حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,8 سبتمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 15977

الجاليات العربية في البرازيل: الدور، والحضور، وآفاق المستقبل ..

الجاليات العربية في البرازيل: الدور، والحضور، وآفاق المستقبل ..

الجاليات العربية في البرازيل: الدور، والحضور، وآفاق المستقبل ..

22-06-2024 04:11 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : السفير قيس شقير
البرازيل عالمٌ قائمٌ بذاته، يحتلُّ أكثر من ثلاثةٍ وأربعين بالمئة من مساحة قارة أمريكا اللاتينية، تبلغ مساحتها أكثر من ثمانية ونصف المليون كلمٍ مربعٍ، ويزيد تعداد سكانها عن مئتين وعشرة ملايين نسمة، منهم ما يقرب من اثني عشر مليونًا من أصل عربي، أي ما نسبته ستةٌ بالمئة من مجموع السكان. واقتصادها التاسع عالميًا نسبةً للناتج المحلي الإجمالي. وهي أكبر دولة في أمريكا اللاتينية، وخامس أكبر دولة. في العالم، والوحيدة الناطقة بالبرتغالية في الأمريكتين.

وتختلف الروايات حول اتصال عالمنا العربي بالبرازيل، حيث تٌرجع بعضها الاتصال هذا إلى ما قبل اكتشاف البرتغال لها، بدلالة بعض النقوش والكتابات الإسلامية المتوافرة في مدنٍ مثل ريو دي جينيرو، وباهيا، وهو الاسم العربي الذي أطلقه سكانها من العرب حين شاهدوا جمالها الساحر. وهناك قولٌ آخر يشير إلى اصطحاب مكتشفي أمريكا اللاتينية والبرازيل بعض المرشدين المسلمين المتمرّسين في علم البحار. ويذهب رأيٌ آخر للباحث الدكتور علي الكتاني إلى أن غزو البرتغاليين للبرازيل لم يمنع اتصالنا مبكّرًا بالبرازيل.

أما الوجود العربي الراهن في البرازيل، فيجمع الباحثون على أنه يسبق عام خمسين وثمانمئة وألف، حيث عُثر على أدلةٍ لانتشار اللغة العربية وثقافتها في عديدٍ من المدن في أنحاء البرازيل. وتعزّز هذا الوجود بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عام أربعةَ عشرَ وتسعمئةٍ وألف، وكان جُلّه من بلاد الشام. وما نزال نلمس أثر الحضور العربي هذا إلى اليوم في أسماء عائلات عربية يحملها سياسيون وقادة رأي في المجتمع البرازيلي؛ سياسيون، وأطباء، ورجال أعمال بارزون، وغيرهم. وتحتض اللغة البرتغالية في ثناياها نحو تسعةٍ بالمئة من مفرداتها من اللغة العربية، وقد تقل النسبة هذه برأي آخرين. "فلزيتي" كلمةٌ برتغاليةٌ تعني زيت الزيتون، والأرز والسكر حافظا على لفظهما العربي مع أل التعريف. وفي المقابل، يبدو أنّ هناك كلماتٍ نستخدمها في لغتنا العربية وخاصة المحكية منها من أصولٍ برتغاليةٍ، فنقول في الأردن مثلًا للولد الصغير: " قاروط" وهو لفظ برتغالي " garoto" و garota”" للبنت الصغيرة. كما تعكس المائدة البرازيلية هذا الأثر، حيث ضمّت أصنافًا عربيةً من الطعام، وعدّتها برازيلية، كالحمّص والتبّولة والكبّة، وغيرها.
وتفيد دراسةٌ إحصائيةٌ أجرتها إحدى كبرى الشركات البرازيلية المتخصصة على الجاليات العربيةٍ في البرازيل بالآتي:

من بين أحدَ عشرَ مليونًا وستمئة ألف عربي برازيلي، هناك تسعةُ وعشرون بالمئة لبناني الأصل، وثلاثةُ عشر بالمئة سوري، وخمسةٌ بالمئة مصري، ومثلها فلسطيني، وستةٌ بالمئة مغاربي.
وتتمتع الجاليات العربية بمستوىً تعليمي عالٍ، وتبرز في مجالات الأعمال والهندسة والحقوق.
ويشكل الكاثوليك نصف تعداد الجاليات، والإنجيليون سبعة عشر بالمئة، والمسلمون نحو عشرين بالمئة.
العيش الكريم هو أبرز أسباب القدوم، حيث يرى خمسةٌ وثلاثون بالمئة من البرازيليين العرب في البرازيل بلدًا آمنًا ومتسامحًا.
ويهتم إثنان وسبعون بالمئة منهم بأوجه الثقافة العربية، (والمطبخ العربي على وجه التحديد) رغم أن انتشار الثقافة العربية ضعيف. ويتكلم فردٌ من نحو أربعٍ وعشرين بالمئة من العائلات العربية اللغة العربية. ويُعرّف ثمانيةٌ وأربعون بالمئة من الجاليات عن أنفسهم بأنهم عربٌ، ويقرّ أربعةٌ وتسعون بالمئة منهم بأصولهم العربية.
وهناك خمسة أجيال من المهاجرين العرب، ولا يهتم المتأخرون منهم بالهُوية والانتماء.
أما اقتصاديًا، فالوضع المعيشي للجاليات العربية أعلى من المتوسط، فعشرة بالمئة من رجال الأعمال البارزين هم من أصلٍ عربيٍ، كما أنّ النظرة للجاليات العربية إيجابيةٌ في مجملها، فيرى ستٌ وسبعون بالمئة من المستطلعة آراؤهم أنّ الجاليات العربية ساهمت ببناء اقتصاد البرازيل.
ويتحدث اثنان وثمانون بالمئة من مسلمي الجاليات اللغة العربية، وذلك لاقتران اللغة العربية بالعبادات، وتنخفض النسبة عند الكاثوليك إلى عشرة بالمئة، وعند الإنجيليين إلى ستةٍ بالمئة.
ويتقن نحو ستةٍ وخمسين بالمئة من أبناء الجاليات العربية اللغة البرتغالية، وأربعةٌ وأربعون بالمئة لغاتٍ أخرى, ويتقن ستةٌ وعشرون اللغة الإنجليزية، ويتحدث أربعةٌ وعشرون بالمئة العربية، وترتفع النسبة عند الذكور لتصل إلى واحدٍ وثلاثين بالمئة، وإلى ثلاثةٍ عشر بالمئة عند الإناث. ويرتفع إتقان العربية عند الطبقتين الاجتماعيتين الأولى والثانية، وعند من تتراوح أعمارهم ما بين أربع وعشرين، وأربعٍ وثلاثين سنةٍ.

إنّ تعليم اللغة العربية، ونشر الثقافة العربية، هما محوران مهمّان في تعزيز حضور البرازيليين من أصولٍ عربيةٍ في الساحة البرازيلية، ومساهمتهم توطيد العلاقات العربية البرازيلية. وللجانب الإعلامي دوره أيضًا، فمشروع إطلاق قناة فضائية ناطقة بالعربية، ونشر برامج إعلاميةٍ وثائقيةٍ، وأفلامٍ سينمائيةٍ، ومسلسلاتٍ عربيةٍ مترجمةٍ أو مدبلجةٍ إلى اللغة العربية، كلها مشاريع تنظر من يبادر إليها. ولا بدّ أن تكون البرامج والمواد الإعلامية السينمائية والتلفزيونية تلك جاذبةً للمشاهد البرازيلي، وللبرازيلي من أصولٍ عربيةٍ على وجه التخصيص، بحيث ترفده بمادة ثقافية عن تاريخ بلاده وقضاياها الرئيسة، وحياتها الاجتماعية الراهنة، والسابقة التي عاش بعضهم جزءًا منها. وإن تعزيز البرامج المقدمة من وزارات الخارجية في الدول العربية والبرازيل لتعليم اللغتين العربية والبرتغالية، وكذلك من الجامعات والهيئات الأكاديمية، سيسهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين الدول العربية منفردة، والبرازيل. وإن تركيز البرامج هذه لتأهيل الدبلوماسيين، والموظفين العاملين في المجالات التجارية، والاقتصادية ذو أهميةٍ ومردودٍ بالغي الأثر.

وختامًا، فإن الطريق الأيسر لتحقيق ما سبق من أفكارٍ، تحتّم أن يكون القطاع الخاص في الدول العربية والبرازيل طرفًا رئيسًا في تبنّي عديدٍ من المشاريع تلك. ولا يعني تولّي القطاع الخاص في الدول العربية والبرازيل لهذه المهمة، أنّ الدور الرسمي للحكومات مستبعدٌ، بل بالعكس، فإن التّبني لهذه المهمة على المستوى الرسمي هو الأساس لانطلاقة أيّ جهدٍ ثقافيٍ يُسهم في تنمية العلاقات بين الدول العربية والبرازيل. وسيكون للشراكة بين القطاعين العام والخاص في تلك الدول الدور الأساسي في إنجاح أية مشاريع تصبّ في هذا الاتجاه.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 15977
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
22-06-2024 04:11 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم