12-05-2024 09:14 AM
بقلم : د. عدلي قندح
رفع التصنيف الائتماني للأردن من الدرجة «بي 1» (B1) إلى «بي إيه 3» (Ba3) أي ذات جدوى ائتمانية متوسطة مع نظرة مستقبلية مستقرة، من قبل وكالة موديز، وتثبيته من قبل مؤسسة فيتش عند مستوى «BB-» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يمثل بلا أدنى شك خطوة هامة نحو الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي ويعكس متانة وقوة الاقتصاد الوطني وقدرته على مواجهة الصعوبات والتوترات التي تعصف بالاقليم. وهذا ما اثبته الاقتصاد الاردني عبر مسيرة مئة عام من التنمية. ومع ذلك، يجب علينا أن لا نفرط في التفاؤل، بل ينبغي مراجعة التأثيرات بحذر.
في الأساس، تقوم وكالات التصنيف الائتماني بتقييم اقتصادات الدول على أساس أربعة أبعاد هي: العوامل الهيكلية للاقتصاد وتوقعات النمو، والسياسة المالية وعبء الديون، والكفاءة المؤسسية، والتوازن الخارجي.
اذن، إن رفع التصنيف الائتماني يشير من ناحية إلى أنه من المرجح – بحسب رأي وكالة التصنيف – أن يستطيع مُصْدِر السندات (الاردن) سداد ديونه للمستثمرين دون صعوبات. وهذا أمر صحيح، وهو بمثابة رسائل تطمين للمستثمرين في السندات السيادية التي تصدرها الحكومات في الأسواق الدولية، لكنه قد يعمل على تشجيع الدولة على الاقتراض عن طريق اصدار المزيد من السندات الدولية، وبنفس الوقت تشجيع المستثمرين على شراء تلك السندات، وهذا قد يفاقم مشكلة المديونية التي تخطت الخطوط الحمراء منذ سنوات. ما يهم أكثر هو كيفية انعكاس ذلك على المواطن العادي والقطاعات الاقتصادية والاقتصاد الكلي.
إن التأثير المباشر لرفع تصنيف الائتمان للأردن على المواطن لن يكون واضحًا على الفور، ولكن يمكن أن يُترجم إلى تحسينات تدريجية في البيئة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيش فيها المواطن. كل ذلك لأن رفع التصنيف هو عامل واحد من بين مجموعة كبيرة من العوامل التي يمكن أن تؤثر على المواطن والحكومة والقطاعات الاقتصادية والمستثمرين وبالتالي الاقتصاد الكلي.
يمكن أن يؤدي رفع التصنيف إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الأردن، مما يعزز النمو الاقتصادي ويخلق فرص عمل جديدة. وقد يؤدي أيضا إلى تحسين مستويات الدخل وجودة الحياة للمواطنين، ولكن بشرط أن يتصاحب مع مجموعة أخرى من السياسات والاجراءات الضرورية، وخاصة في قطاعات الطاقة والمياه والبنية التحتية والنقل العام، وإذا لم تتم هذه الإصلاحات بشكل فعال، فقد تقلل من الفوائد المترتبة على الاقتصاد.
رفع التصنيف الائتماني للأردن قد يعني انخفاض تكاليف الاقتراض ما يمكن أن يعمل على حصول المواطنين على قروض بأسعار فائدة أقل، مما يمكن أن يساعدهم في تحقيق الأهداف المالية الشخصية مثل شراء المنازل أو تحسين المستوى المعيشي. وقد يسهم تحسين التصنيف الائتماني في استقرار الأسعار وتقليل التضخم، مما يساعد في تقديم السلع والخدمات بأسعار معقولة للمواطنين.
أما بالنسبة للحكومة، فيمكن لرفع التصنيف الائتماني أن يؤدي الى تحسين السيولة المالية للحكومة، نتيجة لتخفيض تكاليف الاقتراض نتيجة لتخفيض علاوة المخاطر، وهذا قد يعمل على تحسين الخدمات العامة مثل التعليم والصحة والبنية التحتية. لكن بنفس الوقت، قد يعمل رفع تصنيف الائتمان للأردن إلى ارتفاع الطلب على الدين الداخلي من قبل الحكومة، كما ذكرنا أعلاه، وهذا قد يؤثر سلبًا على الموازنة العامة ويزيد من الضغوط المالية على الدولة. كما وقد يعمل على رفع تكاليف الاقتراض الخارجي ذات الفائدة الثابتة، مما يزيد من مخاطر الدين الخارجي.
يجب على الأردن الاستفادة من رفع التصنيف الائتماني من قبل وكالة موديز وتثبيته من قبل وكالة فيتش كفرصة لتعزيز الاقتصاد وتحسين حياة المواطنين، وذلك من خلال تنفيذ المزيد من السياسات والإصلاحات الهيكلية التي تدعم النمو المستقر والتنمية المستدامة. وتبقى الصدمات الخارجية والتوترات الإقليمية عوامل تهدد الاقتصاد، ويجب على الحكومة أن تبقى متيقظة لاتخاذ إجراءات مناسبة لمواجهتها بفعالية.
الرأي