25-08-2024 08:35 AM
بقلم : د. عدلي قندح
بعد تصريح جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، خلال اجتماعات جاكسون هول قبل يومين بأن الوقت قد حان لتعديل السياسة النقدية المتشددة في الولايات المتحدة بعد استقرار مؤشر التضخم، تشير التوقعات إلى أن سرعة وحجم خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي ستعتمد على عدة عوامل رئيسية، تشمل البيانات الاقتصادية، واتجاهات التضخم، والصحة العامة لسوق العمل.
في هذا المقال، سنحاول تقديم توقعات لبعض السيناريوهات المحتملة. السيناريو الأول يتمثل في إجراء تخفيض تدريجي لأسعار الفائدة بمقدار 25-50 نقطة أساس في كل اجتماع من الاجتماعات الثلاثة المتبقية لهذا العام (في سبتمبر، نوفمبر، وديسمبر). وإذا استمر التضخم في الانخفاض وأظهرت البيانات الاقتصادية اقتصادًا مستقرًا ولكنه يتباطأ، فقد يختار الاحتياطي الفيدرالي اتباع نهج تدريجي. والسبب وراء ذلك هو سعي الاحتياطي الفيدرالي لتجنب إعادة إشعال التضخم مع تقديم حوافز كافية لدعم النمو الاقتصادي واستقرار سوق العمل. وبالنسبة للجدول الزمني، قد يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في كل اجتماع، مما قد يؤدي إلى إجمالي خفض يتراوح بين 50-100 نقطة أساس على مدى ستة أشهر.
السيناريو الثاني يتمثل في إجراء تخفيض معتدل لأسعار الفائدة يتراوح بين 50 و75 نقطة أساس لكل اجتماع. يقوم هذا السيناريو على احتمال أن يصبح التباطؤ الاقتصادي أكثر وضوحًا مع وجود خطر واضح من الركود، بينما يبقى التضخم فوق الهدف المطلوب. في ظل هذه الظروف، قد يتخذ الاحتياطي الفيدرالي خطوات أكثر حدة. الغرض من هذا السيناريو هو التوازن بين الحاجة إلى منع الركود وضمان استقرار توقعات التضخم. من المتوقع أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار يتراوح بين 50 و75 نقطة أساس على مدار اجتماعين إلى ثلاثة، مما يؤدي إلى تخفيض إجمالي يتراوح بين 100 و150 نقطة أساس على مدى عدة أشهر.
أما السيناريو الثالث فيتمثل في تخفيض عدواني لأسعار الفائدة يتراوح بين 75 و100 نقطة أساس لكل اجتماع. يعتمد هذا السيناريو، والذي يعتبر غير مرجح، على افتراض ظهور علامات ضائقة كبيرة في الاقتصاد، مثل ارتفاع حاد في معدلات البطالة أو تراجع مفاجئ في الأسواق المالية. في مثل هذه الحالة، قد يلجأ الاحتياطي الفيدرالي إلى اتخاذ موقف أكثر حدة. الهدف من التخفيضات السريعة هو تجنب ركود عميق واستعادة الثقة في الاقتصاد، حتى لو أدى ذلك إلى ارتفاع مؤقت في التضخم. قد يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 75 إلى 100 نقطة أساس في اجتماع أو اثنين، مما يؤدي إلى تخفيض إجمالي يتراوح بين 150 و200 نقطة أساس خلال فترة قصيرة جدًا.
برأيي، تشير التوقعات الحالية المستندة إلى المؤشرات الاقتصادية إلى أن التخفيض الأولي قد يكون معتدلاً، حوالي 25 إلى 50 نقطة أساس، بينما يراقب الاحتياطي الفيدرالي تأثير ذلك على التضخم والاقتصاد. وإذا لم تحقق التخفيضات الأولية تحسنًا كبيرًا في الظروف الاقتصادية، فقد يلجأ الاحتياطي الفيدرالي إلى تسريع وتيرة التخفيضات، مما يؤدي إلى اتخاذ إجراءات أكثر عدوانية.
أما العوامل المؤثرة على قرار الاحتياطي الفيدرالي فهي كالتالي: أولاً، اتجاهات التضخم، حيث إذا استمر التضخم في الانخفاض نحو هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، قد تكون وتيرة تخفيضات الفائدة أسرع. ثانيًا، سوق العمل، حيث قد يؤدي ارتفاع حاد في معدلات البطالة إلى تحفيز تخفيضات أسرع وأكبر لتجنب تدهور اقتصادي أعمق. ثالثًا، الظروف الاقتصادية العالمية، حيث قد تؤدي التباطؤات العالمية أو عدم الاستقرار في الأسواق المالية إلى تسريع تخفيضات الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. وأخيرًا، الضغوط السياسية والخارجية، حيث رغم استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، قد تؤثر الضغوط الخارجية الكبيرة، خاصة في سنة الانتخابات، على توقيت وحجم تخفيضات الفائدة.
أتوقع أنه بحلول نهاية عام 2024، قد يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض الفائدة بمقدار 100 إلى 200 نقطة أساس من المستويات الحالية إذا تدهورت الأوضاع الاقتصادية. هذا قد يؤدي إلى انخفاض الفائدة من المستوى الحالي البالغ 5.5% إلى حوالي 3.5%–4.5%.
أما على المدى الطويل، إذا دخل الاقتصاد الأمريكي في ركود أو انخفض التضخم دون الهدف، فقد تنخفض الفائدة إلى مستويات أدنى، ربما تصل إلى 2% أو أقل بحلول منتصف 2025.
وعلى الرغم من عدم اليقين بشأن السرعة والحجم الدقيقين لتخفيضات الفائدة، فإن نهجًا تدريجيًا مع تخفيضات معتدلة يبدو الأكثر احتمالاً في البداية، مع إمكانية اتخاذ إجراءات أكثر حدة إذا تدهورت الظروف الاقتصادية بشكل كبير. من المرجح أن يتبع الاحتياطي الفيدرالي سياسة حذرة، تهدف إلى تحقيق التوازن بين دعم الاقتصاد وتجنب عودة التضخم.
في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، فإن الاقتصاد الأردني في أمسّ الحاجة إلى تخفيض أسعار الفائدة كخطوة أساسية لتحفيز النمو الاقتصادي وتخفيض معدلات البطالة. فمع انخفاض معدلات التضخم إلى أقل من 2% في الأشهر السابقة، تتوفر فرصة سانحة لصناع القرار للقيام بتخفيض الفائدة دون الخوف من تصاعد الضغوط التضخمية. هذا التخفيض يمكن أن يسهم في تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتعزيز الإنفاق الاستهلاكي، مما يعيد تنشيط الدورة الاقتصادية ويسهم في خلق فرص عمل جديدة، وهو ما يحتاجه الأردن بشدة في هذه المرحلة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
الراي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
25-08-2024 08:35 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |