14-05-2024 02:20 PM
بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
أصدرت اللجنة المشكلة بموجب قانون العفو العام الأخير رقم (5) لسنة 2024 حكمها المتضمن شمول غرامات التأخير في إصدار تصاريح العمل السنوية بأحكام القانون، حيث جاء قرارها وافيا في حيث الشرح والتأصيل القانوني لمفهوم العفو العام ابتداء والآثار المترتبة على إصداره، بالإضافة إلى الوقوف على تعريف الجريمة من حيث أنواعها وطبيعة العقوبات المقررة لها.
وقد توسعت اللجنة في قرارها الصادر عنها في مفهوم العقوبة والجهات التي يمكن إيقاعها، حيث اعتبرت أن تطبيقها لا يقتصر فقط على المحاكم الوطنية، بل يمتد ليشمل أي جهة غير قضائية يتم تفويضها من قبل المشرع بفرض العقوبة الجزائية وذلك ضمن مفهوم التفويض التشريعي، طالما أنها تهدف إلى تحقيق الردع العام، وبأن الغرامة بمفهومها القانوني كعقوبة جزائية تخضع لأسباب انقضاء العقوبة، وهي الوفاة والتقادم والعفو العام، وأنه يجوز وقف تنفيذها إذا كانت الغرامة جنحية.
إن هذا القرار قد صدر عن اللجنة المكلفة بالنظر في الاعتراضات المقدمة وطلبات تفسير نصوص قانون العفو العام، والمشكلة بموجب أحكام المادة (6) من القانون لتشمل رئيس محكمة التمييز رئيسا، وعضوية كل من رئيس النيابات العامة والنائب العام لدى محكمة استئناف عمان والنائب العام لدى محكمة الجنايات الكبرى والنائب العام لدى محكمة أمن الدولة، وتكون مهمتها النظر في كل اعتراض أو اشكال أو تفسير ينجم عن تطبيق أحكام قانون العفو العام، على أن تصدر اللجنة قراراتها بالإجماع أو بالأكثرية.
إن هذه اللجنة قد خولها المشرع الأردني البت في أي طلبات تتعلق بتفسير أحكام قانون العفو العام أو الفصل في الاشكاليات الناجمة عن تطبيقه، حيث شهدت تغييرا جذريا في تشكيلها عبر قوانين العفو العام المتعاقبة. فقد كانت هذه اللجنة في السابق تؤلف من رئيس محكمة التمييز رئيسا وعضوية رئيس النيابة العامة ووكيل وزارة العدلية – ما يقابل أمين عام وزارة العدل حاليا، وكانت مهمتها النظر في أي اعتراض يقدم بشأن تطبيق أحكام القانون.
وخلال السبعينيات من القرن الماضي، كانت اللجنة المكلفة بالنظر في الاعتراضات على قانون العفو العام مشكلة من رئيس النيابة العامة رئيسا وعضوية كل من وكيل وزارة العدلية والنائب العام العسكري، ورئيس المحكمة العرفية.
أما اليوم، فما يميز هذه اللجنة عن سابقاتها بأنها قد أصبحت تضم أعضاء بصفتهم القضائية دون أي تمثيل للسلطات الأخرى، وبالأخص السلطة التنفيذية. وعليه، يكون القرار التفسيري الصادر عنها تفسيرا قضائيا بطبيعته نظرا لماهية الأشخاص الذين تتألف منهم هذه اللجنة وصفاتهم الوظيفية. فكل من الرئيس والأعضاء في اللجنة على تماس مباشر بأحكام قانون العفو العام، الذي يوجه إلى جميع الجرائم الجنائية والجنحية والمخالفات والأفعال الجرمية التي وقعت قبل تاريخ معين يجري تحديده في القانون.
إن الصفة القضائية للجنة البت في الاعتراضات المقدمة على تطبيق قانون العفو العام وتفسير نصوصه يعزز من القيمة الإلزامية للقرارات التفسيرية الصادرة عنها، والتي تعد ملزمة لكافة الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية، التي يفترض بها أن تعيد النظر في قراراتها المتعلقة بتطبيق قانون العفو العام على هدي ما يصدر عن اللجنة من أحكام تفسيرية.
وبخصوص الخلاف المتعلق بمدى شمول غرامات الإقامة وتصاريح العمل بقانون العفو العام الجديد من عدمه، فقد يكون سببه الاختلاف في موقف المشرع الأردني من هذا الجرم في القانون الأخير لعام 2024 والقانون الذي سبقه. فقانون العفو العام لعام 2019 قد نص صراحة على أن الجرائم المرتكبة خلافا لأحكام قانون الإقامة وشؤون الاجانب رقم (24) لسنة 1973 لا تكون مشمولة بالعفو العام، ما لم يقم العامل بتوفيق أوضاعه وفق أحكام القانون خلال (180) يوما من تاريخ نفاذ أحكام القانون.
أما قانون العفو العام لسنة 2024 فلم يأت على ذكر الجرائم المرتبطة بقانون الإقامة وشؤون الأجانب أو قانون العمل، وعليه كان يفترض أن تتم معاملة الجرائم المرتبكة خلافا لهم بأنها مشمولة بالعفو العام كقاعدة عامة، خاصة وأنه لم يتم ذكرها في المادة (3) من القانون الخاصة بالجرائم المستثناة من قانون العفو العام.
عميد كلية الحقوق/ جامعة الزيتونة
laith@lawyer.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-05-2024 02:20 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |