11-06-2024 12:29 PM
بقلم : أحمد الحوراني
صاغ جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين كلمات خطابه الذي ألقاه يوم أمس في الاحتفال الوطني المهيب الذي أُقيم بمناسبة مرور خمسة وعشرين عامًا على تولي جلالته سلطاته الدستورية (اليوبيل الفضي) بعناية فائقة ودقة متناهية ولم يترك جلالته أمرًا إلا وأتى عليه، ليختزل المشهد كاملًا وشاملًا وغير منقوص مما يجعل الإلمام بتفاصيله ومعالمه أمر يحتاج إلى أكثر من قراءة وإلى أكثر من قول وتحليل وتفسير ذلك أن جلالته انتهز المناسبة ليقوّم المسيرة بنفسه ويمرُّ على سنوات حكمه باعتزاز بالغ وبكلمات مؤثرة أثلجت صدر الملايين من الأردنيين ممن استمعوا للخطاب في موقع الاحتفال مباشرة أو ممن انتظروا سماعه على شاشات التلفزيون ووسائل الإعلام، ولعلّ جوهر ما استرعى الانتباه كان تلك المعادلة المتوازنة التي أكد فيها جلالته فخره واعتزازه بما تمكن الأردن من تحقيقه من إضافات وإنجازات شملت مختلف مناحي الحياة وبما كان من أخطاء وتحديات لم يسلم الأردن من تداعياتها (على حد وصف جلالته) لكنه عرف كيف يتجاوزها ويستثمرها بالوجهة الصحيحة فيعلي البنيان ويراكم المكتسبات، وفي هذا نقرأ قول جلالته الطامح بالمضي في مسيرة التحديث والإصلاح ضمن المسارات الثلاثة التي نادى بها وأصرّ حفظه الله عليها في أكثر من مناسبة.
يخاطب جلالة الملك أبناءه وإخوانه الأردنيين بقوله (أقف اليوم بينكم بعد مسيرة ربع قرن. خمسة وعشرون عاما لم تخلُ من التحديات، لكنها زخرت بإنجازاتكم)، عبارات لم أجد أكثر منها شمولية ووضوحًا واتساعًا في الرؤية حينما تحدّث جلالته بلغة واضحة لا تقبل التأويل مُعرّفًا فيها الأردني وذاكرًا لبعض صفاته التي تميّزه عن غيره، والتي شكلت في مجموعها وطنًا اسمه الأردن كان على الدوام لكل العرب ونموذجًا لمجتمع الأسرة الواحدة المتلاحمة في السراء والضراء، الجميع فيه شركاء في العمل والبناء وحماية الوطن والالتزام بمصالحه، الأمر الذي صهر الأردنيين جميعًا رجالاً ونساءً مهما كانت منابتهم وأجناسهم وأديانهم وأفكارهم في بوتقة واحدة وجعلهم شركاء في أداء الواجبات والتمتع بالمنافع.
خطاب ملكي جامع شامل أثنى فيه قائد المسيرة على الأردنيين الذين يستمد منهم جلالته (الإرادة والتفاؤل)، لأن الأردني بنظر الملك هو الذي يقدم مصلحة الأردن على كل المصالح والاعتبارات، وهو الذي عندما يمر الوطن بظروف صعبة أو استثنائية، يسمو بكرامته وانتمائه على كل مصلحة شخصية أو حزبية أو جهوية، ويقف إلى جانب الوطن في مواجهة كل التحديات، وهو الذي يقوى بالوطن ولا يستقوي عليه، ولا ينتهز الفرص للتحريض عليه، وهو الذي لا يقبل بأي أجندة إلا إذا كانت مرتبطة بتراب الأردن وتضحيات الأردنيين وطموحاتهم، وهو الذي يقيس ثروته الحقيقية بمقدار ما يقدم من عطاء وتضحية وإنجاز وليس بمقدار ما يملك من مال أو جاه، وهو الأردني ينظر للمستقبل وعملية التحديث بعزم وإصرار، ويستمد القوة والثقة بالمستقبل من إيمانه بالله عز وجل ومن اعتزازه بتاريخه وتراثه وقيمه الأصيلة، والأردني هو الذي لا يقبل بالفشل بل يتحدى المستحيل وينتصر عليه.
ثناء جلالة الملك وتقديره للأردني، أفق واسع خصّ به أبناء شعبه الوفي بجملة من الصفات التي رأى فيها حفظه الله تفرّدًا لأبناء هذا الوطن المخلصين عن سواهم، وتلكم كانت هي الروح التي قامت عليها الدولة الأردنية في هذه البقعة من العالم وفي وسط إقليم عربي ملتهب ومليء بالأحداث والتحديات التي رأى جلالته أن الأردن قد مرّ بالكثير منها عبر مسيرته الخيرة، وربما بأصعب منها، ولكنه بفضل قيادته الحكيمة، وبجهود أبنائه المخلصين وعزائمهم الماضية، كان دائمًا يجتاز كل الشدائد والمحن، ويحقق الإنجازات العظيمة بأقل الموارد والإمكانيات.
الأردنيون كما يراهن عليهم الملك قادرون على تجنيد كل الطاقات للعمل والبناء والإنتاج، وهم العارفون بأن الوطن اليوم بحاجة إلى جهد جميع أبنائه وجميع مؤسساته الوطنية.
والأردنيون هم المدركون بأن أول الأهداف وأنبلها هو الحفاظ على الوحدة الوطنية وأن الجبهة الداخلية المتماسكة التي تسود بين أفرادها روح المحبة والفريق الواحد هي وحدها التي تصون الأردن وتحميه وتعزز تطوره وازدهاره وتحافظ على أمنه واستقراره.
والأردنيون هم المؤمنون بأن مسيرة الوطن تحتاج إلى جهد مخلص، وعمل دؤوب، وعزيمة ماضية، وتعاون مثمر، بين أبناء أسرتنا الأردنية الواحدة لبناء مستقبل الأجيال، في وطن آمن مستقر ومزدهر بإذن الله.
والأردنيون قانعون بأن الإنسان الأردني هو ثروة الوطن الحقيقية وأن تحقيق الأفضل له وتوفير كل ما يحتاجه من أدوات التميز والانجاز هو أولوية قصوى كانت وما زالت على أجندة جلالة الملك الذي توالت في عهده المبادرات الكريمة الخيرة وقوافل الخير الهاشمية وشبكة الأمان الاجتماعي والسكن الكريم للعيش الكريم، ومشروع الملك عبدالله الثاني لإسكان الأسر الفقيرة، وتطوير التعليم، كلنا الأردن، ورسالة عمان،، وغير ذلك الكثير الكثير من العطاء الذي لم ينضب حتى ارتفع البنيان وعلت صروح النهضة والعمران وتوالت الانجازات في مختلف المجالات وتعزز مجتمع الحرية والديمقراطية ودور المرأة والشباب.
Ahmad.h@yu.edu.jo
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
11-06-2024 12:29 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |