06-08-2024 03:25 PM
بقلم : المحامي أكرم الزعبي الرئيس السابق لرابطة الكتّاب الأردنيين
"في البدء كانت الكلمة"، ثمّ كان القلم ليكتبها، ثمّ جاءت الموسيقى لتجعلها لحنًا يستثير المشاعر، وتجعلها سهلة الحفظ للسامعين، ولا يخفى على أحدٍ ما للكلمة من سطوةٍ وجبروت، فقد حرّكت الجيوش، واستنهضت الهمم، ورفعت مَن رفعت، وأسقطت مَن أسقطت.
ولعلّ أجمل الكلام وأصدقه ما كُتب في حبّ الوطن، فإذا كان المكتوب شعرًا سار على ألسنة الناس بعضه، وإذا صار لحنًا تغّنت به الجموع بُكرةً وعَشيّا، فمن منّا ينسى رائعة سعيد عقل "أردنُّ أرض العزم أغنية الظبى" والتي سطّرتها فيروز لحنًا خالدًا، ومن ينسى فاتنة حيدر محمود "أرخت عمّان جدائلها فوق الكتفين" التي غنّتها نجاة الصغيرة لتصير سِفرًا من أسفار الأردنيين، ومن ينسى إبداع علي عبيد الساعي في "عمّان يا دار المعزّة والكرم" تلك التي تألق في غنائها الفنان المرحوم فارس عوض لتصبح جزءًا من ذاكرة عمّان الحيّة !!.
الكلمة الحقيقية تبقى، والكلمة التي تسقط في قلوب الناس تبقى، وهذا بالضرورة يقودنا إلى سؤالٍ عن حجم الكلمات التي كُتبت عن الأماكن في الوطن، عن الشعر الذي قيل في الوطن، وعن مقدار رسوخ هذه الكلمات والأشعار في قلوب الأردنيين، وعن مدى ملامستها لتاريخهم وبطولاتهم وتسطيرها لتظلّ شاهدةً للتاريخ، كمثل عبارة الشهيد المعاني خضر شكري يعقوب في معركة الكرامة بعدما حاصره العدو، فقال "الهدف موقعي .. اضرب اضرب".
بالتأكيد لن تصنع الكلمة انتماءً، لأنّ الانتماء متعلّقٌ بالنفس البشرية متغيّرة الأحوال، لكنّ الكلمة الحقيقية التي تخرج من القلب أغنيةً تكون كالماء للشجرة، تغذيّها وتمدّها بالطاقة اللازمة للحياة، ولذلك وجب الاهتمام بالأغنية الوطنية والارتقاء بها نحو المكان والزمان كلمةً ولحنًا أكثر من انشغالها بالآليات والأسلحة، مع ضرورة اختيار المميزين من الموسيقيين والملحنين لنخرج بأغنيةٍ وطنيةٍ حقيقةٍ وخالدة، أكثر من اهتمامنا بالكلمات اليومية والألحان السريعة الجاهزة، لأنّ الأغنية الوطنية الحقيقية والجادّة تركيبةٌ ضرورية وهامّة من مكونات الأمن الثقافي الوطني.
رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين السابق
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-08-2024 03:25 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |