17-04-2024 01:15 PM
بقلم : الدكتور كايد الركيبات
مع انطلاقة الثورة العربية الكبرى في 10/ 6/ 1916م، رُفعت الراية الممثلة للشريف الحسين بن علي التي امتازت بلونها الأحمر (القرمزي)، وهي راية الهاشميين المتوارثة منذ فرض السيطرة العثمانية على بلاد الشام والحجاز عام 1517م، واستمر اعتمادها حتى الذكرى السنوية الأولى للثورة العربية الكبرى 1917م، وفق ما ذكر جايمس بار في كتابه "الصحراء تشتعل" (ص 159)، مؤكداً أنه بعد هذا التاريخ تم اعتماد راية جديدة للثورة العربية الكبرى تتكون من ثلاث قطع ملونة متساوية العرض تمتد أفقياً لتتحد في مثلث، وتستمد هذه الأجزاء الأربعة رمزيتها من الحضارة الإسلامية، إذ رمز اللون الأسود للخلافة العباسية، واللون الأبيض للخلافة الأموية، فيما كانت رمزية اللون الأخضر للدولة الفاطمية، وتتوحد هذه الأشرطة الثلاثة في مثلث أحمر قاعدته تلي السارية يمثل ثورة الشريف الحسين بن علي.
تجدر الإشارة إلى أن ترتيب ألوان الراية لم يعتمد الترتيب الزمني لتوالي مراحل الحكم التي سادت الدولة الإسلامية، لأن اختيار اللون الأسود في الطبقة العليا مع نسبته للدولة العباسية التي جاءت لاحقة للدولة الأموية يعارض ذلك، وينطبق ذلك على ترتيب اللون الأخضر بين ألوان الراية، والراجح أن تقديمه في ترتيب ألوان الراية لكون اللون الأسود يمثل راية الرسول صلى الله عليه وسلم، المعروفة باسم (العقاب)، لهذا قُدم على باقي ألوان الراية في الترتيب، وحتى عند قراءة رموز ألوان الراية من الأسفل إلى الأعلى لا يستقيم الأمر، لأن ظهور الدولة الأموية سابق لظهور الدولة الفاطمية، والتي بدورها لاحقة لتأسيس الدولة العباسية.
وهذه الألوان الأربعة أيضاً لها رمزية مشهورة في الشعر العربي وفق ما جاء في قول الشاعر صفي الدين الحلي:
بيضٌ صَنائِعُنا سودٌ وَقائِعُنا ***** خُضرٌ مَرابِعُنا حُمرٌ مَواضينا
وخلال العهد الفيصلي في سوريا من تشرين الأول/ أكتوبر 1918م، إلى آذار/ مارس 1920م، رفعت راية الثورة العربية الكبرى على المرافق الحكومية، وعند إعلان المؤتمر السوري العام استقلال سوريا بحدودها الطبيعية في 8/ 3/ 1920م، أقر المؤتمر السوري العام رفع الراية السورية الجديدة، وهذه الراية هي راية الثورة العربية مضافاً إليها نجمة سباعية في وسط المثلث الأحمر، وفق ما جاء عند نقولا زيادة في كتاب الثورة العربية الكبرى (ص 70). ويذكر الدكتور بكر خازر المجالي في مقال له بعنوان يوم العلم الأردني، أن المجموعات المرافقة للأمير عبدالله بن الحسين (الملك المؤسس) التي وصلت إلى معان في يوم 21/11/1920م، كانت ترفع راية الهاشميين الحمراء، وراية سوريا ذات النجمة السباعية، التي ترمز إلى المناطق السورية السبع، وبقيت هذه الراية تمثل الراية الرسمية لحكومة الشرق العربي، وفي العام 1922م، تمت إعادة ترتيب ألوان هذه الراية بحيث نقل اللون الأخضر إلى أسفل أجزائها مكان اللون الأبيض الذي أصبح يتوسطها.
استقرت دلالات الأشرطة الثلاثة المستطيلة في العلم عند ذلك، ويمثل المثلث الأحمر الذي يجمع الأشرطة الثلاثة السلالة الهاشمية. وترمز النجمة السباعية لسورة الفاتحة في القرآن الكريم "السبع المثاني"، ووجودها في وسط المثلث يدل على هدف الثورة العربية الكبرى (توحيد الشعوب العربية).
جاء في المادة الثالثة من القانون الأساسي لشرق الأردن الذي تقرر العمل بع اعتباراً من 16 نيسان/ أبريل 1928م: "تكون راية شرق الأردن على الشكل والمقاييس التالية: طولها ضعف عرضها وتقسم افقياً إلى ثلاث قطع متساوية متوازية العليا منها سوداء والوسطى بيضاء والسفلى خضراء ويوضع عليها مثلث أحمر قائم من ناحية السارية قاعدته مساوية لعرض الراية والارتفاع مساو لنصف طولها وفي المثلث كوكب أبيض مسبع حجمه مما يمكن أن يستوعب دائرة قطرها واحد من أربعة عشر من طول الراية وهو موضوع بحيث يكون وسطه عند نقطة تقاطع الخطوط بين زوايا المثلث وبحيث يكون المحور المار من أحد الرؤوس موازياً لقاعدة المثلث" انظر: ناهض حتر، في القضية الأردنية العربية (ص 92).
ووفقاً لقانون الأعلام الأردنية لسنة 2004
المادة (2) : تعني عبارة (العلم الأردني) حيثما وردت في هذا القانون (الراية الأردنية) وفقا للشكل والمقاييس المحددة في المادة (4) من الدستور.
المادة (8) : يراعى عند رفع العلم الأردني ما يلي:- أ- أن لا يخالف الشكل والمقاييس والمواصفات والألوان المحددة له. ب- أن لا يعلو عليه أي علم في المكان الواحد. ج- أن يكون له مكان الشرف إذا تم رفعه مع أعلام دول أجنبية أو أعلام مؤسسات خاصة.
المادة (11) : أ- يحظر ما يلي:- 1- استعمال العلم الأردني علامة تجارية أو بقصد الإعلان والدعاية التجارية. 2- رفع العلم الأردني إذا كان باليا أو ممزقا أو أصبحت حالته لا تتلاءم مع مكانته. 3- رفع إعلام المؤسسات الخاصة دون رفع العلم الأردني بجانبها وبحيث يعلو عليها. ب- يعاقب كل من ارتكب أيا من الأفعال المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة بغرامة لا تقل عن (50) خمسين دينارا ولا تزيد على (250) مائتين وخمسين دينارا.
المادة (12) : أ- على الرغم مما ورد في قانون العقوبات النافذ المفعول، يعاقب كل من مزق أو حقر أو أقدم بأي وسيلة كانت أو بأي صورة من الصور، قولا أو فعـــلا، بقصد الإساءة إلى أي من الأعلام المنصوص عليها في المواد (2) و(3) و(6) من هذا القانون بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة لا تقل عن (1000) ألف دينار ولا تزيد على (3000) ثلاثة آلاف دينار. ب- مع مراعاة أحكام المادتين (10) و(11) من هذا القانون، يعاقب كل من رفع أو استعمل علما أجنبيا دون إذن رسمي مسبق من الحاكم الإداري بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر أو بغرامة لا تقل عن (250) مائتين وخمسين دينـــارا ولا تزيد على (1000) ألف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين.
ولما كان أول إقرار رسمي لشكل الراية الأردنية وتحديد مواصفاتها جاء بموجب القانون الأساسي لشرق الأردن الذي بدأ العمل به رسمياً بتاريخ 16/ 4/ 1928م، كان ذلك مناسباً لاعتبار هذا اليوم من كل عام، يوماً وطنياً للعلم الأردني، وتم اتخاذ هذا القرار الإداري بموجب كتاب دولة رئيس الوزراء رقم 76/11/1/9778 تاريخ 31 / 3/ 2021م.
kayedrkibat@gmail.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-04-2024 01:15 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |