حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,22 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1173

الميراث وقطيعة الأرحام (1 -2)

الميراث وقطيعة الأرحام (1 -2)

الميراث وقطيعة الأرحام  (1 -2)

01-06-2024 08:06 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : سارة طالب السهيل
يعاني عالمنا العربي والإسلامي من تمزق أسري أكاد أجزم أنه قد نزع البركة والمحبة من القلوب والتراحم بين أبناء الجسد الواحد، بسبب الميراث، فسجلات القضايا أمام ساحة القضاء تجزم بأن ما يقارب من سبعين بالمئة من القضايا المنظورة سببها النزاع على الميراث.

ونسوا أن الإرث الحقيقي الذي يتركه الأبوان هو حسن التربية والتعليم والمساواة بين أبنائهم وبناتهم، فالإرث الحقيقي إرث أخلاقي متمثل بحسن الخلق والسلوك والسمعة الحسنة.

وكما يقال في الأثر الشعبي: معادن الإخوان تظهر في الميراث، فهذه حقيقة أثبتتها الوقائع اليومية في معظم بلادنا التي ترتب عليها قطيعة الأرحام لسنوات طوال والتآمر والسرقة والنهب والتزوير وصولا لقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق.

فالرحم الواحد الذي خرج منه ذكور واناث تربوا معها وطعموا طعاما واحدا وتلوا القرآن في شهر رمضان، وتلقوا قسطا من التعاليم الدينية بالمدارس والجامعات، كان ذلك كفيلا بمعرفة الحقوق الأسرية والحقوق الشرعية بالميراث، مع ذلك فأن الإخوة المتحابون الذي يظهرون أمام المجتمع كلحمة واحدة سرعان ما يتحولون إلى اعداء عقب والدهم أو والدتهم بسبب تقسيم الميراث.

فجأة تناسوا رابطة الدم والإخوة ووقفوا أمام القاضي خصوما تحكم قلوبهم العداوة والبغضاء، وانقطاع الصله بينهم من أجل مال زائل وضلال عن شريعة العدل التي شرعها الله لعباده. والنتيجة خسارة الأسرة لأبنائها.

ساحات القضاء في عالمنا الإسلامي تشهد على قضايا سلب حقوق الميراث بين العائلة الواحدة، وتضيع حقوق الورثة بأساليب مختلفة منها موروثات اجتماعية جاهلية تنتصر للقوي على الضعيف وللذكر على الأنثى، ويلجأ سالبوا الحقوق إلى السب والشتم والضرب وحتى القتل لنهب ما ليس من حقهم من الميراث.

ورغم أن قوانين الميراث في دولنا العربية تستمد موادها من الشريعة الإسلامية، وتحدد أنصبة كل فئة من الميراث وهو تحديد الهي قد فصلت جميعا في سورة النساء، كما في قوله تعالى: «وللرجال نصيب مما ترك الوالدان وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا»، وهدف الخالق العظيم من هذا التحديد إقامة العدل وتحقيق السلام النفسي والاجتماعي بين أفراد الأسرة، ولكن الثقافات المورثة قبل الإسلام والأنانية والأطماع البشرية ترفض الانصياع لأمر الله وأحكامه وحدوده في شريعته الغراء، فالشريعة عندما جعلت للأن?ى حصة في الميراث مقابل حصتين للذكر لأنه يتحمل مسؤولية الإنفاق عليها، لكن الثقافة الجاهلية الموروثة حرمت المرأة من حقها في الميراث وتعتبره حقا للذكر دون الأنثى، ولو حسبناها جيدا سنجد أن في القوانين الشرعية الإسلامية للتركة، البنات حصتها أكبر.. لقوله جلَّ وعلا «فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك...».

والقوانين المعمول في بلادنا العربية تقر بحقوق الأنثى كاملة وفقا للشرع، وتحصل عليها إذا طالبت بها بساحات القضاء، ولكنها قد تحرم من هذه الحقوق لأسباب عديدة منها التزوير والتلاعب أو اجبارها على التنازل حتى لا تخسر أسرتها أو بالتخجيل أو الابتزاز والتهديد.

الغريب في الأمر، وبحسب استقصاء الدارسين المتخصصين لجلسات المحاكم، فان معظم الأشقاء المسئولين عن ميراث شقيقاتهم مثقفين ويشغلون مناصب رفيعة في مجتمعاتهم، وبعضهم يمتع بالثراء، ولكنهم عند تقاسم الميراث سرعان ما يتحولون الى وحوش ضارية يخططون وينصبون شراك المكائد لشقيقاتهم لمنعهم من الحصول على حقوقهم الشرعية بالميراث بزعم ان أموال والدهم لا يجب ان يتمتع بها زوج الأخت.

ومه ذلك قد يسمحون ببعض التركة للإناث من الذهب والأموال كما في بعض الحالات في الجزائر، في مقابل حرمانها من الاراضي والعقارات، بدعوى أن الرجال هم من تولوا رعاية الأراضي الزراعية والعقارات مع والدهم ولا يجب أن يشاركهم الأصهار وهم أزواج الشقيقات فيها، حتى ولو تسبب ذلك في لجوئهم لتزوير الأوراق الرسمية، والاستعانة بالمشايخ لإقناع المرأة بالتنازل عن حقها في الميراث حفاظا على تماسك الأسرة وصلة الأرحام.

أشكال التحايل على القانون والشرع الخاص بالميراث لا حصر لها، ومنها ما يقع في بعض مناطق الأرياف والمناطق النائية بالجزائر ما يعرف بعقد «الحبوس» الذي يمنح للذكور حق الانتفاع بالأرض ويحرم الإناث.

حيث يحرر الأب هذا العقد في حياته ويوصي بما لديه من أراض لأبنائه الذكور في شكل «حبس» أي يحق له الانتفاع من خيرات هذه الأرض، ولا يبيعها وبهذا تحافظ العائلة على أرضها والتي تبقى ملكا للأبناء، ولا تذهب لغيرهم بحكم أنها لا تباع، ولا تذكر الإناث في عقد الحبوس، فهو موكول للأبناء الذكور دون البنات وإذا انقرض نسلهم من الذكور تذهب الأرض لملكية الأوقاف.

والذكورية الغالبة التي يكرسها بعض الآباء في صعيد مصر وغيرها من دولنا العربية قد يدفع ثمنها الأب نفسه غاليا، ولا يعرف أنه أضاع حقوق الله في عباده إلا بعد فوات الأوان وحيث لا يبقى إلا الندم.








طباعة
  • المشاهدات: 1173
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
01-06-2024 08:06 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم