08-07-2024 08:36 AM
بقلم : د. رعد التل
تشير وثيقة "الانتقال الكبير" والتي نستكمل من خلالها استعراض المنجزات والتحديات التي تزامنت خلال 25 سنة من حكم جلالة الملك عبد الله الثاني، الى أنه في عام 2012، وفي أجواء "الربيع العربي" وجراء انقطاع الغاز المصري واللجوء إلى الاعتماد على النفط المستورد لتوليد الكهرباء، رفع الأردن الدعم عن تسعيرة المشتقات النفطية؛ الأمر الذي أدى إلى ارتفاع كبير في أسعارها تبعه فرض ضريبة مقطوعة على المحروقات بأصنافها المختلفة، في الوقت الذي توسعت فيه الحكومة بالإنفاق لضرورات سياسية وأمنية فرسضتها الظروف السائدة آنذاك.
هذا ما دفع الأردن إلى العودة إلى سياسة الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ فاقترض في المرة الأولى 2 مليار دولار، وكان تقرير لصندوق النقد الدولي قد أشار إلى أن دعم أسعار الطاقة في الأردن كلَّف الحكومة حوالي 6 % من الناتج المحلي الإجمالي عام 2011.
وفي تلك الفترة، بدأت ملامح أزمة في استقرار النظام النقدي، إذ أشار تقرير لصندوق النقد الدولي إلى أن التوترات الإقليمية أثرت سلبيًا على السياحة والتحويلات والاستثمار الأجنبي المباشر. ونتيجةً لذلك، تباطأ النمو، وضعفت ثقة المستثمرين، وتفاقم عجز الحساب الجاري الخارجي (بما في ذلك تراجع المنح). وتسبّبت التكلفة المرتفعة لواردات الوقود في انخفاض احتياطيات البنك المركزي الأردني.
مرة أخرى، قاد البنك المركزي الأردني السياسة النقدية إلى برّ الأمان، إذ اتخذ سلسلة إجراءات أدت إلى استقرار السوق وتوفير العملات الأجنبية للتداول. في 3 كانون الأول 2012، رفع البنك سعر الفائدة لليلة واحدة بمقدار 75 نقطة أساس. ومنذ ذلك الحين، بدأت الدورة في الانعكاس، وأصبحت الودائع بالدولار (بالنسبة المئوية من إجمالي الودائع) أقل بحوالي نقطتين مئويتين، وتم رفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في شباط 2013، ومرة أخرى بمقدار 50 نقطة أساس في أيار 2013 إلى 3.25 %، واستعاد سوق الأسهم عافيته المالية بعد أن خسرها خلال الأزمة.
وعمومًا، أسهمت سياسة البنك المركزي الأردني القائمة على ربط سعر صرف الدينار بالدولار في استقرار سعر الصرف وإبقاء الدينار قويًا.
وفي عام 2020، قاد البنك المركزي الأردني جهودًا واسعة للحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي والتخفيف من عبء تداعيات جائحة "كورونا"، حيث نفذ جملة من الإجراءات بلغت قيمتها الإجمالية 2.7 مليار دينار (8.6 % من الناتج المحلي الإجمالي)، هدفت لتعزيز قدرة القطاعات الاقتصادية على مواجهة التداعيات السلبية للجائحة، بالإضافة إلى تعزيز منعة الاقتصاد المحلي من خلال المحافظة على الوظائف واستدامة قدرة الأعمال على تنفيذ الأنشطة الاقتصادية. واستفاد من برامج البنك حوالي 8851 شركة ومشروع، أسهمت في حماية ما يزيد على 159 ألف فرصة عمل.
لقد شكلت قصة نجاح السياسة النقدية الأردنية خلال الفترة 1999 - 2023 مثالًا جيدًا على كفاءة الأردنيين في إدارة التكامل بين البنك المركزي الأردني والحكومة الأردنية واضحًا في سياستهما المشتركة للتصدي للتحديات الاقتصادية والمالية، وهذا ما ساهم في تحقيق الاستقرار النقدي والمالي على مدار السنوات. تجلى ذلك في اتخاذ الإجراءات الحاسمة خلال الأزمات، مثل رفع سعر الفائدة وضمان الودائع المصرفية وتوفير السيولة الكافية للبنوك.
كما تمثلت هذه التكاملية في تطبيق سياسات تحفيزية وداعمة للاقتصاد خلال جائحة كورونا، مما ساهم في تقليل الآثار السلبية على القطاعات الاقتصادية والمواطنين.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
08-07-2024 08:36 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |