حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 4902

عامان على اغتيال شيرين أبو عاقلة

عامان على اغتيال شيرين أبو عاقلة

عامان على اغتيال شيرين أبو عاقلة

11-05-2024 03:29 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - عامان مرّا على جريمة الاحتلال الإسرائيلي باغتيال الصحافية الفلسطينية شيرين نصري أبو عاقلة (51 عاماً).

بين جريمة الاغتيال، صباح يوم الأربعاء في 11 أيار/مايو 2022، أثناء تغطيتها اقتحامات الاحتلال لمُخيّم جنين في الضفّة الغربية، واليوم، سُجّلت العديد من المحطات، كانت فيها شيرين حاضرةً بقوّة، كما كانت في تغطياتها لأحداث سابقة، ناقلةً للحدث، فأضحَتْ هي الخبر والحدث.

يُواصل الاحتلال جرائمه العمد، مُستهدفاً الصحافيين في مُحاولة لحجب الحقيقة، فاستشهد أكثر من 135 صحافياً، مُنذ عدوانه على قطاع غزّة، إثر عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأوّل/أكتوبر 2023، والعشرات في جنوبي لبنان، يُضافون إلى مَنْ ارتقوا سابقاً شهداء وجرحى، أو تعرّضوا للاعتقال.

هذا فضلاً عن استهداف أيضاً مقرّات ومكاتب وسيّارات بث تابعة لوسائل إعلام فلسطينية، لبنانية،، عربية وأجنبية، كما التضييق على الصحافيين، وتعرّض العديد منهم للاعتقال والإبعاد.

لقد تعمّد الاحتلال اغتيال شيرين، وفق قرار سياسي، وأُعْطِيَتْ الأوامر العسكرية للتنفيذ، فحُبِكَ المُخطّط، وأُعِدَّ "السيناريو"، لتنفيذ جريمة مُتكاملة، وحتى الاعتداء على موكب التشييع واعتماد سياسية التضليل الإعلامي، لتوجيه رسائل مُتعدّدة في آنٍ واحد.

لكن، العناية الإلهية أرادت أنْ يكون عقاب المُحتل على حجم هذه الجرائم، بدلالات مُتنوّعة واستثناءات، وليس صدفة أنّها اجتمعت مع شيرين، بتكريس رسائل متعددة الأوجه كشفت حقيقة إجرامه، فلقيتْ جريمته شجباً واستنكاراً، بانتظار المُحاسبة، وإنزال العقاب بالمُجرمين!

استهداف شخص شيرين، كان لأنّها استطاعت كشف جرائم الاحتلال، عبر الرسالة الإعلامية التي آمنتْ بها، فعملت من أجلها على مدى ربع قرن، غير آبهةٍ بالمخاطر، في مهنة البحثِ عن المتاعب، التي تتضاعف فيها المهام الجِسَام بتغطية اعتداءات ومُمارسات مُحتلٍ غاصب، فتُصبح في فلسطين كل تفاصيل الحياة اليومية فيها متاعب، جرّاء اعتداءات وإجراءات الاحتلال القمعية والتعسّفية.

الهدف، في إطار مُخطّطات المُحتل هو اغتيال النُخَب، لما لهم من تأثيرٍ على الرأي العام، وفي صدارة هؤلاء يحل المُثقفون، الكتاب، الأدباء والصحافيون، في مُحاولة لطمس الحقيقة، ضمن سياسة كم الأفواه، ومنع التغطية، وحجب الصورة عن عدسات الكاميرات، لعدم توثيق جرائمه المُتمادية، وكشف زيف ادّعاءات المُحتل، وترسيخ حقيقة الرواية الفلسطينية.

وفق ما أظهرت التحقيقات، فقد نفّذ قنّاص مُتمرّس ماكر جريمة اغتيال شيرين، عند الساعة 6:27 من صباح يوم الأربعاء في 11 أيار/مايو 2022، بطلقة من بندقية M4، يستخدمها جيش الاحتلال، صناعة أميركية عيار 5.56 ملم، في مكان قاتل تحت الأُذن، خارج ارتداء السترة الواقية، واعتمار الخوذة الحديدية، عليها بوضوح "صحافة"، فاستشهدت على الفور.

استمرَّ إطلاق النار لمنع إنقاذ شيرين، وقد حوصرت الصحافية شذا حنايشة خلف الشجرة، وكانت أمامها شيرين مُضرّجةً بالدماء، إلى أنْ تمكّن الشاب شريف العزب من إنقاذها ونقلها إلى المُستشفى، لكن كانت قد فارقت الحياة. كما جُرِحَ بالقنص الصحافي علي السمودي.

ما يُعزّز تعمّد اغتيال شيرين، هو الاعتداء على النعش أثناء موكب التشييع في القدس، وضرب المُشيّعين بالسياط، لأنّهم أفشلوا مُحاولات خطف الجثمان.

ومن ثم مُحاولات التضليل الإعلامي التي مارسها المُحتل، والتهرّب من عدم تسليم أي دليل حسّي يكشف ما جرى من إطلاق نار، علماً بأنّ جنود الاحتلال مُزوّدون بكاميرات تصوير مُباشر تنقل كل ما يجري إلى غرفة العمليات، وهو مُسجّل ومُوثّق، ويُحدّد مَنْ هو الجندي الذي أطلق رصاص القنص للاغتيال العمد.

الاستشهاد فاجأ الكثيرين، إلا شيرين، التي كانت تُدرك أنّها قد تكون شهيدةً في أي لحظة، لأنّها اختارت عن قناعة طريقاً يحفل بالأشواك والألغام، التي تجاوزت الكثيرة منها.

مُتابعة ومُواكبة الأحداث جعلت من شيرين أكثر التصاقاً بالواقع، فبقيت صاحبة الابتسامة الدائمة، رغم الألم والحزن داخلها، فدخلت عبر شاشة "الجزيرة" إلى كل بيت، وأصبح "الخبر اليقين عند شيرين".

حصلت على العديد من الجوائز التكريمية في حياتها، لكن الرتبة الأعلى كانت شهيدة على أرض فلسطين، وتُزفُّ عروساً في عاصمتها، القدس.

بعد الاستشهاد أصبح اسم شيرين يُطلَق على أسماء مولودات، وجوائز ومحطّات وشوارع ومعالم، وفي مكان الاستشهاد الذي هال الاحتلال تخليد ذكراها هناك، فأقدم على جرف معالمه.

كُثُرٌ ممَّنْ اعتبروها قدوةً لهم ساروا على دربها، وعملوا على كشف الحقيقة، ومع استهداف الاحتلال المُتعمّد والمُمنهج للصحافيين العاملين في فلسطين، أصبح المُواطنون يُوثّقون جرائمه مُباشرةً، عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهو يُنفِّذ حرب الإبادة الجماعية.

في ذكرى شيرين، عملتُ على توثيق مسيرة حياتها، واغتيالها، وردود الفعل ومراحل التحقيق في كتابي "شيرين أبو عاقلة .. الشاهدة والشهيدة"، الصادر عن "دار النهار للنشر"، بكلمة من مُديرها القاضي القاضي زياد شبيب، وكلمة تقديم من عضو اللجنة التنفيذية لـ"مُنظّمة التحرير الفلسطينية" رئيس الصندوق القومي الفلسطيني ورئيس "اللجنة الرئاسية العليا لمُتابعة شؤون الكنائس في فلسطين" الدكتور رمزي خوري، وفاءً إلى صاحبة الألقاب المُتعدّدة: "أيقونة الإعلام الفلسطيني"، "نجمة القدس"، "عميدة المُحاربين العرب"، "شهيدة الحقيقة"، "شهيدة الفجر"، "شهيدة الميدان" و"شهيدة الكلمة الحرة"، ورغم كل هذه الألقاب فتبق بالنسبة إليَّ، الزميلة والأخت والصديقة.

إنْ شكّل الاغتيال صدمة، وتغييب شيرين جسداً، لكن حضورها ما زال ساطعاً، ولعلّه في بعض الغياب حضور أكبر!








طباعة
  • المشاهدات: 4902

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم