02-06-2024 09:13 AM
بقلم : د. عدلي قندح
دعى سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني أمس خلال حضوره جانباً من أعمال المنتدى الحواري الوطني «تواصل 2024»، الذي تنظمه مؤسسة ولي العهد، الى توفير بيئة تعليمية متكاملة تدعم الطلاب وتؤهلهم لمواجهة التحديات والفرص التي يقدمها سوق العمل الحديث. ومع التحولات الاقتصادية والاجتماعية السريعة، وخاصة مع الثورة التكنولوجية الرابعة وانتشار الذكاء الاصطناعي، أصبح من الضروري توفير بيئة تعليمية ملائمة. في هذا المقال، سنستعرض باختصار كيفية توفير بيئة تعليمية مناسبة لتحقيق هذه الأهداف:
أولاً: تحديث المناهج التعليمية، وهذه مهمة يقوم بها حالياً المركز الوطني لتطوير المناهج بهمة ونشاط منقطعي النظير، ويكون ذلك من خلال مواكبة التطورات العلمية والثقافية والتكنولوجية الى جانب ثورة الذكاء الاصطناعي. فقد أصبح من الضروري أن تتبنى المناهج التعليمية التطورات التكنولوجية الحديثة والذكاء الاصطناعي. وهذا يتطلب دمج المواد الدراسية المتعلقة بالتكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والبرمجة، وتحليل البيانات، وتعلم الآلة في المناهج الدراسية. علاوة على التركيز على المهارات الناعمة والتفكير النقدي، فيجب أن تشمل المناهج التعليمية تطوير المهارات الناعمة مثل التفكير النقدي، وحل المشكلات، والتواصل الفعال، والعمل الجماعي. هذه المهارات تعد حيوية لنجاح الأفراد في بيئة العمل الحديثة التي تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا.
ثانياً: تعزيز الشراكات بين المؤسسات التعليمية والصناعية، ويكون ذلك من خلال تطوير برامج التدريب المهني المرتبطة بالتكنولوجيا، فالتعاون بين المؤسسات التعليمية والصناعية يمكن أن يسهم في تصميم برامج تدريبية مهنية تتناسب مع احتياجات سوق العمل، خاصة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي. فيمكن للطلاب اكتساب مهارات عملية وتطبيقية من خلال التدريب في الشركات والمصانع. علاوة تبني مبادرات التدريب التعاونيمن خلال إطلاق برامج التدريب التعاوني حيث يشارك الطلاب في مشاريع حقيقية بالتعاون مع الشركات المحلية والدولية، مما يوفر لهم تجربة عملية ويعزز من جاهزيتهم لسوق العمل. وهذا ما شرعت به جامعة الحسين التقنية مع بعض الجامعات المحلية وبعض القطاعات الانتاجية، ويجب تعميمه على كافة القطاعات والجامعات في كافة محافظات المملكة.
ثالثاً: تحسين البنية التحتية التعليمية، وذلك بتوفير التكنولوجيا الحديثة، حيث يجب تجهيز المدارس والجامعات بأحدث التقنيات والمعدات التعليمية لضمان بيئة تعليمية تفاعلية ومشجعة على الابتكار. ويشمل ذلك المختبرات العلمية، والأدوات التكنولوجية، ومنصات التعلم الإلكتروني التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. وأيضا من خلال تطوير المرافق التعليمية، وذلك بتحسين وصيانة المرافق التعليمية مثل الفصول الدراسية، والمكتبات، وقاعات المحاضرات، بما يوفر بيئة مريحة ومحفزة للطلاب والمعلمين.
رابعاً: تعزيز التعليم المستمر والتعلم مدى الحياة، وذلك بتطوير برامج التعليم المستمر في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ويكون ذلك بتشجيع الأفراد على متابعة تعليمهم وتطوير مهاراتهم من خلال برامج التعليم المستمر. ويمكن تقديم دورات قصيرة، وورش عمل، وبرامج تدريبية تساعد الأفراد على مواكبة التطورات في مجالاتهم المهنية، خاصة في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. وأيضا من خلال توسيع نطاق التعلم عبر الإنترنت، والذي يوفر فرصًا للتعلم المرن والمستدام. فيمكن للطلاب والمهنيين الوصول إلى محتوى تعليمي متنوع ومتميز من خلال منصات التعلم الإلكتروني.
خامساً: تعزيز التوجيه والإرشاد المهني، ويكون ذلك من خلال توفير خدمات الإرشاد المهني داخل المؤسسات التعليمية لمساعدة الطلاب في اختيار مساراتهم المهنية المناسبة. ويجب أن يشمل ذلك تقديم المشورة حول الخيارات التعليمية والمهنية، وفرص العمل المتاحة، ومتطلبات سوق العمل، وتقديم برامج التوجيه المهني في مراحل مبكرة من التعليم لمساعدة الطلاب على اكتشاف اهتماماتهم ومهاراتهم، مما يساهم في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن مستقبلهم التعليمي والمهني. ولطالما طالبت بذلك عندما كنت مستشارا لوزير العمل في منتصف العقد الأول من هذه المئوية.
سادساً: تشجيع الابتكار وريادة الأعمال، ويكون ذلك من خلال دعم المشاريع الطلابية الابتكارية وذلك بتشجيع الطلاب على تطوير مشاريعهم الابتكارية من خلال توفير الدعم المالي والإرشادي. ويمكن للمؤسسات الرائدة إقامة مسابقات وفعاليات لعرض المشاريع المبتكرة وتقديم جوائز تحفيزية. وهذا ما بدأ يقوم به صندوق الحسين للابداع والذي يعمل تحت مظلة البنك المركزي. علاوة على التوسع في إنشاء مراكز حاضنات الأعمال في الجامعات والكليات لدعم رواد الأعمال الشباب، وخاصة في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. فيمكن لهذه المراكز تقديم الموارد والخبرات اللازمة لتحويل الأفكار الابتكارية إلى مشاريع تجارية ناجحة.
سابعاً: التفاعل مع سوق العمل العالمي، فنظرا لصغر حجم السوق المحلي لا بد من توسيع التعاون مع المؤسسات التعليمية والشركات العالمية لتعزيز تبادل الخبرات والمعرفة. فيمكن للطلاب الاستفادة من برامج التبادل الطلابي، والتدريب الدولي، والشهادات المشتركة. كما هو معمول به في جامعة الاميرة سمية والجامعة الالمانية الاردنية. كما لا بد من الالتزام بالمعايير الدولية في التعليم لضمان تأهيل الطلاب بشكل يتناسب مع متطلبات سوق العمل العالمي. ويشمل ذلك التوسع في اعتماد البرامج الأكاديمية الدولية وتحديثها بانتظام.
ثامناً: تعزيز البحث العلمي والابتكار، ويكون ذلك من خلال تشجيع البحث العلمي في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بزيادة التمويل والدعم للبحث العلمي في الجامعات والمراكز البحثية. ويجب تشجيع الطلاب والأكاديميين على الانخراط في مشاريع بحثية تساهم في حل المشكلات المحلية والعالمية باستخدام التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي. ولا بد من التوسع في إنشاء مراكز بحثية متخصصة تهدف إلى تطوير حلول مبتكرة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية. ويمكن لهذه المراكز التعاون مع القطاع الخاص والحكومة لتحقيق نتائج ملموسة.
تاسعاً: التفاعل مع المجتمع المحلي، وذلك من خلال تقديم برامج خدمة المجتمع التي تربط بين التعليم واحتياجات المجتمع المحلي. ويمكن للطلاب المشاركة في مشاريع تخدم المجتمع وتساهم في تنميته. ولا بد من تنظيم حملات توعوية مهنية لتعريف الطلاب وأولياء الأمور بمتطلبات سوق العمل وفرص العمل المتاحة في مختلف القطاعات.
إن توفير بيئة تعليمية مناسبة لمتطلبات سوق العمل في الأردن يتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والمؤسسات التعليمية والقطاع الخاص، مع التركيز على الثورة التكنولوجية الرابعة والذكاء الاصطناعي. من خلال تبني استراتيجيات شاملة ومتكاملة، يمكن للأردن تأهيل جيل من الشباب يتمتع بالمهارات والمعرفة اللازمة لمواجهة تحديات وفرص سوق العمل المحلي والإقليمي والعالمي، مما يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وازدهار اجتماعي.
الرأي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-06-2024 09:13 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |