18-08-2024 09:44 AM
بقلم : فيصل تايه
تعتبر الحملات الانتخابية من ركائز العملية الديمقراطية ، وتعدد اشكال الدعايات الانتخابية من مظاهر ديمومة الاجواء الديمقراطية ، لذا نشاهد في بعض الدول المتحضرة ، نشاطا ملحوظا وعلى مختلف الاصعدة السياسية والثقافية والاعلامية والاقتصادية والاجتماعية قبيل موعد انطلاق الانتخابات ، حيث تكون الحملات والدعايات والاعلانات الانتخابية اشبه بالمهرجانات الشعبية والكرنفالات الجماهيرية ، اذ تنشط اللقاءات والحوارات والتصريحات والتي قد تخرج عن سياق المألوف والمعروف والروتيني ، ولأهمية تلك الحملات والدعايات الانتخابية في الحفاظ على النظام الديمقراطي في تلك البلدان ، فقد شرعت حكوماتها مجموعة من القوانين التي تخص تلك الحملات وتعمل على حمايتها واستمراريتها ، وضوابط تحدد مساحتها ونشاطاتها وميزانياتها .
اننا في الاردن فان انطلاق الدعاية الانتخابية باشكالها المختلفة تمهيداً للاستحقاق التشريعي المقبل هي مناسبة لتأكيدنا الاحتفاء بالديمقراطية التي اخترناها منهجا لحياتنا السياسية وطريقاً لبناء الوطن على اسس راسخة من قيم العدالة والحرية والمساواة ، وفي هذا السياق ، نامل جميعاً كمجتمع متحضر ومؤمن بالنظام الديمقراطي الذي ارادة جلالة الملك ، ان لا نرى اية مظاهر تعدي على الوسائل المختلفة للحملات الانتخابية للمرشحين ، حتى وان كنا غير مقتنعين بالمرشح او الحزب او الكتلة وبرنامجها الانتخابي السياسي ، اذ ان ظاهرة اتلاف صور الحملات الانتخابية للمرشحين والكتل والاحزاب السياسية ظاهرة غير حضارية وتودي الى اتون التخلف والرجعية .
وفي ذلك ، فان الدوافع التي تدفع البعض الى تمزيق او اتلاف صور وبوسترات ودعايات وشعارات الكتل او المرشحين قد تختلف ، فالبعض ممن يقوم بهذا الفعل التخريبي يمكن اعتبارة "مرتزق" كالقاتل المأجور مدفوع من "بعض" اتباع المرشحين وللاسف ، ممن يعملون من وراء الكواليس ذلك بدفع هؤلاء المغبونين للقيام بذلك لأسباب كيدية ، بينما يندفع البعض الآخر لتمزيق تلك اللواحات الدعائية بسبب ارتباطات معروفة وبدافع من ولاءات جانبية ضيقة ، بينما يذهب الآخرون ايضاً باقتراف هذا الفعل بصورة حقودة تنفيساً عن عقده نفسية وعن آمالهم المكبوتة في العيش واحباطهم من بعض الخدمات ويأسهم من المسؤولين ، وقد يمارس آخرون كذلك تلك الافعال المتخلفة من باب النهب والسلب والتخريب ، كأن يسرق اللوحات للاستفادة من تكوينها من الحديد والخشب وغيرهما ، وقد يعبث الاطفال والصبية ايضاً بتلك اللوحات الدعائية بصورة بريئة وغير هادفة .
اما عن أشكال التجاوز في ذلك فقد تختلف ، إذ يكتفي البعض بإزالة "الفلكس" وتشطيب اللواحات وتمزيقها ، والبعض الآخر بازالتها ورميها أرضاً ، وآخر يلصق إعلان مرشح منافس فوقها ، ومنهم من يشوه الإعلان والهيكل بالطلاء ، لذلك فان بعض المرشحين ادركوا نتيجة ذلك بعد كانوا يرغبون بنشر الإعلانات الطرقية، إلا أنهم تراجعوا بسبب هذه الأفعال وتوجهوا إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة والصحف الإلكترونية ، باعتبارها أكثر أمناً ومن الصعب العبث بها مقارنة بما يحصل في إعلان الشارع .
الى ذلك ، وبسبب ذلك ، فان بعض السادة المرشحين عمدوا تأجيل حملاتهم الانتخابية وتكثيفها حتى الأيام الـعشرة الأخيرة او قبيل موعد إجراء الانتخابات بوقت محدود ، خوفاً عليها من العبث والتخريب من جهات منافسة غير معلومة ، كما ومن الملاحظ أن اغلب المرشحين يتعمدون التأخير بإطلاق دعاياتهم الانتخابية ، لاعتقادهم أن الحملة ستكون أكثر تأثيراً وتبقى في ذاكرة الجمهور لغاية يوم الانتخابات .
من هنا ، فاني اعتقد ان من أسباب الأساسية التي تقف خلف أعمال رفع وتمزيق الصور الدعائية للمرشحين هو قلة الوعي ذلك ان البعض يتصورن بأن تمزيق صور الكتلة أو الحزب "الفلاني" سوف يقلل من نسبة الأصوات التي يحصل عليها في الانتخابات، والسبب الثاني هو وجود مجموعة أخرى اغلبهم من الصبية لا يملكون الوعي ، كما أن بعض المرشحين قد وضعوا الدعايات الانتخابية في أماكن غير مناسبة بالنسبة إلى أصحاب المحال التجارية والبيوت وفي الشوارع القريبة منها، وهم من قد أزالوها لكونها قد ضيقت عليهم مجال الحركة، وهنا تكون لدى المرشحين ضرورة الالتزام بالقانون وضوابط الحملة الانتخابية .
لا اريد ان اطيل ، لكن من الواضح ان هذه الظاهرة السلبية والممارسات غير السوية منذ انطلاق الحملات الانتخابية قبل ايام ما زالت تتجلى بتمزيق صور المرشحين واتلاف وسائل الدعايات الانتخابية ، مما يشكل خرقا قانونيا ، واتلافاً للأموال العامة والخاصة ، وكفراً بالقيم والمبادئ الديمقراطية ، وتهديداً للسلم الاهلي والامن المجتمعي والاستقرار ، وعليه يجب على الجهات المسؤولة والنخب العمل الجاد على نشر التوعية الاعلامية بصورة مكثفة عبر وسائل الاعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي، والعمل ايضاً على حمايتها من عبث المخربين والجهلة ، ومحاسبة المتجاوزين والزامهم بدفع الاضرار المادية التي ترتبت على هذه الخروقات ، بالإضافة الى عقوبة رادعة فهذه الجريمة مخلة ، لانها تتعارض مع قيمنا وأخلاقنا وتتقاطع مع المثل الديمقراطية والمدنية ، وشيوع هذه الظاهرة وانتشارها يهدد العملية الديمقراطية ويعكر صفو اجواءها .
وأخيرا فعلى الهيئة المستقلة للانتخابات التدخل بإصدار توجيهاتها ازاء ذلك ، وملاحقة المتورطين وفقا للقوانين النافذة واتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يقوم بتمزيق المنشورات الدعائية للمرشحين والأحزاب، من خلاد ايجاد فرق الرصد والتابعة بالتعاون مع وزارة الداخلية .
والله ولي التوفيق
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-08-2024 09:44 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |