05-09-2024 08:45 AM
بقلم : فيصل تايه
من حقوق المرشح الشرعية والدستورية أن يختار أسلوب الدعاية الأوفر حظاً في التأثير على السيد الناخب ، لكن من حق الناخب أيضاً ألا يستخف أحد بعقله ووعيه وإنسانيته و مستقبله الوطني ، حيث نحن اليوم في خضم دعايات الانتخابات البرلمانية ، لنجد ان المرشحين يسلطون خطاباتهم ، وأنشطتهم على انتقاد الحاضر ومفاضلة النفس على الغير بلغة صاخبة بالعبارات الانفعالية ، والخطاب العاطفي الذي لا يكترث بأي حال من الأحوال لاستهداف وعي الناخب وثقافته وطموحاته ، بقدر استهدافه عاطفته وأحاسيسه ، ومن هنا أصبحت أبرز سمات الناخب هي مزاجه المتقلب الذي يتحول به من شخص لآخر ومن قائمة الى أخرى تبعاً للخطاب الموجه لدغدغة عواطفه وتهييج انفعالاته ، لإننا تعودنا دائماً أن نقع في خطأ القفز على الواقع ، وهذه المرة وجدنا قوائم ومرشحين يمنون نفوس ناخبيهم بمعجزات ، لا سبل لتحقيقها لا من حيث التوقيت فقط بل أيضاً من حيث حجم موارد البلد ، وكذا من حيث الاختصاص التشريعي أو التنفيذي..
أن المتأمل لواقع الدعاية الانتخابية بلا شك يكشف عن قصور في الإلمام بفنون الدعاية الانتخابية عند الكثير من الكتل ، وعن افق ضيق في شفافية الخطاب الدعائي ، وكذلك نقص معرفي في سيكولوجيا التأثير النفسي على الناخب ، لأن الثابت علمياً أن العاطفة هي الجزء الأسرع في التغيير والتبدل ، بينما العقل هو المنطق الأكثر قدرة على البقاء والمقاومة ، فمشاعر الحب والكره إذا تولدت عن خطاب عاطفي يلامس الأحاسيس كفيلة أن تتحول إلى ضدها بخطاب من هو أبرع في انتقاء مفرداته وبناء الصور الحسية الوجدانية ، بينما عندما يمتزج الخطاب الوجداني بالمنطق الثقافي والإدراكي فإن المسألة ستتعقد على الخصم أو المنافس ، وستتطلب منه مهارة فائقة لتغيير اتجاهها ..
كثير من المرشحين يجهلون أن الأفضل في خطابات الدعاية الانتخابية هو أن تكون مدروسة مسبقاً ومحددة في محاور واضحة ليتفادى أية شطحات قد تقلب موازين المعادلة ، كما أن ما يصلح قوله في مركز العاصمة عمان قد لا يصلح في منطقة أخرى طبقاً للتركيبة الثقافية والاجتماعية للبيئة التي يستهدفها المرشح ، وبكل تأكيد إن من أكبر أخطاء المرشحين مخاطبة مجتمع لم يدرس نفسيات أبنائه وعاداتهم وتقاليدهم وحسب وعيهم ، لأن الأمر سيكون أشبه بالصيد في الماء العكر ، فالدعاية الانتخابية ليست مجرد تعليق صور وشعارات وإلقاء خطابات ، بل الأهم كيف يجعل المرشح كل هذا متوافقاً مع ما يدور في رأس الناخب من احتياج وطموح .
وأخيرا فان على كافة القوائم الانتخابيه والمرشحين ضمنها أن يمثلوا روح المنافسة الشريفة البعيدة عن التجريح أو الإسفاف أو المبالغة والتسابق على كسب ثقة الناخبين من منطلقات الموضوعية ، ولا يجوز أن يعكر صفو هذه النظرة ممارسات خارج الاحتكام إلى الانضباطية الكاملة إزاء تعليمات وموجهات العملية الانتخابية ، خاصة إذا ما أدركنا بأن الديمقراطية هي مسؤولية أولاً وأخيراً ، والتسابق إلى كسب ثقة الناخب لا يكون إلا بالبرامج الواقعية والموضوعية البعيدة عن الشطط والمبالغات.
ودمتم سالمين
فيصل تايه
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-09-2024 08:45 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |