حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 12425

اعصبوها برأسي وغيِّروا المسار

اعصبوها برأسي وغيِّروا المسار

اعصبوها برأسي وغيِّروا المسار

20-05-2024 04:05 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : يوسف رجا الرفاعي
لستُ عتبة بن ربيعه ، سيدٌ من سادات قريش وأحد حكمائها وكبرائها وزعمائها في الجاهليَّة، وجيه من وجهاء مكة، كان مُعَظَّماً في قومه، نافذ القول، خطيبًا مفوها، موصوفًا بالرأي والفضل والحلم،وعُرف بقوة شخصيته وشجاعته وبُعد نظره ،
ولست مؤهلاً لإسداء الرأي والنصيحة انما انا كما قالها سيد قبيلة بني جشم شاعر هوازن الشاعر الجاهلي
دريد بن الصمه الذي وُصِفَ بانه من صناديد العرب ؛
وَهَل أَنا إِلّا مِن غَزِيَّةَ إِن غَوَت ***
غَوَيتُ وَإِن تَرشُد غَزيَّةُ أَرشَدِ ***
وكان يقصد بقوله هذا انه لا يخرج عن قول الجماعة وإن كان له رأي يخالف رايهم .

" ما اشبه اليوم بالبارحة " استحضَرتُ عتبةَ لشدة الشبه في الحدث الذي غيَّرَ التاريخ وكان لعتبة رأي فيه وسيبقى خالداً ما دامت العرب على ظهر هذه الارض ، فما يجري اليوم من صناعة للتاريخ على ارض غزة انما هو الذي جرى على ارض بدر مع اختلاف المكان والشخوص ، والعدو المحتل اليوم انما هو قريش مع اختلاف مُسمى المِلَّة والدين ، فقد رَكِبَتْ قريش رأسها وأبَت الا ان تخرج الى بدر لتقيم فيها ثلاثاً وتنحر الجزور وتشرب الخمر وتغني لهم القيان وتسمع بهم العرب فما زالوا يهابونهم ، وانها الحالة نفسها من تهديد العدو المحتل اليوم باجتياح رفح ، وإنَّ رأي بعضٍ من اصحابِ الرؤى بعيدة النظر اليوم في ارتكاب هذا الخطأ انما رأيهم كرأي عتبة بن ربيعة عندما رأى قريش وقد اعدت العدة للذهاب الى بدر لتفعل ما قالوا فكان قوله الخالد لقريش بعد ان نجت القافلة بما فيها عندما وقف امام زعامة قريش قائلاً ؛
"دعوكم من هذه الحرب وعودوا ادراجكم واعصبوها برأسي وقولوا جَبُنَ عتبة"

ثمانون عاماً من السير بلا توقف على طريق لم يوصِل سالكيه الى بَرِّ أمان ، ثمانون عاماً من التيه والضياع ،
ثمانون عاماً لم تحاول هذه الامة ان تُغيِّر فيها المسار او الاتجاه، فما زالت في سيرها هذا مِن تيه وظلام الى تيه اوسع وظلام اشدّ ،
لا اعلم لماذا امة العرب وحدها دون الامم تعلن ليل نهار ان خيارها الاستراتيجي هو السلام!!!
مع العلم ان العالم كله يريد السلام ( لنفسه ) دون ان يجعل هذا الهدف والمطلب انشودة يتغنى بها ليل نهار ، ان اعلان هذه الامة بهذه الفجاجة ان خيارها الأوحد الوحيد هو السلام انما ترجمة هذا القول هو حرفياً " ايها العالَم ؛ مهما فعلت بنا ، تضربنا على ظهرنا او بطننا او رأسنا، تنهبنا ، تسرقنا ، تظلمنا ، (فخيارنا الاستراتيجي الممجوج الوحيد هو السلام )
الا يشهد تاريخ هذه الامة لها انها صانعة للسلام وليس غايتها الاسمى ان يُمَنَّ عليها بسلام حقيقته استسلام !
ولكي تنال السلام وتنعم بالسلام وتصنع السلام تحتاج الى القوة والبطش والعنفوان والى كل ادوات صنع السلام من إعدادٍ واستعدادٍ لخوض ساحات الوغى اذا استدعى ذلك من اجل تحقيق السلام؟؟
فلِمَ استَبْعَدَ العالم العربي هذا الخيار منذ ثمانين عام!
لماذا لم تعلن هذه الامة ان خيارها متحرك متدرج متغير او ثابت تبعاً لمقتضى الحال والمآل ؟

اطاح موج هذا الطوفان الذي يجتاح العالم ويجتاح امريكا الان بالحِزبان " الديمقراطي والجمهوري " وما ثورة الجامعات فيها إلا تعبيراً عن رفض تلك النخب من الاساتذة والطلاب للنهج الامريكي بمجمله بعد ان تكشفت لهم الحقائق عن انقياد الحزبين لإمرَة اللوبي اللاامريكي وان امريكا انما تُنفِّذُ اجنداتٍ ليس للشعب الامريكي ناقة بها ولا جمل ،
وارجو ان لا يُفهَم هذا على انه تحريض او انتقاد للسياسة الامريكية ، ابداً على الاطلاق، وانما هي قراءة لهاوي يحاول ان يَفُك ويفهم حرف من أبجدية السياسة " أما امريكا فهي صديقة العرب وإن خَرَّبَت وإن دَمَّرَت ، وإن رَغِمَ أنفُ كاتب هذا المقال "

كل مراقب للسياسة يعلم الان انه وإن فاز احد الحزبين ( وسيفوز احدهم بالتاكيد ) فلن يكون الفوز ناتجاً عن قناعات شعبيه أمريكيه في هذا الفوز وانما ستكون فترة عبور لتغير جذري لمكانة امريكا وقيادتها للعالم خارجياً وستكون مرحلة تغير كبرى في الداخل الأمريكي مغايرا لتاريخ امريكا منذ حملها صولجان قيادة العالم وليس هذا تهيئاً ولا ضربا في الرمل انما هو امرٌ حتمي قد بدأ منذ ان فاض هذا الطوفان الذي يجوب موجه كل مكان ، هذه ليست رياح تغيير تهب وانما هو موج ينتزع الجبال من اماكنها وانه تَغيُّر متدحرج ككرة الثلج ،
كان الناس يقولون عندما تكون هناك احداث يعقبها تغيرات تبعاً لها ان هناك قطار فمن اراد النجاة فليلحق به ، وهذا عندما يكون في الأمر متسع وفيه خيارات كثيرة .

ومع طول هذا المسير على هذا الطريق الذي افضى الى لا شيء بل الى مزيد من الضياع والتفرق والتوهان
ومع علو موج هذا الطوفان وخلخلته للأركان في كل مكان فان الحكمة تقتضي أن يُنظَر الى المشهد
بعين الوعي وإن من الحكمة أن يكون التموضع صحيحا في مثل هذه الظروف التي هي كالرمال المتحركة والتي بدأ التصدع يظهر فيها بصورة جلية مما يستدعي وعلى عجل اعادة الحسابات في اعادة ضبط توجيه دفة السفينة الى الاتجاه الصحيح قبل فوات الاوان ، ولو كان لي من الأمر شيء لقلت ؛اعصبوها برأسي واتخذوا القرار بتغيير المسار .








طباعة
  • المشاهدات: 12425
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم