03-06-2024 08:26 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
هي حافظة الوطن و ذاكرته 53 عاماً على وفائها للوطن، ذلك أن تاريخ أي صحيفة مرتبط بتاريخ البلد الذي ولدت فيه، لصيق بها، وكل صحيفة تحمل اختزالات التاريخ وحكاية الوطن سياسياً وإجتماعياً وإقتصادياً.
والحديث عن «الرأي» التي ولدت في زمانٍ أردني، وفي لحظةٍ كان الوطن يعبر إلى آفاق حلم أوسع نعيش ظلاله اليوم.
و"الرأي»، صدرت بلحظة حاسمة من تاربح صحافتنا الوطنية حتى باتت أوراقها تشبه تفاصيل الوطن و تقاسيم وجهه، وأرشيفها حافظةً لقصةٍ أردنية خالصة، تروي زمانه على سمع و نظر من يمر على أوراقها كيف يسترسل الحلم واقعاً.
ففي أوراقها الأولى نقرأ ما قالته «الرأي» في عددها الأول الصادر في 2حزيران 1971م شارحةً اسمها بالقول: «هذا الاسم لهذه الجريدة التي نتمنى أن يرضى عنها القراء.. فالرأي الصحيح في حياة الشعوب و الأُمم هو الذي يجيء من تفاعلٍ تضادٍ في آراء يوضع الكثير منها موضع التجربة والإختبار وعلى ضوء هذه التجربة تخلص الأمم إلى الرأي الذي يقود إلى الخير، ويعود على الأمة في مساراتها التاريخية الطويلة بالنفع لكل أبنائها، وفي تاريخ شعبنا الأردني جملة أراء لا يجوز الدنو منها إلا بكل إخلاص و احترام, و من هذه الأراء.. الإخلاص لصاحب التاج القائد الرائد أمل اليوم و الغد في مسيرة هذا الشعب».
وتواصل الإفتتاحية الأولى شارحةً رسالة «الرأي» ومؤكدةً على ثوابتها بأنه لا بد من الاختلاف في الأراء لنصل إلى الرأي الصحيح الأمثل.
والعدد الأول ضم طيةً من ثمانية عشر صفحةً بسعر مئتين فلس, وضمت أبوابها العديد من الكتابات، والزوايا هي: رأي الرأي، الرأي المحلي ونافذة (زاوية) ورأي عربي، وصولاً إلى تحقيقات ودراسات عربية و عالمية، وحملت الأخيرة العديد من المقالات.
هكذا نرى أصالة الهوية التي حافظت «الرأي» عليها لتبقي قارئها على عهد الوفاء بها.
وفي رحاب الرأي نقرأ كيف سعت لصناعة صحافةٍ وطنية تدعو إلى الوفاء للوطن وقيادته، ذلك فيما عبرت عنه افتتاحيتها في عددها الثاني والتي حملت عنوان «سلامة الوطن و كرامة المواطن» التي تناولت فيها الرسالة التي بعثها جلالة الملك الحسين بن طلال –طيب الله ثراه– إلى دولة الشهيد وصفي التل، و في أعدادها الأولى حملت تفاصيل صفحاتها أدباً وثقافةً وضمت العديد من المقالات و الخواطر.
وما يستوقفك في «الرأي» في أعدادها الأولى, أنها ضمت تحقيقات تضع اليد على مكامن الخلل، ساعيةً بحس صحفييها الأوائل أن تكرس صحافة ناقدة.
في تحقيق بعنوان «امتحان الإعدادية.. إلغاء أم إبقاء» استعرضت «الرأي» أراء وزير التربية والنواب وأيضاً، سلطت الضوء على أزمة الجامعيين المتعطلين، واستعرضت في تحقيق آخر برنامجاً شاملاً لتنمية موارد الأردن ورفع مستوى المعيشة والغلاء ومسؤولية الحكومة والمواطن.
وكان بين أعدادها الأولى مساحةٌ للرياضة والشباب و بدأت تضع أراءها بين تفاصيل الصفحات حاملةً رسالة الصحافة الوطنية الملتزمة، وبدت منذ لحظة ولادتها وكأنها تضع جميع تفاصيل الوطن أمامك.
وللراي تغطية لكثير من الأحداث المحلية، هكذا ولدت «الرأي» وهذا سر كونها صحيفة الوطن على مدار عقود.
ففي عددها السادس بدت «الرأي» وكأنها عازمة على البداية المخلصة التي بقيت وفيةً لها، فقد أفردت صفحةً كاملة لتحقيقٍ معنون هو «الجامعة الأردنية في عشر سنوات.. ماذا حققت؟» والذي حمل أسئلةً ثلاث موجهة للطلبة وهي:
هل حققت الجامعة الهدف من وجودها؟ وهل تعتقد بنجاح الإسلوب الدارسي الذي تتبعه؟ وهل تشعر أنك تعيش حياةً جامعية؟ في هذا التحقيق استعرض الصحفي طارق خوري آراء الطلبة و حاول أن يقيم تجربة الجامعة آنذاك وفي نفس العدد سعت «الرأي» إلى أن تعلن نفسها كصحيفة وطن عبر نشرها مادةً سياحية عن البتراء ومعالمها الأثرية الفريدة وأهم مواقعها الأثرية.
هذه هي «الرأي».. ولدت في لحظةٍ قلقة، فسعت للنهوض مع الوطن وقيادته و أبنائه لبناء الأردن، تاركةً وراءها كل التجاذبات التي سعت للحد من قدرة الوطن على المواصلة، فتحقق الحلم و بقي الوطن و أحدى معالمه الرأي الصحيفة.
وإلى عيدها الأول في 2 حزيران 1972م نقرأ كيف احتفلت «الرأي» بعامها الأول فبقلم سكرتير التحرير نقرأ: «إذا قلت المحال رفعت صوتي.. وإن قلت اليقين أطلت همسي, فيشرح سكرتير التحرير رسالة «الرأي» ومما كتبه في إحفاليتها الأولى: «اليوم إذ تدخل الرأي عامها الثاني لا نرى أن ننبه عن جهد مجموعة الرأي وتعتبر من قبيل (مادح نفسه يقرؤك السلام)... فقد بذل العاملون في الرأي و لا سيما في الشهور الأولى الدم لا العرق, وهذا واقع وليس كلاماً, حتى تخرج الصحيفة بأخبار بأخبار منقحة وتحقيقات موضوعية و تبويب منظم محلياً وعربياً ودوليا».
نهنئ ونفخر بالرأي في عيدها ال53.