في العالم، أن يقدّم للملايين من زواره مقاربة جديدة، أقل "تركيزا" على الغرب وأكثر انفتاحا على أفريقيا وتاريخها الثقافي الممتد على 3 آلاف عام.
ويشكّل ذلك طريقة أيضا للمتحف الذي يحتل المركز الرابع في العالم من حيث معدلات الارتياد- بعد اللوفر والمتحف البريطاني ومتاحف الفاتيكان – لجذب المزيد من الزائرين الأميركيين من أصل أفريقي ومن أفارقة الشتات، وفق ما يقر المدير العام لمتحف "متروبوليتان" ماكس هولين في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية.
يرغب المتحف العريق في نيويورك، الملاصق منذ عام 1870 لحديقة سنترال بارك في الجادة الخامسة الشهيرة في مانهاتن، في تسليط الضوء على 4 آلاف عمل أفريقي (من إجمالي 1,5 مليون قطعة) مرتبطة بأكثر من 200 ثقافة ممتدة على 3 آلاف عام في حوالى 40 بلداً في المنطقة المعروفة حاليا بأفريقيا جنوب الصحراء.
وبعد أعمال تجديد كلّفت عشرات ملايين الدولارات، يعيد متحف "متروبوليتان" عام 2025 فتح جناحه "مايكل س. روكفلر" الذي يستضيف منذ عام 1982 جميع فنون أفريقيا ولكن أيضا أوقيانيا (منطقة أستراليا ونيوزيلندا) وأميركا قبل الاستعمار الأوروبي.
وتحصل إعادة الافتتاح هذه في سياق نقاش حاد حول مكانة أفريقيا في المتاحف الغربية، فيما انخرطت دول أوروبية عدة في عملية طويلة لإعادة الأعمال الفنية المنهوبة أثناء الاستعمار.
ويقول هولين، وهو مؤرخ فني نمساوي يبلغ 54 عاما وأول أوروبي يدير أهم متحف في الولايات المتحدة (سجّل 5,4 ملايين زائرا في عام 2023) "أردنا هندسة معمارية وسينوغرافيا جديدتين تماما لعرض الفنون الأفريقية".
ويضيف هولين "من خلال تقديم منظور أوسع بكثير" ومنفتح على أفريقيا قبل أكثر من 40 عاما، "كان جناح روكفلر قد سجل بالفعل تطورا كبيرا لهذا المتحف" الذي أسسه وموّله رعاة ورجال أعمال وجامعون أميركيون للأعمال الفنية من أوروبا وأميركا وآسيا والشرق الأوسط وحتى من العصور القديمة اليونانية والرومانية.
وبمجرد تجديدها وإعادة تصميمها، ستشهد قاعات الفن الأفريقي "نقطة تحول جديدة" في عام 2025، بحسب رئيس المتحف.
ويقول "نريد التأكد من أن منظورنا لم يعد متمركزا حول الغرب أو متمحورا حول أوروبا".
كما أطلق متحف نيويورك تعاونا مع دول أفريقية: على سبيل المثال، أبرم اتفاقا في نهاية عام 2023 مع المتاحف النيجيرية "لتسهيل رقمنة وجرد" أعمالها.
وبمساعدة البلدان المعنية، نظم متحف "متروبوليتان" أيضا في عام 2020 معرضا ضخما عن فنون إمبراطوريات منطقة الساحل في العصور الوسطى (غانا ومالي وسونغاي وسيغو)، ومعرضا آخر أكثر تواضعا انتهى في مارس/آذار وتناول ألف عام من تأثير الإمبراطورية البيزنطية على فنون مسيحيي مصر وتونس وإثيوبيا والسودان.
بالنسبة لماكس هولين، لا ينبغي "أن ننظر بعد الآن إلى هذه الأشياء لمجرد أنها أثّرت على الفن الأوروبي الحديث"، أو "أن نجد منحوتات الماوري رائعة لأنها فتنت الفنانين الفرنسيين في أوائل القرن العشرين".
ومن أجل "الانخراط بشكل أكبر" في أفريقيا ووضع الأعمال في سياقها المحلي، سافر ماكس هولين إلى جنوب أفريقيا وزيمبابوي وتنزانيا في نهاية مارس/آذار للقاء أمناء المتاحف والمؤرخين والفنانين المعاصرين.
تمكن رئيس "متروبوليتان" من الوصول إلى مواقع أثرية استثنائية: زيمبابوي العظمى، وهي أطلال مدينة من العصور الوسطى في جنوب هذه الدولة الواقعة في الجنوب الأفريقي، والجزيرة التنزانية كيلوا كيسيواني، وهي بقايا مدينة من العصور الوسطى مدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
وستُعرض مقاطع فيديو تحتوي على معلومات جديدة عن هذه المواقع في جناح روكفلر.
وفي إطار حرصه كسائر المتاحف الأميركية والأوروبية، على استقطاب جمهور أكثر شبابا وتنوعا، يعوّل متحف متروبوليتان على الفسيفساء المتعددة الثقافات المذهلة في نيويورك، ولا سيما السكان الأميركيين من أصل أفريقي المنحدرين تاريخيا من العبودية.
ويقول ماكس هولين "الفن الأفريقي هو أيضا التراث الثقافي للأميركيين من أصل أفريقي في الولايات المتحدة الذين لا يمثلون مجتمعا صغيرا"، مؤكدا على "علاقاتهم العميقة" مع أفريقيا.
ويخلص مدير المتحف إلى القول "إنها مسؤولية كبيرة بالنسبة لنا ألا نكتفي بالاهتمام (بالأعمال)، ولكن أيضا أن نضمن إمكانية الوصول إليها في مدينة متعددة الثقافات مثل نيويورك، أحد مراكز الإبداع الأميركي الأفريقي".