07-08-2024 08:38 AM
سرايا - لا يفكر معظم المستخدمين في الانبعاثات الكربونية عندما يضغطون على زر الإرسال في الهواتف الخلوية، والبريد الإلكتروني، والتي قد يعادل أثرها الكربوني قيادة السيارة لمسافة كلم، وفق تقارير دولية.
هذه الأثار الكربونية دفعت بالحكومة إلى التفكير نحو فرض ضريبة البصمة الكربونية على رسائل البريد الإلكتروني والهواتف الخلوية، أسوة بالتوجهات العالمية للعديد من الدول وشركات خدمات الإنترنت، وفق مصادر مطلعة في وزارة البيئة.
لكن هذه التوجهات تصطدم بتحذيرات خبراء من تطبيق هذا النوع من الضرائب دون أن يكون هنالك "تشريع أو قانون" يسن لهذه الغاية في الأردن، أو حتى "وجود آلية لقياس الانبعاثات الكربونية" الصادرة عن هذا القطاع، وأخرى "لاحتساب أسعار الكربون"، مع وضع "طرق لجمع هذه الضرائب".
وقد تضع الحكومة نفسها إذا لم تقم بتلك الخطوات، وفق الخبراء "أمام انتقادات لاذعة من المواطنين تُشكك في الأهداف الكامنة وراء جمع هذه الضريبة، وإن كانت تأتي ضمن إجراءات التعامل مع التغيرات المُناخية، أم هي كغيرها من الضرائب الأخرى".
وتعد رسائل البريد الإلكتروني حول العالم مسؤولة عن انبعاثات كربونية تعادل 7 ملايين سيارة، وفقا لتقديرات حول البصمة الكربونية للبريد الإلكتروني حول العالم، نشرها موقع ساينس فوكس.
وتعد الكهرباء المستخدمة في رسالة البريد الإلكتروني الواحدة مسؤولة عن نحو 4 جرامات من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهذا الرقم يرتفع إلى متوسط 50 جراما إذا تم تحميل ملف أثقل، والذي يحتاج لمساحة تخزين إضافية ووقتا أطول لإرساله.
فيما تنتج مكالمة هاتفية لمدة دقيقة واحدة 0.1 غرام من ثاني أكسيد الكربون، ويؤدي إرسال رسالة نصية لإنتاج 0.014 غرام، بينما يُطلق استخدام 1 جيجابايت من الإنترنت 0.3 كلغم، وفقًا لتقديرات دولية.
وبرأي الرئيس الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا للمعهد العالمي لاحتجاز الكربون وتخزينه د. محمد أبو زهرة، فإن "ضريبة الكربون مطبقة في العديد من الدول الأوروبية، وفي كندا، وأميركيا وغيرها، والتي تستهدف بالدرجة الأولى الشركات والصناعات ومحطات توليد الطاقة، التي تتسبب بالانبعاثات الكربونية".
ولكن على صعيد الأفراد أكد على أن "هنالك حديثا عالميا حول تطبيق ضريبة البصمة الكربونية على الأعمال اليومية للأفراد من استخدام السيرفرات "الخوادم" لإرسال البريد الإلكتروني، أو الرسائل النصية عبر الجوال والتطبيقات الاجتماعية".
ولكن تكمن صعوبة تطبيق تلك الخطوة، بحسبه في "عدم القدرة على قياس انبعاثات الكربون الصادرة عنها، وتحديد الأسعار وطرق جمع هذه الضرائب، وكيف ستجري عملية التقييم لها، كما هو معمول به حالياً على قطاع المركبات".
وشدد على أن "الدول العربية بشكل خاص ما تزال تفتقر لوجود ما يسمى بتسعير الكربون، مع وضع آليات لقياسها في الصناعات المختلفة، وصولاً لتطبيق سياسة فرض ضريبة للانبعاثات الكربونية على الشركات والقطاعات الصناعية، قبيل التوجه نحو فرضها على الأفراد".
وأكد على أن "تطبيق ضريبة البصمة الكربونية على الأفراد في الأردن ستكون محط تشكيك من المواطنين حول مدى فعاليتها، والأهداف من وراء جمعها، وإن كانت تصب في شأن التعامل مع التغيرات المُناخية، أم أنها كأي ضرائب أخرى تفرضها الحكومات على مختلف السلع والخدمات".
وتابع قائلاً: "التقبل لهذا النوع من الضرائب لن يكون على نطاق واسع بين الأفراد، قبل البدء بفرض ضريبة على الشركات والصناعات، بحيث تكون جزءا من منظومة كاملة تضعها الحكومة للتعامل مع انبعاثات الكربون وخفضها".
وفي جميع أنحاء العالم، بما في ذلك البلدان العربية ترسل مليارات رسائل البريد الإلكتروني يومياً، وينمو استخدام رسائل الجوال والتطبيقات الاجتماعية (الرسائل الفورية) بمعدل أعلى من أي تطبيقات هواتف خلوية أخرى، بحسب رئيسة قسم الطاقة في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية (الإسكوا) راضية سداوي.
ويعني ذلك، من وجهة نظرها أن "هنالك الكثير من تدفقات البيانات التي تحدث، وتستهلك الكثير من الطاقة، مسببة بذلك إطلاق المزيد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون".
"وأظهرت دراسة حديثة أنه في الوقت الحاضر فإن رسالة بريد إلكتروني مرفقة بمستند بحجم 1 ميجابايت، ومرسلة باستخدام شبكة الواي فاي، ستصدر 3.3 جم من ثاني أكسيد الكربون"، بحد قولها.
ولفتت الى أن "التقديرات تشير إلى أن تبادل الرسائل النصية في العالم ينبعث منه 32000 طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً".
"هذه البصمة الكربونية صغيرة جدا عند مقارنتها بإجمالي تلك الصادرة من قطاع الطاقة والصناعة والنقل، والتي تبلغ 40 مليار طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويا"، بحسبها.
وأشارت إلى أنه "إذا ما أخذ بعين الاعتبار فقط حجم التواصل بالبريد الإلكتروني فإنه من الممكن إدخال ضريبة على الرسائل، ولكن يجب أن تودع هذه العائدات الضريبية في صندوق أخضر لتنفيذ استثمارات في إنتاج الكهرباء، والطاقة الخضراء بصفة عامة".
وتكمن المشكلة بتطبيق تلك الخطوة في رأيها "في كيفية تحديد البصمة الكربونية الناجمة في سلسة الإنتاج للمعادن المستخدمة لطاقة الكهرباء، وحتى في وسائل التواصل بما في ذلك أجهزة الموبايل، والأجهزة المستعملة في تخزين المعلومات وغيرها".
الا أنها أكدت على أن "تطبيق أو طرح موضوع لفرض ضريبة البصمة الكربونية على الرسائل البريد الإلكتروني والجوال وتطبيقات التواصل الاجتماعي من الصعب في الوقت الحالي، في ضوء أن الدول لم تتمكن لغاية الآن من تطبيق هذه الفكرة على نطاق أوسع، وخاصة في مجالات الطاقة واستعمالاتها".
ورغم صعوبة التطبيق، بحد قول سداوي لكن "ضريبة الكربون في جميع القطاعات قد تساهم مع آليات أخرى بالحد من الانبعاثات الكربونية، ولكن يجب التركيز على المجالات ذات البصمة الكربونية العالية كالصناعة والنقل، والتي لم يصل العالم لأي نتائج ملموسة بها".
وأضافت أن "قلة التمويل المتاحة للبدان العربية لا يسمح لتسريع المشاريع الخضراء، حتى وإن وضعت ضريبة على البصمة الكربونية فلن تصل للمساهمة الفعالة للتنوع الاقتصادي، ولو تم ذلك فستكون نسبها ضئيلة".
وحذرت من أن "فرض ضريبة على البصمة الكربونية على رسائل البريد، والنصية وتطبيقات الجوال سيؤثر سلبا على النظام الاقتصادي الحالي، لكونه حقق فائدة من تقليص استعمال البريد العادي إلى العمل على المنصات الإلكترونية".
ويكمن المبدأ الرئيسي لهذه الفكرة من أن "كافة الرسائل المرسلة من السيرفرات "الخوادم" أو الهواتف الخلوية، تستخدم طاقة وبنسب عالية جداً، والتي يتطلب معها إجراء تحليل لحجم الانبعاثات الصادرة عن هذا القطاع، لوضع سياسة للتخفيف منها"، وفق رئيسة قسم التغير المناخي في الجمعية العلمية الملكية ربى عجور.
ولكن على الصعيد المحلي فإن "القيام بهذه الخطوة غير ممكن لعدم توفر طرق لاحتساب كميات الطاقة المستهلكة في عمليات إرسال الرسائل، بخاصة أن كافة الخوادم التي يعتمد عليها الأردن في هذا القطاع هي عالمية"، بحسبها.
وشددت على أن "الحكومة لن تلجأ لاستخدام مسمى الضريبة الكربونية لفرض أي نوع من الضرائب على إرسال الرسائل، وإنما ستدرج تحت بنود ضريبية مختلفة".
وفي رأيها فإن "هنالك حاجة لسن قانون أو تشريع لفرض ضريبة البصمة الكربونية ولكافة القطاعات، وليس على قطاع دون أخر".
ولا بد من أن "تفكر الحكومة بفرض ضريبة للبصمة الكربونية على قطاعات ذات أولوية غير الرسائل مثل النفايات والنقل والطاقة باعتبارها تتسبب بانبعاثات كربونية وبنسب عالية"، وفق عجور.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-08-2024 08:38 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |