12-05-2024 03:43 PM
بقلم : د. سليمان علي الخوالدة
يتمتع الأردن خلال فترات طويلة ولازال باستقرار سياسي قل نظيره في الدول المجاورة وخاصة قدرته على التعامل مع مختلف الظروف والمشكلات ومنها ما أطلق عليه الربيع العربي وما تبعه من مشكلات سياسية وأمنية، ولا يخفى على احد بانه هناك وجود العديد من العوامل التي قد تؤثر على الاستقرار السياسي فبالإضافة الى موقع الأردن الجغرافي الذي تحيط به العديد من الدول التي واجهت ولا تزال مشكلات ترتبط باستقرارها السياسي، وكذلك موقف الأردن من القضية الفلسطينية والمخططات المشبوهة لحل تلك القضية على حساب الأردن، فهناك الكثير من التحديات والمشكلات التي يتعرض لها الأردنيين ضمن الواقع المعيشي والاقتصادي والبطالة والفساد المالي .
وكمواجهة لمثل هذه التحديات ومن مبدأ بان منظومة الإصلاح الشامل لا تتجزأ فان الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري هي ركائز مهمة لا بد من الوصول الى نتائج ذات انعكاسات تنموية، ويعتبر التحول الرقمي احد الممكنات والركائز الرئيسة لمنظومة الإصلاح التي لا بد من التركيز عليها وصولا لتحول رقمي فعّال ضمن الرؤية الحكومية في كافة مؤسسات المملكة الأردنية الهاشمية، واستجابة لذلك قامت وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة بإعداد "الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي والخطة التنفيذية 2021 - 2025"، والتي تهدف إلى الاستمرار ببناء بنية تحتية رقمية متطورة تعتمد على التقنيات الحديثة بما في ذلك تقنية الجيل الخامس، والارتقاء بمستوى الخدمات الحكومية الرقمية من خلال منصة خدمات تفاعلية مركزية مما يسهل الحصول على الخدمات الحكومية، والاعتماد على البيانات في التخطيط واتخاذ القرارات ورسم السياسات
ويؤدي التأقلم مع متطلبات التحول الرقمي إلى ظهور ما يعرف بالمجتمعات الرقمية وهي المجتمعات التي تضم جميع أفراد المجتمع بما في ذلك الفئات الأقل حظاً والتي تتعامل مع التكنولوجيا الرقمية ومعلوماتها وتطبيقاتها وبالتالي إكسابهم المهارات الرقميّة الّتي تمكّنهم من استخدام الأدوات الرقميّة بما يضمن تسيير أمور حياة الأفراد الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية والصحية والتربوية في ذلك المجتمع ومؤسساته وهذا ما يعرف بالشمول الرقمي والذي يعتبر نتيجة لما يهدف له التحول الرقمي من تحسين رحلة المواطن نحو الحصول على الخدمات من خلال الاستخدام المُوسّع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، وذلك بتوسيع فرص زيادة النمو الاقتصادي وتحسين كافة الخدمات العامة المقدمة للأفراد وكل ذلك يساهم برضى المواطن وتفاعله ويحد من مظاهر الاحتجاج وبالتالي يحقق الاستقرار السياسي بمفهومة الشامل.
إضافة الى أهمية تبني نظم إلكترونية للإدارة والتواصل والتفاعل، بحيث يتم تقديم المعلومات بشكل أكثر وضوحًا وسهلة الوصول إليها بما يساهم في زيادة الشفافية وتعزيز المساءلة في العمل الحكومي، وبالتالي يمكن للمواطنين والمؤسسات الرقابية من مراقبة العمل الحكومي بشكل أفضل، مما يعزز الثقة في النظام السياسي ويزيد من الشفافية ويحد من الفساد، والبدء بتفعيل تطبيق الخطط الاستراتيجية في المؤسسات الحكومية لتطبيق تحول رقمي شامل، وتشجيع ريادة الأعمال والابتكار من خلال توفير بيئة إلكترونية مشجعة وتقديم الدعم للشركات الناشئة والمبتكرة لتعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل اللائقة ومنها في قطاع تكنولوجيا المعلومات، مما يحد من الاضطرابات الاقتصادية وهذا ما يساهم بصورة كبيرة في تقليل الاحتجاجات المطلبية والتي يعتبر قلتها احد مؤشرات الاستقرار السياسي، وبما ان الإصلاح الاقتصادي والإداري لا يمكن عزله عن الإصلاح السياسي فإننا معنيين في كافة المؤسسات ذات العلاقة وعلى راسها الهيئة المستقلة للانتخاب بان يتم تبني ممارسات واشكال الديموقراطية ومنها الرقمية والعمل على تهيئة البيئة التشريعية والفنية لتطبيق التصويت الالكتروني في العملية الانتخابية لزيادة نسب المشاركة في الانتخابات بعيدا عن أي شعور بالتزوير وتقبل النتائج إضافة الى زيادة التفاعل والتعبير عن آرائهم ومخاوفهم بشكل أكثر واقعية، مما يعزز شعور المواطن بالمشاركة السياسية وبالمسؤولية ومساهمته في رسم السياسة العامـة للدولة .
ولان المواطن هو محور العملية التنموية فان الجهود التكاملية يجب ان تتضاعف لتعزيز الشمول الرقمي وصولا لمجتمع رقمي قادر على التعامل مع الرقمنة الحكومية والحصول على كافة المعلومات والخدمات بجودة عالية وذات دقة وسرعة وصولها لكافة طالبيها، بما يساهم في تحقيق الرفاه واستدامته وتعزيز رضا المواطن تحقيق تطلعاته نحو حياة أكثر مرونة وشمولية، وهو أمر تشترك فيه الدولة والأفراد معا.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-05-2024 03:43 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |