10-08-2024 09:12 AM
بقلم : د. محمد حسين المومني
آخر التقديرات الاستراتيجية أن نتنياهو يعي تماما ما يفعل وهو يعاند الولايات المتحدة ويظهر عدم ارتياح ومقاومة لضغوط إدارة بايدن عليه، لا يألو جهدا بإحراج أميركا بمغامرات إقليمية تزيد من منسوب التصعيد الإقليمي، وهذه المغامرات من شأنها أن تقلل فرص هاريس بالفوز بالانتخابات، لا سيما بالولايات المتأرجحة وغير المحسومة بعد ومنها تلك المعارضة للحرب في غزة وتريد أن ترى سلوكا أميركيا مختلفا ووقف الدعم لنتنياهو والحرب في غزة. هدف نتنياهو الاستراتيجي أن يخسر الديمقراطيون ويأتي الجمهوريون لأن ثمة انقساما حادا داخل الحزب الديمقراطي تجاه نتنياهو والحرب على غزة، وتقريبا 30 % من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين قاطعوا خطاب نتنياهو بالكونغرس، أما الجمهوريون فما يزالون يقفون بشبه إجماع مع نتنياهو، وهم اليمينيون والقريبون من فكره.
لا بد والتقدير أعلاه من فهم أن قدوم ترامب لا يعني بالضرورة دعم نتنياهو، لأن الأخير لا يحظى بدعم الأول والعلاقة بينهما ليست جيدة، ولكن الخطورة تكمن فيما إذا ما أعطى ترامب كل أنواع الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل لإنهاء المهمة في غزة، لأن هذا معناه الميداني سيصب بلا شك بصالح نتنياهو. نتنياهو وضع أهدافا للحرب لا يستطيع للآن تحقيقها، وهي أهداف فعليا غير عملية وتحقيقها يحدث فقط عن قتل وسفك دماء عشرات الآلاف من الفلسطينيين، فإن أتى ترامب وأعطى غطاء لذلك ستدخل المنطقة دوامة صراع شديدة وتدفع ثمنا إنسانيا باهظا، فيما يستفيد نتنياهو سياسيا. ترامب للآن يتخذ موقفا معلنا بضرورة إنهاء ما يحدث بسرعة أو إنهاء المهم بسرعة، وأن نتنياهو استنزف رصيد إسرائيل الدولي، فإن كان ذلك سيترجم على شكل دعم لا متناه لإسرائيل لإنهاء المهمة، فهذا معناه أننا مقبلون على جحيم إقليمي لن يبقي أو يذر.
غير محسوم للآن من سيفوز بسباق الرئاسة الأميركية، وقدرة نتنياهو بالتأثير بذلك موجودة لكن محدودة. الوسطيون في أميركا يميلون لهاريس، والنخبة المثقفة تجد بقدوم ترامب تهديدا للديمقراطية ومنظومة القيم الأميركية، ولذلك يستبسلون بمحاربته سياسيا. هاريس أيضا تستميل المصوتات من النساء بفارق 13 نقطة عن ترامب والسود واللاتينيين الأميركيين بنسب شبيهة. كل هذه المؤشرات تدلل أن فرصها جيدة جدا وأن الأمر سيشهد مواجهة سياسية حاسمة، وأن الخطط الانتخابية بالولايات المتأرجحة سيكون لها الدور المفصلي باستمالة الأصوات هناك لصالح هاريس، لذا فمن المتوقع أن يستمر بايدن بسياسات الضغط من أجل وقف الحرب وخفض التصعيد وبقوة أكبر، ومتوقع أن يستمر نتنياهو بإحداث التصعيد لإحراج بايدن وهاريس. ترامب أيضا سوف يتصيد لأي غلطة في المرحلة المقبلة، وسوف يستثمر أي إحراج قد يسببه نتنياهو للبيت الأبيض، ليظهر أنه الأقدر على التعامل مع الشؤون الدولية، وهو الذي يستطيع إنهاء النزاعات، وذلك من خلال تبني سياسات براغماتية واضحة وينهي حالة التردد التي يقول إن بايدن وهاريس يمارسانها.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
10-08-2024 09:12 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |