29-05-2024 08:48 AM
سرايا - قالت صحيفة لوفيغارو إن ترجمة بعض الأعمال باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بدأت تنتشر أكثر فأكثر، مما أثار مخاوف لبعض المهنيين الذين يخشون استفحال ظاهرة استبدال المترجمين والمدبلجين في عالم النشر.
وقالت كابوسين المتخصصة في ترجمة الكتب للصحيفة الفرنسية "أخبرتني الشركتان اللتان اعتدت العمل معهما ببساطة أنهما تفضلان اللجوء إلى حلول الذكاء الاصطناعي بسبب نقص الموارد".
ولكنها ليست الوحيدة التي انغمست بين عشية وضحاها في كابوس بعد أن "سرقت وظيفتها بسبب الذكاء الاصطناعي" فهذا الشاب آرثر يقول "استبدل وضعي كمؤلف بوضعي كمقدم خدمة. يطلب مني الآن أن أقوم بتحرير هامشي للنصوص التي ترجمت سابقا بواسطة الآلة".
وأوضحت لوفيغارو أن بعض الناشرين يقعون اليوم فريسة الازدواجية الجديدة، بين واجب الدفاع عن القيمة والهيبة المرتبطة بمهنتي الترجمة التحريرية والترجمة الفورية الصوتية، وإغراء تجربة تقنيات الذكاء الاصطناعي الأكثر كفاءة من أي وقت مضى.
وعلى أمل تحقيق بعض التوفير، يقول رينو لوفيفر المدير العام للاتحاد الوطني للنشر "ليس هناك سبب لبقاء النشر في محمية عندما ينتهي الأمر باستخدام الذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات" ولذلك لا تخفي دور نشر فرنسية عديدة استسلامها لبراعة التكنولوجيا.
في هذا المجال -كما يقول تحقيق لوفيغارو- تبقى الترجمة الأدبية آمنة، حيث يكسب المترجم الأدبي مقابل رواية من 400 صفحة وتتطلب 5-6 أشهر من العمل، وهو ما يصل إلى 10 آلاف يورو، وإذا تمت تغطية رأس المال وتجاوزت المبيعات التوقعات، فسيحصل أيضا على عمولة بنسبة 1% على كل كتاب إضافي يتم بيعه.
تقول آن ميشيل رئيسة قسم الشؤون الخارجية في دار ألبين ميشيل للنشر "في الترجمات الأدبية، استخدام الذكاء الاصطناعي غير ممكن" مشيرة إلى الموهبة الإبداعية والذاتية الإنسانية، والعمل الشاق في البحث والترجمة الفورية، فضلا عن المعرفة الواسعة اللازمة لترجمة الأدب، بالإضافة إلى الإتقان التام للغة.
وتضيف "في العقود التي أبرمتها دور النشر الأنجلوسكسونية، يطلب الآن، على وجه التحديد منذ أكثر من 6 أشهر، أن تتم الترجمات بواسطة البشر لا الآلات، وقد يُطلب من المترجم في عقده إبلاغ دار النشر إذا كان سيعمل باستخدام آلة".
أما في سوق القصص المصورة الرقمية المصممة للهواتف الذكية (ويبتون) فالمذبحة بالفعل تطارد المترجمين، يقول أحد المحترفين "بعض المنتجين يختار ترجمات ذات جودة أقل وبتكاليف أقل لأنه من الأسهل التضحية قليلا بجودة الترجمة، في عالم تكون فيه الصورة بنفس أهمية النص".
والآن -كما يوضح التحقيق- تستعد بعض الكليات لهذا الواقع الجديد، حيث يقدم الأساتذة في سويسرا على سبيل المثال دورات ما بعد التحرير التي تعلم الطلاب كيفية إعادة صياغة النصوص المترجمة تلقائيا بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وفي عالم الكتب الصوتية، هناك أيضا نزوع إلى مكننة هذا القطاع للاستغناء عن الراوي البشري بين الناشرين، وقد قامت ثاني أكبر مجموعة نشر في العالم "هاربر كولينز" بإضفاء الطابع الرسمي على شراكتها مع شركة إليفنلابز الناشئة لاستنساخ الصوت لتوسيع مجموعتها من اللغات الأجنبية.
ومن بين الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، وعدت ديب زن البريطانية "لتحويل النصوص إلى الصوت" الناشرين بتخفيض وقت إنتاج الكتاب الصوتي إلى العشر، وتكلفة التصميم إلى الربع، وذلك باعتمادها على قاعدة أنشأتها من خلال تسجيل أصوات العديد من الممثلين الذين طُلب منهم التعبير عن مجموعة من المشاعر المختلفة.
ومن جانبها تقدم "أوديبل" أكثر من 40 ألف كتاب صوتي يتم إنشاء أصواتها عن طريق الذكاء الاصطناعي.
وتوضح لور ساجيت رئيسة لجنة النقابة الفرنسية للنشر "حتى لا تتم سرقة الأصوات الموجودة في الكتب الصوتية، يطلب الناشرون من شركائهم اتخاذ خطوات حتى لا يكون الهدف من المحتوى تغذية الذكاء الاصطناعي".
وفي مواجهة انتشار المبادرات، يشعر محترفو الصوت اليوم بالقلق بشأن مستقبلهم، ويقول المنتج والمدبلج ستيفان كالب "سواء بالنسبة للكتب الصوتية أو السينما أو الأفلام الوثائقية أو الإعلانية، أدركنا بسرعة كبيرة أن الترجمة الفورية والدبلجة ستكون مهددة بالذكاء الاصطناعي".
ويقول كالب "نحن في لحظة محورية، من المحتم أن يتم القضاء على الوظائف في الأشهر المقبلة. سيفعل ممثلو الصوت شيئا آخر بمجرد ألا يكون لديهم عمل. ربما يتجهون أكثر قليلا نحو الأداء المباشر".
وأوضح التحقيق أن الناشرين يشتبهون في أن شركات التكنولوجيا استخدمت بشكل غير قانوني مجموعة مقرصنة لتغذية نموذجها اللغوي الواسع، وبالتالي من المفترض أن ترى النور قريبا جدا أول الإجراءات القانونية التي تتخذها دور النشر ضد عمالقة الذكاء الاصطناعي.