حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,22 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2235

التوضيح الصريح

التوضيح الصريح

التوضيح الصريح

27-08-2024 09:26 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أ. د. م. منذر حدادين
كثُر الحديث الرسمي والشعبي عن فقر بلادنا للمياه حتى قيل إننا أصبحنا أفقر بلد في المياه، ولمست خلطاً بين مشاريع المياه الكبرى حتى حدا بكاتبنا الاقتصادي الكبير الأستاذ عصام القضماني أن يذكر في عموده الثري يوم 25 أب الحالي أن الناقل الوطني للمياه كان يحمل اسم «قناة البحرين»، وسررت لإصراره في عموده على تبني مشروع قناة البحرين لفوائدة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وحديث فقر المياه مزعج لسببين:

الأول أنه يغفل الحديث عن نسبة تزايد سكان البلاد وهي أعلى من أية نسبة شاهدتها بلدان العالم، ومعادلة الموارد لها طرفان: الموارد ذاتها طرف، وطرفها الثاني عدد السكان. فإذا تذكرنا أن عدد سكان المملكة كما هي حدودها اليوم كان حوالي 400 ألف نسمة عام 1945 أدركنا أن موارد المياه حينها وموارد الأرض الزراعية كانتا فائضتين عن الحاجة. أما اليوم فعدد السكان يقترب بسرعة من ال 12 مليون نسمة، أي 30 ضعفاً من عدد السكان قبل 80 عاماً، أدركنا ضغط السكان على الموارد بما فيها الأرض الزراعية التي تآكلت منذئذ بسبب التوسع الحضري العمراني. ولا يفوتني ما أبديته من اعتراض في أوائل الثمانينات في اجتماع بجامعة اليرموك برئاسة رئيس الوزراء حين تم اختيار موقع الجامعة الأردنية للعلوم والتكنولوجيا في موقعها الحالي. ولما سأل دولة الرئيس عن سبب اعتراضي أجبته أن الأرض بين إربد وبين الموقع الذي تم اختياره هي من أكثر الأراضي الزراعية عطاء للحبوب، وبإنشاء حرم جامعي قريب كما هو حال الموقع المختار سنخسر هذه الأراضي للنمو العمراني في وقت قياسي، ويتحقق منذ مدة هذا التخوف.

والسبب الثاني لكون الحديث عن فقر بلدنا بالمياه مزعجاً أن ذلك الحديث يحصر موارد المياه بموارد المياه المتجددةـ ويغفل عن ذكر المياه الجوفية الأحفورية وهي التي تخزنت في باطن الأرض في طبقة الصخر الرملي منذ الاف السنين. ويتم إغفال هذا المورد المائي الضخم مع أننا بدأنا بالاعتماد عليه لتزويد المياه المنزلية منذ أواخر القرن الماضي وأوائل القرن الحالي، وأعني بذلك ضخ المياه من هذه الطبقة في موقع الديسي لتزويد العقبة بالمياه المنزلية والصناعة، ثم تزويد العاصمة بالمياه، وأخيراً تزويد مناجم الفوسفات في الشيدية وصناعات الأسمدة هناك من نفس الطبقة.

وقد عملت سلطة المياه فيما مضى من الزمان بجهد مشكور لاستقصاء وجود المياه في تلك الطبقة الممتدة تحت كامل أراضي المملكة باستثناء جبال الشراة، وكانت النتائج إيجابية ولم يخلُ أي بئر استكشافي من ضغط ارتوازي ومن ارتفاع في درجة حرارة تلك المياه. أي أن لدينا مياه وطاقة في الصخر الرملي العميق. أما سماكات طبقة الصخر الرملي فالبيانات محدودة إذ أن سلطة المياه كانت سعيدة بالعثور على الموارد ولم تحفر لاستقصاء سماكة الطبقة. لكن حفر شركات البحث عن النفط كانت تخترقها، وتدل بيانات ثلاثة أبار استكشاف للنفط أن معدل سماكة طبقة الصخر الرملي المستقاة منها بلغ 1024 متراً. وحين تبدي أبار استكشاف المياه ضغوطاً إرتوازية فهذا يعني أن الطبقة الحاملة للمياه مشبعة بها.

ويدفعني إلى كتابة هذا التوضيح ما اختلط على كاتبنا المحترم من أن مشروع الناقل الوطني للمياه كان يحمل اسم مشروع قناة البحرين. وحيث أني معني بكتابة مقترح ربط البحر الأحمر بالبحر الميت (أي ما حمل اسم قناة البحرين) فإنني أهمس في إذن كاتبنا الأستاذ أن لا علاقة بين المشروعين. فمشروع الناقل الوطني هو ضخ مياه من خليج العقبة وتحليتها بالتناضح العكسي ثم ضخ المياه المحلاة من موقع التحلية إلى شمال المملكة. أما مشروع قناة البحرين فالهدف الرئيس منه هو التحكم في منسوب سطح البحر الميت الآخذ في الهبوط بسبب استغلال مياهه لاستخراج البوتاس واستخراج البرومين منها منذ أوساط ثلاثينات القرن الماضي، وبسبب استغلال مياه حوض البحر الميت في أغراض الإنتاج الزراعي والتزويد للمياه المنزلية. ويقع هذا المشروع، أي قناة البحرين، ضمن المشروع الكبير الذي جرى التفاوض عليه في عملية السلام للشرق الأوسط وهو مشروع التطوير المتكامل اقتصادياً واجتماعياً لأخدود وادي الأردن، وهو مشروع اعتمده الأردن في منافسة شديدة مع مقترح إسرائيلي عام 1976 يقضي بربط البحر الميت بالبحر الأبيض المتوسط، إلا أن قصة ذلك التنافس ممتدة ولا مجال لإيجازها هنا. وبنجاح التفاوض عليه في المفاوضات الثنائية بين الأردن وإسرائيل تم تخصيص مادة منفصلة له هي المادة رقم (20) من المعاهدة الأردنية الإسرائيلية التي شهد عليها موقعاً رئيس الولايات المتحدة في 26 تشرين الأول 1994. وفي هذه العجالة لا بد لي من التأكيد على شطط من يدعي أن الأردن لم يحصل على حقوقه في المعاهدة، والتعبير عن استعدادي لمنازلة أي من المدعين بذلك في حلبات الإعلام الوطني العامة.

وفي نظري أن العامل الرئيس في أي من المشروعين هو كلفة تنفيذ أي منهما. فمشروع المعاهدة كان مقصوداً لحقبة السلام الشامل الذي فيه يمكن تحويل تمويل أسلحة الدمار إلى مشاريع لإنماء الحياة. وحيث أن السلام االشامل لم يحل فإن تنفيذ المشروع ينتظر حلوله. وقد كان هناك تواصلات أردنية لتنفيذه منذ العام 1994 وحتى العام 2006 وقام البنك الدولي بالإشراف على دراسات جدواه الاقتصادية والاجتماعية التي أثبتت جدواه.

أما مشروع الناقل الوطني للمياه فهو مشروع أردني بحت يموّل من الخزينة ومن قروض تؤمنها الحكومة. ونهاية المطاف هي كلفة إيصال المياه المحلاه من العقبة إلى عداد منزل المشترك.








طباعة
  • المشاهدات: 2235
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-08-2024 09:26 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم