20-04-2024 03:16 PM
بقلم : الدكتور هيثم الربابعة
وضع الملك عبد الله الثاني، الأردن قطبا مؤثرا في جميع المحافل الدولية، وساهمت رؤية الملك عبدالله الثاني «رائد التنمية الحديثة ورجل القرارات الفاعلة» في جعل الأردن رمزا للدولة العصرية التي تتمسك بثوابتها وموروثها الديني والثقافي، ولا تتنازل عن خصوصيتها، في حين أنها تتعامل برؤية عصرية تجعلها محط إحترام كل الدول والشعوب.
ويمثل الجانب الإداري أحد الملامح البارزة في شخصية الملك عبد الله القيادية، حيث نجح جلالته في إقرار منظومة من القرارات إتسمت بالشمولية وإمتدادها وقدرتها على بعث روح التنمية والبناء في شتى ميادين الدولة.
يمتلك جلالة الملك «كاريزما» خاصة جعلته محبوبا ومؤثرا، حيث تميز بطروحاته الواضحة وصراحته وشجاعته في مواجهة الأحداث، كما رسم سياسته في توازن ما بين إحتياجات الداخل ومتطلبات الخارج، وعرف بحرصه على إحقاق الحق الذي أصبح هاجسه، إرساء العدل مطلبه، والتطور والحداثة هاجسين له؛ في القصر الملكي في عمان وبالتحديد عام1962م فتح جلالة الملك عبد الله الثاني عينيه لأول مرة على ملحمة البطولة والوحدة وقد رآها تتحقق على يد والده القائد الباني الحسين بن طلال رحمه الله، مما أثر على الأمير ودفعه إلى التعلق بمآثر العرب وبطولاتهم، ليصبح فيما بعد رابع ملوك المملكة الأردنية الهاشمية وأكثر قادة العرب البارزين والمؤثرين، والرقم الصعب في العديد من المواقف والأحداث، وحول بلاده إلى رقم صعب في المعادلة الدولية الراهنة وفي المنطقة بأسرها، وعلى الساحتين العربية والدولية، بحقائقها التي لا تنفصم فيها عرى الإقتصاد عن السياسة.
وجاءت إنجازات جلالته من خلال منظومة متكاملة من المشاريع والقرارات، غطت جوانب مختلفة، أقرها لتستهدف أعلى درجات النمو البشري والحضاري والإقتصادي للإنسان الأردني، بل طالت هذه الجوانب الإنسان في كل مكان من دون الإلتفات إلى جنسيته أو ديانته.
ومن الصعوبة تحديد المشروع الذي يعد «درة التاج» في هذه المنظومة، لكن يمكن الجزم بأن تنمية الإنسان وتأهيله لمواجهة تحديات الفقر والبطالة والإنغلاق والجهل وضيق الأفق، كانت هدفا لملك الإنسانية وهاجسا له منذ أن دخل المعترك السياسي، إلى أن أصبح ملكا خلفا لإجداده الميامين.
وقد أطلق الملك عبدالله الثاني مشاريع لمواجهة تحديات الإنغلاق والجهل وضيق الأفق من خلال مبادرات لافتة تتمثل في الحوار الوطني، والحوار بين الأديان، وحوار الثقافات، وقد برزت أهمية المبادرة التي أطلقها جلالة الملك عبد الله الثاني للحوار بين الأديان، التي نظم من أجلها عددا من المؤتمرات العالمية، كان أهمها رسالة عمان .
وسجل جلالة الملك عبد الله الثاني إقراره لمشاريع تحديث وتطوير عنصرين مهمين لعلاقتهما بالإنسان، وهما القضاء والتعليم بهدف تحقيق العدالة وتنمية وتأهيل الإنسان الإردني.
ونشأ الملك عبد الله الثاني منذ طفولته في محيط القيادة الواعية، والعقيدة الإسلامية السمحة، في عمق وصفاء، وشمائل عربية متعددة من الرجولة والصدق، وقوة الإرادة، ونقاء السريرة والشجاعة، فمعلمه الأول والده المغفور له الملك الحسين بن طلال، الذي أثر فيه تأثيرا واضحا. وأفاد الملك عبد الله الثاني من مدرسة والده وتجاربه في مجالات الحكم والسياسة والإدارة، وتلقى تعليمه ملازما لكبار العلماء والمفكرين الذين عملوا على تنمية قدراته بالتوجيه والتعليم أيام صغره، لذلك كان ولا يزال حريصا على التقاء العلماء والمفكرين وأهل الحل والعقد، سواء داخل بلاده أو خارجها.
و يعد الملك عبد الله الثاني من الشخصيات النادرة في في المنطقة و الساحتين العربية والدولية، التي تتعامل مع الأحداث بكل الصراحة و الوضوح والحكمة والإعتدال، والشجاعة في مواجهة المواقف، كلماته تخرج حاسمة من نفس مؤمنة بما تقول وتعتقد.
وتمكن الملك عبد الله الثاني من أن يضع بلاده خلال سنوات قليلة من عمر الدول في مصاف الدول ذات الحضور السياسي والإقتصادي اللافت على مستوى العالم، كما أصبح رقما صعبا في كثير من المواقف والأحداث، وتميز بطروحاته الواضحة وجرأته في الكثير من المواقف والرؤى.
وتميز الملك عبد الله الثاني بصراحته ورغبته في تعزيز العلاقات العربية -العربية، وإصلاح البيت العربي، كما عمل على محاربة الإرهاب الذي كانت بلاده إحدى ضحاياه، و دعا دائما إلى الوسطية في الدين والإبتعاد عن جميع أنواع التطرف والغلو.
وحقق الملك عبد الله الثاني منجزات ضخمة وتحولات كبرى في مختلف الجوانب التعليمية والإقتصادية والزراعية والصناعية والثقافية والإجتماعية والعمرانية.
وكان للملك عبد الله الثاني، دورا بارزا أسهم في إرساء دعائم العمل السياسي العربي والإسلامي المعاصر، وصياغة تصوراته والتخطيط لمستقبله. كما تمكن بحنكته ومهارته في القيادة من تعزيز دور المملكة في الشأن الإقليمي والعالمي، سياسيا وإقتصاديا وتجاريا، وصار للمملكة وجود أعمق في المحافل الدولية وفي صناعة القرار العالمي، وشكلت عنصر دفع قويا للصوت العربي والإسلامي في دوائر الحوار العالمي على إختلاف منظماته وهيئاته ومؤسساته. وحافظت المملكة على الثوابت الوطنية، وإستمرت على نهج الملك المؤسس عبدالله الأول، فصاغت نهضتها الحضارية، ووازنت بين تطورها التنموي والتمسك بقيمها الدينية والأخلاقية. و من أولى إهتمامات جلالته تلمس إحتياجات المواطنين ودراسة أحوالهم عن كثب، فكانت ولازالت زياراته المتواصلة لعدد من مناطق ومدن ومحافظات ومراكز المملكة، حيث أستقبل من قبل أبنائه وإخوانه المواطنين إستقبالا يفوق الوصف والتعبير، يبرز مدى ما يكنه أبناء هذا الوطن له من حب ومودة.
وعلى صعيد السياسة الخارجية حرص جلالته على إتخاذ المواقف الإيجابية التي تستهدف دعم السلام العالمي ورخاء العالم أجمع، ورفاهية الإنسان في جميع أنحاء العالم، كما حرص على دعم التعاون بين الأشقاء العرب والدول الصديقة في العالم. وجاءت زياراته الكثيرة للدول العربية والإسلامية والصديقة، لتشكل رافدا آخر من روافد إتزان السياسة الخارجية للمملكة، وحرصها على السلام والأمن الدوليين. وأجرى محادثات مطولة مع القادة والمسؤولين في هذه الدول، إستهدفت وحدة الأمة العربية وحل الخلافات، إضافة إلى دعم علاقات المملكة مع الدول الشقيقة. وكانت زيارات ناجحة انعكست نتائجها بشكل إيجابي على مسيرة التضامن العربي، والأمن والسلام الدوليين. كما تصدرت قضايا الإقتصاد والتعاون التنموي مواضيع زياراته، وفتحت آفاقا جديدة ورحبة من التعاون بين المملكة وتلك الدول.
ولجلالة الملك عبد الله الثاني أياد بيضاء ومواقف عربية وإسلامية نبيلة تجاه القضايا العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وعلى رأسها القدس الشريف، حيث إستمر على نهج والده الملك الحسين بن طلال رحمه الله، في دعم القضية الفلسطينية، سياسيا وماديا ومعنويا، بالسعي الجاد والمتواصل لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في العودة إلى أرضه وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، وتبني قضية القدس ومناصرتها بكل الوسائل بصفة جلالته الوصي على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية.
وتبنى جلالة الملك مبادرات لإصلاح الأوضاع في ولبنان والعراق والسودان واليمن، إنطلاقا من عروبته وإسلاميته، كما نجح في رأب صدع العلاقات بين الدول الشقيقة.
وسجلت الأعوام التي تولى فيها الملك عبد الله الثاني مقاليد السلطة في البلاد، إمتيازات لافتة وحضورا فاعلا له على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، مما جعله أحد أبرز دعاة السلام والحوار والتضامن وتنقية الأجواء، ومنحه ذلك جوائز متعددة من المنظمات العالمية والإقليمية والمحلية، ونجح جلالة الملك عبدالله في تحقيق إصلاحات شاملة على كل المستويات، حيث واصل حمل لواء الإصلاح وسعى إلى تكريسه كمنهج في مسيرة التنمية الشاملة في بلاده، وفي مسيرة العمل العربي المشترك، إضافة إلى تبنيه برامج الحوار بين الحضارات والديانات، مما عزز من مكانة ودور بلاده في الشأن الإقليمي والدولي، سياسيا وإقتصاديا وفكريا وإنسانيا.
فعلى المستوى المحلي أكد جلالة الملك عبد الله الثاني، أن بلاده ماضية في تحقيق الإصلاح والسعي لتكريسه كمنهج في مسيرة التنمية.
وأجمع قادة ومسؤولون محليون وعرب وعالميون على أن الملك عبد الله الثاني من القادة الذين عملوا على تدوين صفحات من التاريخ بأفعالهم ومواقفهم البيضاء، معتبرين أن الملك عبد الله الثاني، قائد فذ يملك الرؤية الحكيمة والقرار الصائب في أغلب أموره، يتحلى بالصدق والشفافية، والقول دائما يتبعه العمل، يحب الخير لمن حوله ويعيش همومهم وأوضاعهم، يفتح آفاقا وعلاقات مع الغير، ويدعو للسلام والتسامح، أنه شخصية قيادية تستحق التوقف عندها طويلا، لافتين إلى أن الملك شخصية تحمل معاني إنسانية كريمة وطيبة، ذو نظرة فاحصة وعميقة.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-04-2024 03:16 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |