02-09-2024 09:43 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
لا يمكن عزل هذه المرحلة السياسية التي يعيشها الأردن عن المرحلة التي تمر بها المنطقة حاليا بكل ما فيها من مخاطر على مستقبل القضية الفلسطينية وعلى مستقبل إقليم الشرق الأوسط نتيجة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والضفة الغربية وتهويد مدينة القدس ومقدساتها، حيث بلغ التهديد حد المساس بالمسجد الأقصى المبارك لإقامة كنيس يهودي حسبما صرح بذلك وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير.
التطورات الخطيرة في الضفة الغربية بعد كل ما جرى من حرب إبادة جماعية في غزة تعني أن محاولات التهدئة والهدنة، أو التوصل إلى اتفاقية لتبادل الأسرى لم تعد مدخلا كافيا لوقف الحرب، ولتخفيف التوتر واحتمالات التصعيد العسكري واندلاع حرب إقليمية ذات أذرع دولية، ولإيجاد أفق سياسي محتمل لفترة طويلة من الزمن ما لم يكن هناك موقف دولي حاسم لكبح جماح قادة الكيان الصهوني!
الضفة الغربية تحتل من جديد وسيناريو التهجير الذي مورس في قطاع غزة ربما يتكرر في مناطق من الضفة الغربية، وفي جانب مما يجري هناك من عمليات الإحلال السكاني والاستيطان العمراني والبشري لتتحول الأراضي المحتلة منذ العام 1967 إلى أرض إسرائيلية ويهودية بالكامل، وذلك يعني سد الطريق على حلول سياسية من أي نوع أو مستوى.
التزامن بين الاستحقاق الدستوري الذي سنذهب إليه يوم العاشر من الشهر الحالي وبين هذا الوضع القائم في الأراضي الفلسطينية وفي المنطقة يقتضي هذه المرة التركيز على صلابة الأردن أمام تحديات حقيقية ومخاطر ماثلة للعيان، من أجل تعزيز قوته وثباته وقدرته على التعامل مع مختلف الاحتمالات والتطورات، والمعنى الحقيقي لتلك الصلابة يكمن في ترتيب البيت الداخلي بجميع أسسه وواجهاته وأسواره وساكنيه!
لقد نبه جلالة الملك في مناسبات عديدة إلى أن عمليات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري هي جزء من عملية تكوين الدولة القوية القادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية على حد سواء، وأن انضمام الأردنيين وخاصة جيل الشباب إلى الأحزاب والمشاركة في اختيار أعضاء مجلس النواب الجديد على أسس برامجية يقوي من السلطة التشريعية ويترجم على أرض الواقع مبدأ المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار الذي يتعلق بحاضر ومستقبل بلدهم.
نحن اليوم أمام سؤال كبير( ماذا نريد؟) ومبعث السؤال يتجاوز العملية الانتخابية في حد ذاتها - وهي ستتم في موعدها بإذن الله،- إلى سؤال الوطنية الصادقة، والوعي الوطني بطبيعة الأحداث وأثرها على الأردن وأثر الأردن فيها، ذلك أن توجه الأردنيين إلى صناديق الاقتراع بنسب عالية وغير مسبوقه سيحمل في طياته وفي معانيه بالنسبة لواقعنا الإقليمي معاني كثيرة وحاسمة، وسيبعث رسائل ذات مغزى لكل من يحاول رسم سيناريوهات مشبوهة وموتورة من النوع الذي يصدر عن أعضاء في الحكومة الإسرائيلية وغيرهم، أو من قبل أولئك الذين لا يدركون قوتنا الحقيقية القائمة على قوة نظامنا وتضامننا الوطني، واستعداد بلدنا المطلق للدفاع عن أرضه وشعبه ومصالحه العليا.
نعرف أن هناك من يحاول التقليل من شأن ما نعمل عليه من تحديث سياسي، ومن نموذج جديد للأداء البرلماني، وخاصة بوجود ممثلي الأحزاب التي ستعمل بمثابة حكومة الظل، ولكننا نعرف كذلك أننا نعيد صياغة المشهد الداخلي بحيث تقوم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية سواء على مستوى التشريع أو الرقابة أو النقاش العام ليس وفق المنهج الديمقراطي وحسب، بل على أساس الدور المنوط بسلطات الدولة ومؤسساتها في تعميق وترسيخ قواعد الدولة لتكون الرقم الأصعب في أي معادلة تتعلق بحاضر المنطقة ومستقبلها!
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-09-2024 09:43 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |