15-06-2024 07:13 PM
بقلم : عبد السلام الطراونة
صباح الثورة ..صباح الاستقلال .. صباح الجيش .. صباح اليوبيل الفضي ..
صباح الثورة العربية الكبرى التي اعلنها ملك العرب الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه من بطحاء مكة المكرمة وانطلقت رصاصتها البكر و مداها السماء و الصحراء .. وامتدادها طموح قومي عربي هدفه الوحدة و العلياء .
صباح وطن ولد من رحم الثورة .. كبيراً بحجم طموحه .. قومي الملامح عربي الحد .. وطن تحفظه عناية الرحمن و تحميه سواعد أبنائه الأبرار .. وطن زوادته الصبر و الكفاح .. وبوصلة قلبه على الدوام فلسطين العزيزة ودرتها القدس الشريف .
صباح الملك المؤسس عبدالله الاول طيب الله ثراه الذي استشهد على عتبات الاقصى المبارك وهو يتأهب لأداء صلاة الجمعة .. فارتقى شهيداً الى جنات الخلد بعد ان ارسى معالم وطن تجلَى طموحه القومي في تحقيق مشروع سوريا الكبرى .
صباح الملك الوطني الغيور على شعبه و أمته الملك طلال طيب الله ثراه الذي حقق للوطن إنجازاتٍ عديدةٍ رغم قصر مدة حكمه لعل من أبرزها و أولها ميلاد الدستور الاردني في العام 1952م الذي نفاخر به الدنيا بأسرها .. هذا الدستور الذي ساهم في تجسيد أفاق التطور السياسي وأشراك الشعب الاردني في صنع القرار .. وثانيهما ارساء معالم نهضة تعليمية واسعة إثر إقراره حق التعليم المجاني و الذي يعتبر الاول من نوعه في الاردن و الوطن العربي .
صباح الحسين الغالي طيب الله ثراه باني نهضة الاردن الحديث .. صباح حبيبنا الذي عشنا في ظله كرماء مرفوعِ الرؤوس و القامات .. وعاش فينا وطناً و رمزاً خالداً .. وعاش لنا قريباً لا بل أقرب من نبض الوريد .. وظل خالداً في القلب و المهجة و الوجدان .
وعندما أرتحل جلالته الى جنات الخلد بين يدي رحمن رحيم شاطرتنا السماء حزننا العميق فأنهمر دمعها مثلنا .. وأمتزج بوحها الشفيف مع دموع الحزن في ماقينا على الحسين الغالي .. كما شاطرنا العالم بأسره قادة و شعوباً مصابنا الوطني و القومي الجلل و أوجاعنا العميقة بفقدان ملكً عظيم و رمز قومي كبير أرسى دعائم الامن و السلام في إقليمنا المضطرب وحقق الكرمة لوطننا الاردن و أمتنا العربية .
صباح الاردن .. صباح الجيش و الامن .. صباح اليوبيل و الثورة
صباح الملك المعزز عبد الله الثاني أبن الحسين الذي وضع نصب عينيه منذ تسلمهِ الحكم في وطننا العزيز تثبيت أركان التطور و التنمية
والاصلاح الشامل كضرورة تستوجبها مصلحة البلاد و العباد .. وشرع جلالته في مواصلة مسيرة الخير و النماء مسلحاً برصيد هاشمي اردني رحب الفضاء و العطاء .. و شجاعة بأسٍ عسكرية في أهابه لأستكمال المسيرة على درب و نهج السلف الصالح .
وما زلنا نذكر كلمات قائد الوطن بعد تسلمه سلطاته الدستورية في عام 1999م حين
قال : ( في الليلة السابقة لجنازة والدي صاحب الجلالة نمت وانا رب عائلة من أربعة أفراد لأستفيق في صباح اليوم التالي و قد أصبحت عائلتي خمسة ملايين نسمة .. وأن شئت أن أذكر درساً بعينه تلقنته من والدي و معلمي جلالة الحسين فهو أن على الملك أن يكون راعياً لشعبه أكثر منه حاكماً لهم ) .
وبهذا الصدد فأننا نرفع أكف الضراعة الى الباري عز وجل بأن يعين قائد الوطن على مواصلة حمل الامانة الغالية و الرسالة السامية لما فيه خير الوطن و المواطن .
صباح الاستقلال .. صباح الوطن .. صباح الجيش و الأمن
صباح جيشنا العربي المقدام .. و صباح ملحمة الكرامة الخالدة .. و صباح القائد العسكري الشجاع الفريق الركن مشهور الجازي
الذي استأدن القائد الاعلى للقوات المسلحة الاردنية جلالة الملك الحسين بأن يخرج عن النص قليلاً بخصوص سير معركة الكرامة وبارك الحسين مسعاه .. فأبدع القائد العسكري (الجازي) و ضباط و جنود جيشنا العربي الباسل و بمساندة أشقائهم الفدائيين الفلسطينين
.. وأبلى الجيش العربي بلاءاً حسناً جعل عساكر العدو الصهيوني يولون الادبار و يهربون من أرض معركة الكرامة و سراويلهم مدلاه .
و حفاظاتهم ساحلة و دباباتهم مهشمة و مخذولة من هول المعركة وبسالة جيشنا المقدام .. و سرعان ما لجأت اسرائيل الى طلب وقف إطلاق النار وهي بالمناسبة الحالة الاولى في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي التي تستجدي فيها اسرائيل وقف النار .
ولخص جلالة الحسين طيب الله ثراه معركة الكرامة بكلمات معدودة حين قال : ( تفجر زئير أٌسود جيشنا العربي في وجه المد الصهيوني الاسود فتحقق لنا و لأمتنا النصر و الكرامة ) .
صباح الشهيد وصفي التل طيب الله ثراه الذي اسس الجامعة الام كأول صرح تعليمي في الاردن .. وأنشأ مشروع سد الملك طلال .. و قناة الغور الشرقية .. ومشروع استصلاح الارضي ..ومشروع الحسين الاخضر و الطريق الصحراوي و شركة البوتاس العربية و شركة الفوسفات و معسكرات الحسين و مستشفى الجامعة الاردنية و غيرها من الانجازات الكبيرة و الكثيرة التي تربو على الحصر !
صباح وصفي العسكري الذي حارب في صفوف جيش الانقاذ الفلسطيني و اصيب في احدى المعارك على ثرى فلسطين .. صباح (وصفي) المفكر الاستراتيجي الذي اطلق جواباً اضحى بمثابة نبوؤة محققة عندما سئل ذات يوم في السيتينات من القرن الماضي
سؤالاً مفاده : متى يرحل الصهاينة عن أرضنا العربية الفلسطينية ؟ فجاء الجواب : سيتم الرحيل الصهيوني المحتوم عندما يغدو مشروع الاستيطان الصهيوني الاستعماري مُكلفاً و عندما تتضافر الارادة العربية رسمياً و شعبياً مع سواعد الفداء الفلسطينية .
وهاقد بدأت نبوؤة وصفي باذن الله تتحقق على ارض غزة العزة على يد المقاومة الفلسطينية الباسلة .
صباح القائد العسكري الشجاع المشير حابس المجالي طيب الله ثراه الذي وضع الاصفاد في يد الملازم الصهيوني المقبور ارئيل شارون
بعد اسره في معارك اللطرون و باب الواد في عام 1948 م .. واوعز (أخو خضرا) بأقتياد شارون الجريح بعد أسره في أم الجمال و هويرتعد خوفاً و هلعاً !
صباح رئيس الوزراء السيد طاهر المصري أمد الله في عمره الذي قدم إستقالة حكومته لجلالة الحسين كبديل عن حل البرلمان الحادي
عشر من أجل أن تستمر الديمقراطية في وطننا العزيز .. ويكفيه فخراً أن جلالة الحسين قال له : ( والله لم اتعامل مع من هو أشرف منك يا طاهر ) .
صباح نسور جونا الابرار .. صباح البطل الشهيد فراس العجلوني الذي تمكن من أسقاط طائرات العدو واحدة تلو الاخرى قبل استشهاده .. صباح البطل الشهيد موفق السلطي الذي استشهد في معركة السموع و أفتدى بروحه سماء و أرض الاردن و فلسطين ..
صباح البطل الشهيد معاذ الكساسبة الذي حلق بجناحيه مع تنفس الصباح ليذود عن الدين و العروبة و الوطن في وجه الاشرار الذين اختطفوا الدين و العروبة والقيم النبيلة .. و صباح كل نسور و شهداء جيشنا العربي الباسل .
صباح وزير الداخلية فلاح المدادحة طيب الله ثراه .. صباح رجل المبدأ و الحزم الذي توجه لمنزل قائد الجيش الجنرال كلوب بعد أن أقاله جلالة الحسين في عام 1956م من منصب قيادة الجيش العربي و قال له بالحرف الواحد : ( عليك الرحيل ايها الجنرال في غضون اربع و عشرين ساعة لان قيادة جيشنا أصبحت عربية .. فهيّا يا أبو حنيك و جهز يطقك من أجل الرحيل العاجل .. وهكذا كان ! )
صباح الرجل الوطني المدادحة الذي لم يساوم على فك اسر ابنه و فلذة كبده الذي احتجزته السلطات السورية ذات لحظة حماقة من قبل المسؤولين في دمشق . وقال امام جلالة الحسين و على مسمع من الجميع : ( لن أساوم يا سيدي على تحرير أبني من الاسر لان الاردن اغلى من ابني ).
صباح المرحوم معالي احمد الطراونة .. وصباح المرحوم دولة هزاع المجالي طيب الله ثراهما فقد كان يتنافسان في الانتخابات النيابية
في محافظة الكرك في الخمسينيات رغم انهما كانا شريكين في مكتب محاماة واحد لهما وبلغهما أن العشائر في الكرك منقسمة على نفسها بسبب الانتخابات .. ومن أجل حل هذه المشكلة أقترح (أبو هشام) على (أبو أمجد) بأن يذهبا معاً الى الكرك بسيارة واحدة .. فأنطلقا معاً منذ الصباح الباكر و وصلا الى بلدة مؤته حيث اقام الوجيه المعروف الشيخ علي ابن يحيى الصرايرة ( ابو ممدوح) طيب الله ثراهما سرادقاً رحباً ام منزله و أولم للمرشحين الطراونة و المجالي و بعض عشائر الكرك التي تنادت لحضور الاجتماع المذكور .. وما أن وصلا حتى همسا في اذن المعزّب (أبو ممدوح) بأن يوعز للشباب بأن يحضروا قطف عنب و رغيف خبز .. فجيء بالخبز و العنب .. فأمسك (أبو هشام) في الرغيف فيما أمسك (أبو أمجد) بقطف العنب وأخذا يأكلان معاً و هما يضحكان !
ولشدما كانت دهشة الحضور من أبناء العشائر عندما رأوا المرشحين المتنافسين يداً بيد يأكلان معاً فتلفت الحضور في وجوه بعضهم بعضاً وأتفقوا على قسمة الاصوات بالتساوي بين المرشحين الطراونة و المجالي و ساد الوئام محل الخصام في الكرك و أنتهت الامور على خير ما يرام .
صباح الشاعر المبدع و عاشق الاردن و قيادتنا الهاشيمة الاستاذ حيدر محمود أطال الله بعمره الذي جعل الندى الحنون ينساب من مقلة الحسين الغالي عندما القى قصيدة عصماء بين يدي جلالته يقول مطلعها :
مع الحسين ولدنا نحن و الوطن
ولن يفرقنا عن بعضنا الزمن
توحد الكل فيه فهو خافقنا
ونحن خافقه و الروح و البدن
صباح الشاعر المبدع شاعر الضفتين و العرب الذي خلد من خلال بيانه الساحر مجد الاردن .. و وجع الاردن .. وكبرياء الاردن .. وفرح الاردن .. وقامة الاردن الباسقة . صباح الصادق الذي اوجع القلوب عندما خاطب الشهيد وصفي التل في ذكرى استشهاده قائلاً :
وصفي وأعرف أن الروح تسمعني
أرجع ولو شوكةً في الخصر توجعني
أو زهرة من زهور القفر يابسة
تحمي بقاياي من ضعف ومن وهن
هذا حمانا و نحن العاشقون له
وأنت في كل قلب غير مرتهنِ!
صباح المرحوم الدكتور يعقوب زيادين الذي تغزل بقرية (السماكية) وكتب أجمل الكلام عن الكرك و الاردن و أرخ للحركة الوطنية الاردنية عبر كتابه (البدايات) .. صباح طيب القلب الطبيب و نصير الفلاحين و الفقراء و المساكين الذي كان مرضى الفقراء و الفلاحين يقصدون عيادته و يتلقون العلاج مجانا و الدواء بلا مقابل و دون مِنّه !
صباح النائب زيادين الذي منحه اشقاؤنا في القدس الشريف ثقتهم و اصواتهم زمن الوحدة بين الضفتين في الخمسينيات و اوصلوه الى قبة البرلمان في عمان وهو الكركي و أحد اشقائنا المسيحين الطيبين الذين نحضنهم نحن في الكرك ( خشم العقاب ) برمش
العين و مهجة القلب .
و في الختام اقول : صباح الاستقلال المجيد .. صباح اليوبيل الفضي المبارك .. صباح جيشنا العربي الباسل .. صباح ثورة الاحرار العرب
صباح وطن سياجه المجد .. و زوادته الصبر .. وزناره الكرامة
صباح الهاشمين الاطهار و الاردنيين الابرار و العرب الاحرار الذين شادوا لنا وطناً عزيزاً
كبيراً يطموحه القومي و رجالاته و أرضه و ناسه الطيبين .. وصباح توأم الروح الاشقاء في فلسطين العزيزة.