17-04-2024 01:15 PM
بقلم : غاندي النعانعة
"التحول من الإنسان الأداة و الوسيلة إلى الإنسان القيمة و الغاية، ذلك هو لب أي مشروع ثقافي مستقبلي وطني أو كوني"
يرى المفكر اللبناني (مصطفى حجازي) أن محو الأمية الإنسانية مسعى حضاري و اجتماعي أساسي، هدفه الارتقاء بمستوى الذكاء الاجتماعي، و إثراء مستوى حياة الأفراد، و تمكينهم من وجودهم، و توفير التعليم المحصن للهوية، والمهارات الضرورية التي تساعد على التفاعل الآمن مع عالم متغير ، و هو مفهوم يستدعي التحول من ثقافة الإرادة و الشهوة التسلطية الواحدة إلى ثقافة الشراكة، و تبرير تغيير المنظور من الاستهلاك إلى الإنتاج و الابداع؛ " فلا شراكة مستقبلية إلا من خلال تكافؤ شراكة الشرط الإنساني "، و تعلم القيم الحياتية التي تساعد الأفراد على أداء دورهم بفعالية في المجتمع، إذ كيف يكون نماء و تقدم و انتصار من غير الخروج من التاريخ الآسن و إطلاق طاقات إنسانه الحية؟
و بما يراه عتقا و تحريرا للإنسان العربي من نهج التخلف و التسليع و التهميش، و التنميط و أحادية الخطاب، و ليس انتهاء بقصور المناعة الثقافية و الهوياتية عن الصمود أمام النظام العالمي المفتوح ، يختتم ( حجازي) أطروحته (حصار الثقافة ) المتعلقة بتكريس حالة التناقض الأساسي بين ما تحتاجه الأجيال الطالعة للتعامل مع المستقبل و بين حالة الانقسام الثقافي التي تتجلى معالمها في المزيد من الحدة ما بين ثقافة الصورة المرئية و العقلية المضادة لها ثقافة الدعوة للأصولية،بتأكيده على إنسانية الإنسان و الاعتراف بقيمته، باعتبار تلك المسألة مسألة مزمنة و مهلكة في معظم الأقطار العربية.
ليمنح( حجازي) محو الأمية الانسانية القول الفصل لمجمل قضايا التعثر في مخططات الإنماء و التحضر و شؤون الفكر وثوابته؛ حيث لم تقم نهضة في أمة إلا و كانت الثقافة الكفيلة برفع الإكراه عن الإنسان في قلب مشروعها.
فنحن اليوم إزاء حالة إنسان عربي ، تكاد تكون شائعة، تتجاوز الاستلاب، إلى تعميمات أكثر غفلة و تراجعا لا مكان فيها لتسيير المصير أو صناعته،وذلك مصدر كل كل إعاقة لجهود الخروج بصيغة يتجاوز بها هذا الإنسان مرحلة المآزق و الهزائم و اختزاله في مستوى الأسطورة التي تبيح الاعتداءات عليه ماديا ومعنويا، ولا يكون ذلك إلا عبر استعادة الإنسان اعتباره، و حرمة كيانه، و تقدير جهوده، و إن مساع من هذا القبيل هي في صلب عملية الحفاظ على الكيان الإنساني، التي يتعين أن تحتل مكان الصدارة في أي مشروع ثقافي عربي قادم،"فأي مشروع مستقبلي لا بد له أن يبدأ من هذه النقطة تحديدا، و إلا فهو لن يبدأ" .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-04-2024 01:15 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |