حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,22 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2771

فقر مائي أم فقر عقول؟

فقر مائي أم فقر عقول؟

فقر مائي أم فقر عقول؟

25-08-2024 08:22 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : مكرم أحمد الطراونة
تبشرنا الحكومة بأننا حصدنا البطولة، بما أننا أصبحنا، وعن استحقاق، أفقر دولة مائيا على مستوى العالم، بعد أن تخطينا جميع "الخصوم"، وبتنا وحيدين على قمة العطش!


أقول عن استحقاق، وأعني ذلك، لأننا رهنا مستقبلنا ومستقبل البلد وأبنائه بحكومات لم تستطع التعرف على الأولويات الملحة التي ينبغي لها منحها صفة الاستعجال في التخطيط والتنفيذ، خصوصا حين تكون تلك الأولويات داخلة في تصنيفات الأمن الوطني، والتي يهدد غيابها الاستقرار برمته!

أربعة عقود ونحن نعيش على حكاية "قائمة الدول الأكثر فقرا في المياه"، ونراقب عن كثب تسلقنا هرم القائمة وصولا إلى قمتها، ومع ذلك لم نر أي إنجاز حقيقي، سوى "جعجعات" إعلامية عن خطط واستراتيجيات يتم تنفيذها من قبل الحكومات، والتي سوف تنسف الواقع المتردي، وتحول الأردن إلى جنات خضراء وأنهار جارية. والمصيبة أننا كنا نصدق هذه "الحكايات الخيالية"، لأننا كنا نريد تصديقها، فنحن لا نريد الاعتراف بأن من يمسكون بملف المياه عاجزون تماما عن اقتراح أي مخرج من المأزق الخطير الذي تنحدر إليه البلد، ولا نريد أن نصدق بأننا نمشي إلى نهاية نفق مظلم يقود إلى نفق أكثر ظلمة وخطرا!
أربعة عقود من الخطط والاستراتيجيات الاستعراضية التي لم تفعل شيئا على أرض الواقع، سوى أنها كانت تسهم بتخدير وجعنا، وتحيلنا إلى مستقبل قد يتفتق عن معجزة ما. أما الواقع الخطير الذي يعيشه بلد يعاني من مشكلات مركبة في نقص المياه، تتمثل في التغير المناخي وانخفاض نسبة الأمطار، وزيادة التعداد السكاني بسبب موجات اللجوء، واستنزاف الآبار الجوفية، فلم يدرك المسؤولون خطورته أبدا، وظلوا على حالهم؛ يخرجون إلينا بكامل أناقتهم عبر مؤتمرات صحفية منمقة، لكي يؤكدوا لنا أن كل شيء تحت السيطرة، وأن قلقنا مبالغ فيه، ولا يوجد له مكان في قاموس خبراتهم الأسطورية!
في الأردن، يشكل الفاقد المائي نحو 27 % من إجمالي المياه المخصصة للري، ورغم ذلك لم تفعل الحكومات المتعاقبة شيئا سوى ما تحسن فعله، وهو وضع خطط واستراتيجيات لخفض هذا الفاقد، وهو ما شبعنا منه تماما، وكفرنا بخططهم واستراتيجياتهم الكاذبة التي لا تحدث إلا على الورق والشاشات حين عرضها بأناقة في "عروض تقديمية" مبدعة.
في الأردن، ومنذ سنوات، نتحدث عن أن الناقل الوطني هو الحل الوحيد لمعضلة الفقر المائي، لكن مسؤولينا الأكارم يرون أنه مشروع بالغ الكلفة حين نتحدث عن ثلاثة مليارات دولار، لكنهم لا يشرحون لنا كيف أن الحكومات استطاعت "تجيير" موجودات صندوق استثمار أموال الضمان لمصلحة "خططها"، ولم يخبرونا أين ذهبت الـ9.2 مليار دينار أردني إجمالي دين الصندوق على الحكومة! ما هي المشاريع التي أنجزتها الحكومات بهذا المبلغ الضخم، وأين هو الفرق الذي أحدثته في حياة الأردني؟!
إن هذه المليارات كثيرة جدا، وهو رقم فلكي بالنسبة لاقتصاد محدود وصغير كالاقتصاد الأردني، ولو أن حكومة واحدة كانت تمتلك الرؤية الواضحة لصنعت الكثير بهذا الرقم، ولكن للأسف الشديد، فهذه المبالغ التي لا نعرف مصيرها، قد تكون ذهبت نفقات جارية من أجل أن يركب المسؤولون سيارات أنيقة، ويعملوا في مكاتب فاخرة، أو أنها ذهبت لإطفاء ديون أو خدمة ديون، نتيجة التخبطات العديدة في صناعة القرار، وهو الداء المزمن الذي نعاني منه، رغم أنه كان بالإمكان الاستفادة منها في الإنفاق الرأسمالي، والقادر على رفع أرقام النمو، وخلق المزيد من فرص العمل بما يسهم في خفض نسب البطالة التي يعيشها الشباب الأردني اليوم، والذي بات يموت فيه الأمل تدريجيا. وقبل ذلك، كان بالإمكان استثمار جزء يسير منها لتنفيذ الناقل الوطني الذي سينقذنا من العطش!
مأساة الأردن ليست في فقر الموارد، بل في مسألتين اثنتين؛ فقر العقول، والانتماء الحقيقي!

الغد








طباعة
  • المشاهدات: 2771
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
25-08-2024 08:22 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم