10-06-2024 08:42 AM
سرايا - انهارت شراكة كريم بنزيما، وعبدالرزاق حمدالله في هجوم اتحاد جدة، بعد أن كانت التوقعات تشير إلى ثنائية ذهبية تأكل الأخضر واليابس في كل البطولات.
ولم يكن أكثر المتشائمين في اتحاد جدة يتصور أن تفشل ثنائية بنزيما وحمدالله في تحقيق ولو بطولة واحدة، ليضطر النادي في النهاية للاستغناء عن أحدهما لصالح الآخر.
وتأتي هذه النهاية بعد أن حمّل النقاد والخبراء هذه الثنائية مسؤولية الموسم الكارثي الذي مر به الفريق، بعد أن كان بطلًا للدوري السعودي للمحترفين.
في بداية الموسم، ومن الناحية النظرية، امتلك الاتحاد أقوى خط هجوم بين الأندية السعودية الكبرى، ما بشّر جماهيره بالسيطرة على الألقاب المحلية، بل إن البعض ذهب لإمكانية استعادة اللقب الآسيوي، والمنافسة بقوة في كأس العالم للأندية.
حمدالله، الذي انضم إلى قلعة النمور في يناير/ كانون الثاني 2022، قدم موسمًا استثنائيًا في 2022-2023، ليقود الفريق للتتويج بلقبي الدوري والسوبر.
وخلال ذلك الموسم لعب المهاجم المغربي 31 مباراة، ساهم خلالها في 28 هدفًا، (سجل 25 هدفًا وقدم 3 تمريرات حاسمة)، بمعدل 0.90 هدف في المباراة الواحدة.
وأنهى حمدالله الموسم هدافًا للدوري السعودي برصيد 21 هدفًا، بعد منافسة قوية مع أندرسون تاليسكا، نجم النصر، وأوديون إيجالو، مهاجم الهلال وقتها (الوحدة حاليًا).
هذا إلى جانب تألق الثنائي البرازيلي رومارينيو، وإيجور كورونادو، فالأول ساهم في 22 هدفًا، سجل منها 14، والثاني في 21 هدفًا، صنع منها 15.
هذه الأرقام تشير إلى أن هجوم الاتحاد كان قويًا حتى قبل التعاقد مع بنزيما، فما بالك إذا أضيف "أفضل لاعب في العالم" إلى هذه التوليفة؟.
كان اتحاد جدة هو أقل الأندية السعودية الكبرى إبرامًا للصفقات في الصيف الماضي، لكن الآمال انعقدت على بنزيما، لتعزيز سيطرة الفريق على الألقاب.
وحقق بنزيما عددًا من الألقاب الفردية المهمة قبل توقيعه على عقد انتقال حر مع الاتحاد، لعل أبرزها جائزتي الكرة الذهبية، وأفضل لاعب في أوروبا عام 2022، ليعلو سقف توقعات الجماهير.
وما عزز هذه التطلعات هي تصريحات بنزيما نفسه في حفل تقديمه الضخم، حين قال إنه يرغب في الفوز بكل الألقاب الممكنة بقميص الاتحاد.
ورغم الانطلاقة الجيدة للاتحاد في الموسم المنصرم، إلا أن المشاكل ظهرت بشكل تدريجي، وكان أهمها تداخل أدوار بنزيما وحمدالله في خط الهجوم.
ويرى المحللون أن بنزيما وحمدالله يلعبان دورًا مشابهًا في عمق هجوم الاتحاد، وبالتالي فإن أحدهما يكفي للقيام بالمهمة، بل إن تواجدهما معًا يؤثر على عطاء كل منهما.
ومع استمرار رومارينيو، وكذلك صانع الألعاب كورونادو، فإن مشكلة الأطراف ازدادت تعقيدًا، حيث افتقد العميد لأجنحة تمتاز بالسرعة تستطيع إمداد بنزيما وحمدالله، اللذين يجيدان ألعاب الهواء، بالكرات العرضية.
ولم يتمكن المدرب السابق نونو سانتو من الحصول على نتيجة مرضية من شراكة بنزيما وحمدالله، ما كان أحد أهم أسباب رحيله عن الفريق منتصف الموسم.
لكن المثير أن المدرب الحالي مارسيلو جاياردو عجز أمام المشكلة ذاتها، ليقترب هو الآخر من الرحيل بعد موسم كارثي، خسر فيه الفريق 6 ألقاب، منها 5 مع الأرجنتيني المتوج بكوبا ليبرتادوريس مع ريفر بليت.
ويقول مصطفى حاجي، نجم منتخب المغرب السابق: "هناك مشكلة ذهنية، إضافة إلى المشكلة الفنية، لأن حمدالله وبنزيما يلعبان في نفس المركز وبنفس الأدوار".
ويضيف في تصريحات تليفزيونية: "عندما يكون لديك اثنين من المهاجمين بنفس الخصائص مثل بنزيما وحمدالله، كلاهما يلعب داخل منطقة الجزاء، فهما بحاجة لجناحين لإمدادهما بالكرات العرضية، وهما أيضا بحاجة لمن يساعدهما من الخلف".
ويكمل الأسطورة المغربية: "الاتحاد يحتاج للاعبين يركضون في الهجوم، بينما حمدالله وبنزيما يريدان استلام الكرة بين أقدامهما، ولن يطلباها خلف المدافعين".
واتفق عبده عطيف، نجم الشباب السابق، حين قال إن ظهور حمدالله وبنزيما معا يؤثر سلبا على حالة الاتحاد وخطوطه، ويظهره كفريق مستسلم، مشيرًا إلى ضرورة الدفع بالمهاجم الفرنسي أساسيًا "كونه يملك الحلول الفردية".
وسار شقيقه أحمد عطيف، لاعب الشباب السابق أيضًا، على نفس النهج، بقوله "لا أعتقد أن هناك فكرة لدى جاياردو من إشراك بنزيما وحمدالله معا، هو فقط لا يريد أن يغضب أي منهما. عليه أن يبقي حمدالله على الدكة، أو يستغنى عنه نهائيا، ليدفع ببنزيما".
ولم يختلف رأي محمد نور، أسطورة الاتحاد، حيث صرح: "من وجهة نظري يجب بقاء بنزيما والتخلص من حمدالله لأن وجودهما معا يبدو صعبا. ورغم ذلك أحب حمدالله كثيرا فهو يسجل الكثير من الأهداف ويتمتع بشخصية قوية، ولن يرضى بدور أقل من المعتاد".
لكن بالنظر إلى ما قدمه بنزيما وحمدالله مع الاتحاد في الموسم المنصرم، نجد أن المهاجم المغربي سجل تفوقًا على نجم ريال مدريد السابق.
فرغم الحالة الكارثية التي ظهر عليها الاتحاد معظم أوقات الموسم، قدم حمدالله أداءً جيدًا وفقًا للأرقام، فيما أنقذت أهدافه الفريق من السقوط في أكثر من مناسبة.
ولعب حمدالله 38 مباراة بقميص الاتحاد بكل البطولات، ساهم خلالها في 33 هدفًا (سجل 29 وصنع 4)، بمعدل 0.86 هدف في المباراة الواحدة، وهو معدل قريب من الموسم السابق.
في المقابل، شارك بنزيما في 29 مباراة، ساهم خلالها في 21 هدفًا (سجل 13 وصنع 8) بمعدل 0.72 هدف في كل مباراة.
وواجه المهاجم الفرنسي سوء حظ كبير، بعد أن صام عن التهديف طيلة 115 يومًا في الفترة من 15 ديسمبر/ كانون الأول حتى 8 أبريل/ نيسان الماضيين، إذ عانى من إهدار ركلات الجزاء، والأهداف الملغاة، بل وتسجيل أهداف في شباك فريقه بالخطأ.
هذه الأرقام تدعم وجهة نظر محمد الدعيع، أسطورة الهلال ومنتخب السعودية، حين أكد في تصريحات تليفزيونية أن حمدالله يملك أفضلية على شريكه في هجوم الفريق.
ويقول الدعيع: "حمدالله تفوق على بنزيما، صحيح أن الفرنسي نال جائزة أفضل لاعب بالعالم لكن مع الاتحاد ليس هو كريم الذي نعرفه، ولا أعلم سبب ظهوره بهذا المستوى".
ويضيف: "تغير المدرب، ولم يتغير بنزيما، يلعب مباراة ويغيب بعد ذلك مباراتين، ومن المفترض أن تعرف إدارة الفريق ما الذي يمر به اللاعب، ليس من المعقول عدم نجاح أفضل لاعب بالعالم مع الاتحاد".
ويستطرد: "من الجيد أن إدارة الاتحاد لم تقرر رحيل حمدالله عند انضمام بنزيما، وإلا كان الفريق سيدخل في ورطة، حمدالله يسجل ويصنع وهو روح الفريق".
وربما أثرت الإصابات المتلاحقة التي تعرض لها بنزيما على مشواره، فضلًا عن انشغاله بأزمات خارج المستطيل الأخضر.
واتُهم بنزيما بأنه من طلب من الإدارة الإطاحة بالمدرب السابق نونو سانتو، ما أثار جدلًا واسعًا، فيما أشعل المهاجم نفسه نيران الانتقادات ضده حين صرح بأن "لاعبي الاتحاد ليسوا مثل نجوم ريال مدريد"، الأمر الذي اعتُبر تقليلًا من زملائه في العميد.
وتسببت شارة قيادة الاتحاد في أزمة، كان بنزيما أحد أطرافها، إذ حصل على الشارة في بداية الموسم على حساب رومارينيو، الذي كان يقوم بهذه المهمة في غياب المصري أحمد حجازي.
هذا التغيير أغضب جماهير الاتحاد، خصوصًا أن بنزيما لم يكن يقدم أداءً جيدًا في ذلك الوقت، فضلًا عن المقارنات بين الدور الذي كان يلعبه حجازي من تحفيز اللاعبين، وما يفعله الفرنسي.
وقرر جاياردو تجريد بنزيما من شارة القيادة، وإعادتها لحجازي، الذي عاد من الإصابة منتصف الموسم، وذلك على خلفية تغيب المهاجم عن معسكر دبي الشتوي، وهي أزمة أخرى أفسدت علاقته بمدربه.
وغاب بنزيما عن الاتحاد في 23 مباراة بكل البطولات، بسبب الإصابات التي تنوعت بين عضلية في الساق، وأخرى في أسفل الظهر، لدرجة أن البعض اتهمه بالتمرد وتعمد الغياب عن المباريات.
من جانب آخر، تبدو علاقة بنزيما وحمدالله غامضة، فعلى مدار موسم كامل بين لقطات وتصريحات وتقارير صحفية، لم تعرف الجماهير ما إذا كانا أصدقاء مقربين، أم يريد كل منهما الإطاحة بالآخر.
فعقب مباراة الاتحاد ضد الوحدة في الدوري السعودي، فبراير/ شباط الماضي، حصل حمدالله على إشادة كبيرة من الجماهير، كونه سجل هدفي فريقه (2-1)، لكن المغربي طلب من الجماهير تحية بنزيما، بعد أن أهدر ركلة جزاء، وأُلغي له ثنائية.
كذلك، تحدث حمدالله بطريقة إيجابية عن بنزيما في ظهور إعلامي نادر، إذ وصف الفرنسي بأنه أحد أفضل المهاجمين في العالم.
إضافة إلى ذلك، فإن علاقة الثنائي أمام الكاميرات دائمًا طيبة، إذ يتصرفان بشكل طبيعي، ويحتفلان سويًا بالأهداف.
هذه المشاهد تتنافى مع ما تشير إليه التقارير الصحفية السعودية، إذ انتشرت أنباء عن رغبة بنزيما في الإطاحة بحمدالله من الاتحاد، كما أن الحرب الباردة بين شقيقي النجمين تثير التساؤلات.
وخرج عبدالرحيم حمدالله، شقيق ووكيل أعمال المغربي، في حوار صحفي بتصريحات هاجم فيها بنزيما، وأكد أن الفرنسي يريد الإطاحة بشقيقه، ووصف ذلك بأنه "تصرف غير احترافي".
من جانبه، سخر جريجو، شقيق بنزيما، من هذه التصريحات، إذ علّق عليها بوجه ضاحك.
واعتبر محللون أن ما وصل إليه الاتحاد من فشل كبير بنهاية الموسم المنصرم يعود سببه إلى الشراكة غير الناجحة بين بنزيما وحمدالله.
ونتيجة لذلك، يتجه حمدالله للرحيل عن صفوف العميد خلال فترة الانتقالات الصيفية بسبب صعوبة استمراره بجوار بنزيما، بشرط أن ينجح النادي في ضم بديل قوي، حسب تقارير صحفية محلية.
ورغم أن الثنائي فشل في تقديم ما كان متوقعًا، إلا أن أزمات عدة أخرى هي ساهمت أيضًا في خروج الفريق بموسم صفري.
ولعل أبرز هذه الأزمات ضعف فترة الإعداد للموسم الجديد بمعسكر محلي، فيما غاب معظم اللاعبين، لأسباب مختلفة، عن معسكر دبي الشتوي، فضلًا عن تغيير المدرب وسط الموسم، ما أربك الحسابات الفنية.
كذلك تعرض عدد من نجوم الفريق لإصابات مختلفة في أوقات حاسمة من الموسم، ما أجبر جاياردو في كثير من الأحيان على الاستعانة بلاعبين من فرق الشباب لإكمال دكة البدلاء.
ولا يمكن إغفال قوة المنافسين واستقرارهم الفني، خصوصًا الهلال، الذي خسر الاتحاد على يده 5 من أصل 6 بطولات خسرها طوال الموسم، إذ كان الاستثناء الوحيد كأس العالم للأندية.