بقلم : د. عدلي قندح
بلغ حجم المديونية للأفراد في الأردن حوالي 13.4 مليار دينار أردني في الربع الثالث من عام 2023، لتشكل حوالي 40.4% من مجمل رصيد التسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك. هذه المديونية موزعة على أنواع مختلفة من القروض، مما يعكس تنوع احتياجات الأفراد وقدرتهم على الحصول على التمويل. يمثل هذا التنوع دليلاً على الحالة الاقتصادية الكلية في الأردن، ومدى تأثيرها على السلوك المالي للأفراد.
تشكل القروض السكنية 37% من إجمالي رصيد مديونية الأفراد. هذه القروض تشمل تمويل شراء المنازل والشقق، وتعكس الحاجة الكبيرة للسكن في ظل ارتفاع تكاليف العقارات. تتماشى هذه النسبة مع النمو السكاني وزيادة الطلب على الإسكان، كما أنها تعكس عدد حالات الزواج الجديدة في المملكة التي تتجاوز 60 ألف عقد زواج بالمتوسط سنوياً. تعكس هذه النسبة أيضاً التحديات الكبيرة التي يواجهها الأفراد في تحقيق الاستقرار السكني، مما يزيد من الاعتماد على التمويل العقاري.
واستحوذت القروض الشخصية على 34.3% من إجمالي رصيد مديونية الأفراد. هذه القروض تتضمن الأموال التي تُقرض للأفراد دون تحديد غرض معين، وتستخدم في تغطية نفقات الزواج، التعليم، أو حتى النفقات الطبية. تعكس هذه النسبة العالية اعتماد الأفراد على التمويل الشخصي لتلبية احتياجاتهم المختلفة، مما يشير إلى ضغوط مالية ناتجة عن ارتفاع تكاليف المعيشة.
وتُمثل قروض السيارات 13.2% من إجمالي مديونية الأفراد، مما يعكس أهمية السيارات كوسيلة نقل أساسية. يرتبط الطلب على قروض السيارات بشكل مباشر بتوفر شبكة نقل عام فعّالة. في الأردن، يوجد شبكة نقل عام جيدة بين المدن، ولكن قد يكون توزيعها غير متكافئ على مناطق العمل، الامر الذي يدفع الأفراد لشراء السيارات الخاصة كوسيلة مضمونة للتنقل، هذا الوضع يزيد من العبء المالي على الأسر.
وتشكل القروض الاستهلاكية 9.6% من إجمالي رصيد مديونية الأفراد، وتستخدم في شراء السلع والخدمات مثل الأجهزة الكهربائية والأثاث. تعكس هذه القروض نمط الحياة الاستهلاكي واعتماد الأفراد على التمويل لاقتناء هذه السلع، مما يشير إلى رغبة في تحسين مستوى المعيشة أو تلبية احتياجات فورية.
واستحوذت بطاقات الائتمان على 3.7% من إجمالي رصيد مديونية الأفراد، وهذه النسبة، رغم كونها صغيرة، تشير إلى الاعتماد على هذه الوسيلة في الشراء اليومي وسهولة الوصول إلى الائتمان.
وتشمل القروض الأخرى، التي تمثل 1.5% من إجمالي رصيد مديونية الأفراد، قروضاً لأغراض متنوعة قد لا تكون محددة في الفئات السابقة، مثل قروض الأعمال الصغيرة أو قروض السفر. وتعكس هذه الفئة التنوع في احتياجات الأفراد التمويلية.
عند مقارنة توزيع القروض في الأردن بدول أخرى، نجد اختلافات واضحة نتيجة العوامل الاقتصادية والاجتماعية المختلفة. ففي الولايات المتحدة، تصل نسبة القروض السكنية إلى حوالي 70% من إجمالي قروض الأفراد، وهي ضعف النسبة في الاردن تقريباً، مما يعكس الاعتماد الكبير على التمويل العقاري في أميركا بسبب ارتفاع أسعار المنازل والدخل المرتفع. أما في دول الخليج، فتكون نسب القروض الشخصية أعلى نتيجة الرواتب المرتفعة والدعم الحكومي في توفير السكن.
يعكس توزيع المديونية في الأردن احتياجات الأفراد المتنوعة والاعتماد على التمويل لتلبية هذه الاحتياجات. مقارنة هذه البيانات مع الدول الأخرى تُظهر الاختلافات في النسب بناءً على العوامل الاقتصادية والاجتماعية. فهم مكونات وأنواع القروض يساعد في تقديم صورة أوضح عن الوضع المالي للأفراد وكيفية تحسين السياسات المالية والاقتصادية لتلبية احتياجات المجتمع بشكل أفضل.
إن تحسين الوضع الاقتصادي الكلي في الأردن يتطلب نهجاً شاملاً يتضمن المزيد من التحسين في البنية التحتية للنقل، تعزيز السياسات الاجتماعية والاقتصادية، وزيادة الاستثمارات في قطاع الإسكان لضمان استقرار مالي واجتماعي أكبر للأسر الأردنية.