28-08-2024 09:08 AM
بقلم : فيصل تايه
الطريق نحو مجلس النواب لطالما سلكه أغلب المرشحين عبر التنافس على طرح واثارة مشاكل المواطن لكن مع محدودية تقديم الحلول البديلة أو برامج عمل واضحة تتضمن آليات تحقيق الوعود الانتخابية التي عادة ما تكون شعبوية وتنقصها الواقعية والقدرة على التطبيق ، وهو ما سمح برصد أزمة ثقة بين جمهور الناخبين والمرشحين سواء المستجدين أو المعروفين.
من الملاحظ ان مضمون الحملات الانتخابية للمرشحين المتنافسين ورصد التفاعل الشعبي معها، تتعمق فيها مشكلة تزعزع ثقة بعض من الناخبين في الخطاب والشعارات والطموحات التي يتبناها بعض المرشحين خاصة المتحمسين منهم بصورة اندفاعية ، فالخطاب الانتخابي لعدد كبير منهم طغى عليه مضمون التشكيك والانتقاد المسترسل الذي استهدف الأشخاص أكثر من السياسات ، كما غاب عنصر الطروحات والأفكار الجديدة في البرامج الانتخابية المعروضة مع تكرار التركيز على اثارة القضايا العالقة دون حلول واقعية لحسمها ، والتركيز على الوعود التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، والمثير من ردود الفعل ازاء الحملات الدعائية طغى عليها الإحباط وعدم الاكتراث في ظل يقين البعض بعدم قدرة المرشحين على خدمة قضايا المواطن.
شخصنة المنافسة زادت من ضبابية خيارات المواطنين حول المرشح الأصلح والأنجع ، ما يعني يقينهم بعدم القدرة على الإيفاء بالوعود الانتخابية ، اذ شكّل حضور الأحزاب المستجدة والائتلافات التقليدية واقعاً لا يمنح للنواب قدرة كبيرة على تحقيق تلك الوعود ، لكن ما هو مقلق أن يتفوق خطاب الذات المتداول بين المرشحين على أولوية تقديم الحلول لقضايا الشعب الاردني الهامة فتقديم الذات للمرشحين باتت مادة انتخابية دسمة توظف في حملات دعائية تزيد من تشتيت الرأي العام والناخب وتدفعه لخيار التصويت عبر الولاءات لتبعده عن رمزية الممارسة الديمقراطية.
على صعيد آخر، يستمر غياب تفوق الأفكار والبرامج الإصلاحية المحاكية لتحديات الواقع في حملات المرشحين ، فمعظم الشعارات الانتخابية المرفوعة مع بعض التفاوت والاختلاف هي متشابهة تحث على التشاؤم بدل التحفيز على الايجابية والتفاؤل حيث تحمل رسائل تصادمية أكثر منها مقترحات بناءة ، فخطابات بعض المرشحين تعتمد كثيرا على انتقاد سياسات الدولة أو النخب ومراكز القوة فضلاً عن اثارة ظاهرة الفساد الإداري والمالي والتي لطالما مثلت المادة الدسمة للخطاب الانتخابي للمرشحين .
اعود الى القول ان جوهر الاصلاح الحقيقي من اجل رفع التحديات الراهنة والمستجدة لم يظهر بقوة في خطابات المرشحين مكتفين بتقديم وعود باهتة بالتغيير وخدمة مصالح الاردنيين دون تفسير آلية تحقق ذلك على أرض الواقع ومدى الجدوى منها على المديين القريب والمتوسط ، فأغلب الشعارات الانتخابية لا تستهدف العقول بل تستهدف عواطف الناخبين وميولاتهم المختلفة، وبذلك فان ظاهرة الخدمات المصلحية يستمر حضورها بامتياز في الحملات الانتخابية لهذا العام .
اعتقد ان هناك خشية أن يندفع جزء من الناخبين وسط ضبابية شعارات المرشحين الى خيار التصويت لا على حسب القدرة على تحقيق الوعود الاصلاحية والطموحات، وانما حسب الولاءات الضيقة ، اذا ان الاندفاع للتصويت قد يتوقف على قدرة آلة الدعاية التي يعتمدها بتباين المرشحين في الاستقطاب الانتخابي وحسب الرمزية الكاريزمية لكل مرشح القادرة على حشد الأنصار واقناعهم ، لكن ذلك لا ينفي وجود خشية من العزوف رغم الدعوات التي تحث على المشاركة.
كما ومن الواضح ان الانتخابات بشكلها العام لا تخلو أيضا من هاجس احتمال اندفاع البعض لاختيار الأشخاص حسب الولاء وليس الأداء كما تحدثت لاعتقاد سائد بمحدودية سقف قدرة النواب على تنفيذ الطموحات ، من خلال التجارب السابقة فكانت اغلب المطالب الشعبية قد تراكمت دون حل مع تعاقب المجالس السابقة ، وفي حين يعي جزء كبير من المواطنين هذا الأمر، تظهر خشية أن يعود خيار التصويت حسب الولاء القبلي والطائفي والمحسوبية وسمعة النواب وحسب معيار القدرة على تأمين خدمات فردية للمواطن ، في حين تضيع الأهداف والطموحات الجماعية لعدم وجود منظومة صلبة لتحقيقها.
ان دور النواب المامول علاوة على المساهمة سواء في اقتراح قوانين كثير منها لا يطبق أو المسائلة والاستجوابات وكثير منها ينتهي بتغيير الحكومات ، فان دورهم يبقى مقيدا بادلاءات عقيمة تجعل من بعض النواب غير قادرين على تلبية تطلعات المواطنين ، مع البقاء على برامج الاصلاح هامشية وليست هيكلية ، اذ تبرز الحاجة لإصلاح هيكلي يعطي دوراً أكبر للمجلس في مشاركة الحكومة تحقيق خارطة تطلعات الشعب الاردني التي عادة ما تلخص في شعارات انتخابية أغلبها لا يتحقق في الواقع، على الرغم أنها تبقى طموحات تساور أغلب الاردنيين دون جدوى تحققها .
والله ولي التوفيق
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-08-2024 09:08 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |