30-06-2024 12:06 PM
بقلم : يوسف رجا الرفاعي
المناظرة بين الرئيس الاميركي الحالي ورئيس مُرشح للعودة رئيساً والتي جرت بالأمس على وقع تداعيات الطوفان الآخذة في الاتساع شرقاً وغرباً بشكل متسارع دون استطاعة احدٍ الوقوف في وجه موجِه العاتي الذي جَرَف في طريقه التي لا يُعرَف اتجاهها كل رواسب القذارة التي تراكمت لما يقرب من قرن من الزمن وبانت كل العورات التي جُمِّلَت وزُيِّنَت على انها المعاني السامية والسلوك السوي المستقيم وكان محور وجوهر المناظرة هو وجهة نظر كل من الرئيسين تجاه ما يجري في غزة تحديداً على الرغم من الوقت القصير الذي حُدِّدَ لهذا الموضوع ثم على هامش هذه المناظرة تم التطرق الى الوضع في أوكرانيا بالاضافة الى مواضيع امريكية أُخرى .
كل رئيس ومعه حزبه وكل المنتمين والمؤيدون له يتهمون الرئيس الآخر انه لا يصلح بحال من الاحوال ان يكون رئيسا لامريكا ويتهم كل منهم الاخر باوصاف لا نريد ان نذكرها نحن العرب ( وذلك من اجل اثبات حُسن سلوكنا ! ونزاهتنا ! وسلامنا مع ذاتنا ومع الآخر ! وعدم التدخل ! و " النأي بالنفس " حسب آخر شعار هزيل تبناه العرب ) ولا نريد ان نزاود على ما قاله كبيرهم توماس فريدمان الذي علمهم سحر السياسة المسمومة وكيفية ليّ عُنق الحقيقة ورفع راية الباطل حيث قال بعد انتهاء هذه المناظرة حرفياً كما جاء في مقال له في جريدة نيويورك تايمز بعنوان " رأي " حيث كتب التالي :
Joe Biden Is a Good Man and a Good President. He Must Bow Out of the Race
جو بايدن رجل طيب ورئيس جيد. يجب عليه أن يكون خارج السباق الرئاسي ، كما انني لن اكتب ما قاله صاحب الشخصية الاكثر شهرة على المستوى الاعلامي والكوميدي والناقد السياسي الامريكي جون ستيوارت في تعليق مرئي له على هذه المناظرة وذلك
" مِن قبيل الامتثال لسياسة النأي بالنفس ايضاً "
لا يمكن بأي حال من الأحوال ان الشعب الامريكي كان مُغيَّباً عما جرى في هذه المناظرة ولكن يا ترى هل شعر ذلك الشعب بالإحباط ، وهل أُصيب بخيبة الامل وهو يرى نفسه مرغماً وليس امامه خياراً آخر سوى الإدلاء بصوته الى أحد هذين المرشحين العجوزين دون ان ندخل في جدلية أن مَن يختار الرئيس ليست اصوات الناخبين ، ولو ان احدهم قام بعمل استبيان شعبي هناك عن رضاهم وقبولهم احد هولاء الاثنين رئيسا للبلاد لكانت النتيجة صادمة ،
لا يخفى على احد صعوبة الوضع الاقتصادي الامريكي المُتخَم بارتفاع ارقام التضخم ومشاكل متعددة متراكمة ومتزايدة مع عدم وجود حلول لها .
ان الادارة الامريكية الحالية كما هو معروف ومعلن وليس قولاً وإنما بالأفعال مرهونة بأيدي قوى لا تأخذ بعين الاعتبار المصلحة الامريكية الداخلية ولا الشأن الامريكي بمختلف جوانبه المتعلقة بحياته اليومية كأولوية قصوى باي شكل من الاشكال ودليل ذلك هو ما كنا وما زلنا نراه ونسمعه قبل هذه المناظرة وبعدها ، فلم نَعُد نسمع مِن المتحدثين باسم البيت الابيض ولا مِن الرئيس الامريكي نفسه ولا مِن قادة الاجهزة الامنية والعسكرية والقيادة السياسية والاقتصادية والإعلامية وحتى الاجتماعية والصحية سوى الحديث عن وضع امريكا في المعركة والحرب الدموية التي تقودها في غزة ولم يعد يصدر عنهم سوى الالتزام باستمرار هذه الحرب التي لا يُقتَلُ فيها إلا المدنيين الابرياء العُزَّل ولا حديث منهم إلا عن تحرك المدمرات والبوارج والسفن الحربية وطائرات ال إف ٣٥ وعن اليمن بما تفعله بسُفُنِهم وبوارجهم .
اقول ان محور المناظرة كان عن الحرب في غزة على الرغم من قِصَر الحديث عنها ، وهنا يأتي التاكيد على محوريتها عندما نعلم ان المساعدات الامريكية المسجلة رسميا والمعلنة وهي مساعدات مالية نقدية وأسلحة أُعطيَت للمشاركين في هذه الحرب الاجرامية الدموية وصلت إلى ما يقرب من السبعة مليارات دولار خلال ايام هذه الحرب ثم أضف لها ثمن الاسلحة التي استخدمتها هي بنفسها بواسطة جنودها وطائراتها وبوارجها وسفنها واقمارها كلها ، وربما تزيد هذه " بحسب تقديرات الخبراء " عن العشرة مليارات من الدولارات ثم يتم التجاوز عن كل هذا وعدم السؤال عن كل هذه المليارات وعن شرعية إنفاقها بل والأدهى من ذلك ان يُتهَم الرئيس الحالي بالتقصير في اعطاء ودفع المزيد ، وهذه اشارة صريحة من الرئيس المرشح الى المعنيين بتعيينه رئيساً انه سيكون ملتزماً بالدفع والدعم بلا حدود بكل ما تملكه امريكا اذا تم تعيينه رئيساً ،
ألا يدعو هذا الى الدهشة والاستغراب !!
اين الشعب الامريكي من كل هذا ؟
لا احد يُنكر ان شعوب العالم بِرُمَّته تعيش في ظُلمٍ شديد يُمارَس عليهم بقوى طاغيه تمكنت من فرض هذا الظلم بمؤسسات وهيئات ومحاكم تم انشاؤها من اجل إحكام السيطرة على العالم بواسطة هذه الأدوات كلها ، وقد مورس على هذا العالم انواع مختلفة مِن الارهاب الفكري بإعلام مُضَلِّل صوَّر الظلم والقهر على انه عدل وتم تسويق الفساد والاحتلال والعدوان والقتل على ان كل ذلك حق لكل مَن مارَسَه ،
وان في مقدمة هذه الشعوب التي تم تضليلها هو الشعب الامريكي الذي يتنافس المتنافسون على رئاسته بتقديم الكثير مِن القرابين والدعم المادي والعسكري والسياسي وتطويع الانظمه والقوانين خدمةً لغير الشعب الامريكي بل من اجل دعم حُلفاء وكيانات هي في الحقيقة عبئا عليها وليس ذلك تطوعاً بل تنفيذاً جبرياً ومنح الاموال التي يدفعها ذلك الشعب من ماله الخاص الذي يجنيه بجهده وعرقه على طبق مِن ذهب قسراً وجبراً ،
فَمَن يُنقِذُ ذلك الشعب مما هو فيه ؟
وعندما نقول ان الادارة الامريكية مرهونة لطاقم يقودها باتجاه لا يخدم مصلحة الشعب نستشهد على هذا القول بماكينات الطباعة الدولارية التي تطبع بلا عدَّادات وهذا الامر بالعرف والعلم الاقتصادي والمالي انما هو إضرار بلا حدود لما له مِن اثر بالغ في ارتفاع التضخم بصورة تخرج عن السيطرة وتكون بمثابة بالون قابل للانفجار في كل لحظه وهذا يعرفه المتعلم وغير المتعلم ، فلِمَن تُطبَعُ هذه الدولارات إذن ؟؟
إنّ الإرهاصات التي ينبئ عنها هذا الطوفان انما هي مُبَشِّرات بأن مَن رَكِبَ سفينة هذا الطوفان ومَن يؤيدهم مِن اصحاب الضمائر الانسانية الحية مِن كل أنحاء العالم بغضِّ النظر عن جِنسهم ومعتقدهم هم اصحاب الأيادي البيضاء التي سَتُعيد العدالة على هذه الارض ولن يكون فيها تمييزاً لأسوَدَ على أبيض ولا لأبيض على أسوَد وانما ستكون عدالة لأهل الارض قاطبةً يُحاسَبُ فيها الظالم ويُنصَفَ فيها المظلوم وذلك بعد ان تَبتَلِعَ الارض مياه هذا الطوفان بما حَمَلَه معه من بغيٍ وظُلمٍ وعدوان وعسى ان يكون قريبا .
يوسف رجا الرفاعي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
30-06-2024 12:06 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |