حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2415

مظلومية المدينة الأردنية والترويح الغائب

مظلومية المدينة الأردنية والترويح الغائب

مظلومية المدينة الأردنية والترويح الغائب

13-08-2024 10:25 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : سامح المحاريق
شهدت عمان في الأيام الماضية مهرجانًا للطعام احتضنه مجمع الملك الحسين للأعمال، ويبدو أن النجاح الذي تحقق لم يكن أمرًا يتوقعه المنظمون لتشهد منطقة المجمع زحامًا مروريًا كثيفًا، بالإضافة إلى بيع التذاكر في أوقات مبكرة على مدار أيام الهرجان.

المهرجان نفسه مجرد حدث، والجوهري في الأمر هو حالة الاختناق النفسي التي تعيشه مدينة عمان التي شهدت نموًا غير منضبط على مدى عقود لتفتقد إلى عناصر مهمة في أي مدينة حديثة، ومن أهمها الفضاء الترويحي الذي يمكن أهلها وزوارها من الحصول على المتع الصغيرة، وهو الفضاء الذي توفره مدينة مثل باريس على الضفاف الطويلة لنهر السين، ونيويورك في السنترال بارك، وهذه المناطق متوفرة أيضًا في مدن عربية مثل حديقة الأزهر في القاهرة والممشى الحديث على ضفاف النيل، وفي دمشق وأبو ظبي وبيروت، ولكن ليس في عمان، وكثيرًا ما يتم استغلال هذه المرافق في أنشطة منظمة أو مرتجلة تستطيع أن تستوعب جانبًا من التوتر النفسي الذي يرتبط بالعيش في المدينة بشكل عام.

شهدت منطقة الجبيهة في الفترة التي فصلت بين استكمال مسار الباص السريع وتشغيله استخدامًا للمساحة المستحدثة في التمشية والجلوس في الأمسيات الصيفية، وكان المشهد مفرحًا لتدليله على مدى الاستقرار الأمني والعفوية التي يعيشها الأردنيون وطبيعة الأجواء التي تحول بين أهل مدن الخليج واستغلال مساحات واسعة مجهزة في أشهر طويلة من السنة بسبب الطقس، وتجعلهم يهرعون إلى الأردن، ويحاولون الحصول على فسحة صغيرة بين السيارات المصطفة على مطلات عمان الجميلة والمهملة، وكان المشهد نفسه محزنًا، لأن عمان وأهلها يستحقون أن يتحصلوا على مرافق وعلى إدارة شاملة للحاجات الترويحية لسكانها وزوارها بما يفوق كثيرًا الواقع المتوفر والمتمثل في بضعة حدائق في مناطق متفرقة تفتقد لكثير من الخدمات الرئيسية مثل المطاعم والمقاهي والمرافق الصحية.

تختلف الأنشطة الترويحية عن الترفيهية، فالترفيه يمكن أن يتدرج بناء على الإمكانيات المادية لمن يقصدونه، أما الترويح في الفضاء المديني فهو من حقوق سكان المدينة الذين يدفعون مختلف الضرائب ومن حقوقهم الأساسية أن يتحصلوا على المناطق الجمعية التي يمكن أن تستضيف أنشطة عامة على مدار السنة وبما يتناسب مع الطقس والظروف العامة.

تقصد المهرجان أن يسيطر على عدد زواره لأن المجمع مهما وصلت قدرته على استيعاب السيارات يبقى محدودًا، ولأن جاهزية المدينة لتوفير المرافق الترويحية محدودة ومرتجلة في معظمها، ولذلك فرض سعرًا مرتفعًا نسبيًا للتذاكر التي بدأت من خمسة دنانير، بما يعني خمسة وعشرون دينارًا للأسرة الصغيرة، بالإضافة إلى ضرورة وجود سيارة للوصول إلى موقع المهرجان.

قبل أكثر من خمسة عشر عامًا تنبه الملك إلى ضرورة وجود الفضاء التنفيسي لسكان عمان وغيرها من المدن، وتحدث عن ضرورة وجود مرافق مناسبة في منطقة عمان الشرقية، والمشاريع التجارية التي تنظم من غير مشاركة حكومة وبمبادرة قائمة على الذكاء التجاري تبين أن الكثير من المناطق يمكن أن تستوعب حركة تجارية زخمة وتقدم الخدمات الترويحية والترفيهية بصورة مناسبة، ومن ذلك أحد المجمعات التجارية المفتوحة في منطقة المقابلين يمكن أن يعتبر تجربة تستحق الزيارة وتوفر خيارات أوسع من مجمعات كثيرة في الجزء الغربي من المدينة.

فيما ليس جديدًا على الأردنيين، وقفت الجهات التنفيذية غير قادرة على ترجمة الرؤية أو تحويلها إلى مكتسبات حقيقية، ولم تشهد سوى اختراقات تجميلية هنا أو هناك، ومع وجود مبررات وجيهة مثل ملكية الأراضي ووجود مشاكل متراكمة بقيت الحلول المبتكرة بعيدةً وغير مستغلة، وبقي الجهاز التنفيذي متمسكًا باستراتيجية سكن تسلم، أما الأجهزة التشريعية والفعاليات السياسية المختلفة، فهي تعتبر مسألة مثل الترويح عن الأردنيين وزوار الأردن مسألة لا تليق بمكانتهم العالية وأبراجهم العاجية ويفضلون أن يتحدثوا دائمًا وبشكل متواصل عن فتوحات سياسية، فيتحدث النائب أو أي ممثل نقابي عن الوحدة العربية وضرورتها، ويتطلع غير معني من شباك سيارته لمئات الآلاف من الشباب والأطفال الذي يقضون وقتهم يتفرجون على العالم في شاشات التلفزيون في بيوت صغيرة ومغلقة من غير أن يتحصلوا على الفرص المناسبة للترويح والتفاعل الصحي، فهذه أمور لا تليق بالعبقرية الفائقة والدور التاريخي لجنابه.

زحام الأردنيين على فرص الترويح البريء عند افتتاح بعض المرافق المدينية الجديدة مثل افتتاح موقع أحد سلاسل الأثاث العالمية، وذهابهم له بوصفه مكانًا ترويحيًا يدلل على عمق مشكلة لا يريد أحد أن يتقدم لحلها، ويبقى مع الأحجار الكبيرة التي لا يستطيع أن يرفعها أو يحركها درءًا لأي محاسبة أو جهد زائد في التعامل مع كثير وكثير من الأحجار الصغيرة.








طباعة
  • المشاهدات: 2415
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
13-08-2024 10:25 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم