حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,27 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 5888

الّلغةُ العربيةُ أمّ اللّغات ..

الّلغةُ العربيةُ أمّ اللّغات ..

الّلغةُ العربيةُ أمّ اللّغات ..

05-09-2024 02:32 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : السفير قيس شقير
في كتابٍ باللغة الإنجليزية لمؤلفته الدكتورة “تحية عبد العزيز إسماعيل” أستاذة علم اللغويّات، وبعد عشر سنواتٍ من دراسة وثائقَ ومخطوطاتٍ وقواميسَ، أثبتت الكاتبة بمنهجٍ علميٍ رصينٍ أن اللغة العربية هي أصل اللغات جميعًا؛ اللاتينية، وما يتفرع عنها من لغاتٍ.


وتضمّن الكتاب جدولًا بالألفاظ المشتركة بين اللغة العربية وكلٍ من: اللاتينية، والإنجليزية، والأنجلوسكسونية والفرنسية، واللغات الأوروبية القديمة، واليونانية، والإيطالية، والسنسكريتية ليثبت أنّ اللغة العربية تتقاطع مع لغاتٍ مختلفةٍ، بعددٍ هائلٍ من المفردات المشتركة رغم القارات والمحيطات التي تفصل الشعوب عن بعضها، لتخرج المؤلفة بنتيجةٍ قاطعةٍ وهي أن اللغة العربية كانت الأصل والمنبع، وأن جميع اللغات كانت قنواتٍ وروافد منها. وتقول المؤلفة:


" إن السبب الأول لذلك هو سعة اللغة العربية وغناها، وضيق اللغات الأخرى وفقرها النسبي؛ فاللغة اللاتينية تضم سبعمئة جذرٍ لغويٍ فقط، والسكسونية ألفي جذرٍ. بينما تحوي اللغة العربية ستة عشر ألف جذرٍ لغويٍ. وتضاف إلى هذه السعة سعةٌ أخرى في التفعيل والاشتقاق والتركيب؛ ففي الإنجليزية مثلًا لفظ: Tall بمعنى “طويلٍ”، والتشابه بين الكلمتين الإنجليزية والعربية واضحٌ في النطق، ولكنّنا نجد أن اللفظة العربية تخرج منها مشتقاتٌ وتراكيبَ بلا عددٍ (طال ويطول وطائل وطائلة وطويل وطويلة وذو الطول ومستطيل.. إلخ)، بينما اللفظ الإنجليزي Tall لا يخرج منه شيء.


وفي لفظةٍ أخرى مثل: Good بالإنجليزية وجيّد بالعربية، وكلاهما متشابهٌ في النطق، نجد أن كلمة جيّد يُشتقُّ منها الجودة والإجادة ويجيد وجياد… إلخ، ولا نجد لفظ Good يخرج منه شيء. ويلفت النظر البون الشاسع ما بين عدد المفردات في اللغة العربية وغيرها، إذ يتجاوز عددها في العربية اثني عشر مليون مفردةٍ، فيما لا يزيد العدد في اللغة الانجليزية -اللغة الأكثر استخدامًا في عالمنا اليوم- عن ستمئة ألف مفردةٍ، أي أن عدد كلمات اللغة العربية يزيد بخمسةٍ وعشرين ضعفًا.
ثم نجد في العربية أن اللفظة الواحدة تعطي أكثر من معنىً من خلال قواعد الصرف؛ فمثلًا: قاتلٌ وقتيلٌ، وفيضٌ وفيضانٌ، ورحيمٌ ورحمنٌ، ورضا ورضوانٌ، وعنفٌ وعنفوانٌ. وإذا ما اقتضت الضرورة، لا يجد الانجليزي بدًّا من استخدام كلمتين مثل Good و Very Good للتعبير عن الجيد والأجود. وهناك اختلافاتٌ في المعنى أحيانًا تصل إلى العكس تمامًا، كما في قاتلٍ وقتيلٍ، وهو غير معروفٍ في اللغات الأخرى.


وللحرف العربي بذاته رمزيةٌ ودلالةٌ ومعنىً؛ فحرف الحاء مثلًا يرمز للحدة والسخونة؛ مثل حمّى وحرارةٌ وحرٌّ وحريقٌ وحقدٌ وحميمٌ وحادٌ، وغيرها. بينما نجد حرفًا آخر مثل الخاء يرمز إلى كل ما هو كريهٍ ومنفّرٍ، ويدخل في كلماتٍ مثل: خوفٌ وخزيٌ وخجلٌ وخيانةٌ وخذلانٌ وخسيسٌ وغيرها كثيرٌ. ونرى الطفل إذا لمس النار قال: “أخ”، وإذا ما اكتشف أحدنا أنه نسي أمرًا يقول: “أخ”؛ فالنسيان أمرٌ سيئٌ، وهذه الرمزية الخاصة بالحرف والتي تجعله بمفرده ذا معنى هي خاصيةٌ ينفرد بها الحرف العربي، فنجد سور القرآن الكريم أحيانًا تبدأ بحرفٍ واحدٍ مثل: ص، ق، ن، أو: الم، وكأنما ذلك الحرف بذاته يعني شيئًا.


ونستطيع أن نكتب بالعربية جملًا قصيرةً جدًا مثل: “لن أذهب”، ولمثل هذه الجملة القصيرة يحتاج الإنجليزي إلى جملةٍ طويلةٍ ليترجمها فيقول: I shall not go ليعني بذلك الشيء نفسه؛ وهو لا يجد عنده ما يقابل هذه الرمزية في الحروف التي تسهّل عليه الوصول إلى مراده بأقل كلماتٍ.


وإذا ما تتبعنا تاريخ اللغة العربية في النحو والصرف وقواعدها وكلماتها وتراكيبها فسوف نكتشف أن أساليب التراكيب والاشتقاق فيها ثابتة لم تتغير على مدى آلاف السنين، وأن أفقها كان يتسع من حيث المحصول والكلمات والمفردات كلما اتسعت المناسبات، ومع ذلك، حافظت العربية على كيانها وهيكلها وقوانينها، ولم تجرِ عليها عوامل الفناء والانحلال أو التشويه والتحريف، وهو ما لم يحدث في اللغات الأخرى التي تعرضت للتحريف والإضافة والحذف والدمج والاختصار، وتغيرت قواعدها مرةً بعد مرةٍ.


وفي اللغة الألمانية القديمة مثلًا نجد لغةً فصحى خاصةٌ بالشمال غير اللغة الفصحى الخاصة بالجنوب، ونجد قواعد مختلفة في اللغتين، ونجد التطور يؤدي إلى التداخل والدمج والاختصار والتحريف والتغيير في القواعد، والشيء نفسه في اللاتينية وأنواعها كما في اليونانية وغيرها، ولهذا اختار الله تعالى اللغة العربية وعاءً للقرآن الكريم؛ لأنه وعاءٌ محفوظٌ غير ذي عوجٍ، فامتدح الله تعالى قرآنه وقال: {قرآنًا عربيًا غير ذي عوجٍ}.


وحدّث ولا حرج عن غنى اللغة العربية بترادفاتها حيث نجد للأسد عديدًا من الأسماء؛ منها: الليث والسبع والرئبال والهزبر والضرغام والضيغم والورد والقسورة، وكل اسمٍ يعكس صفةً للأسد. وللعاطفة سبع عشرة مترادفةٍ، تعكس كلٌ منها درجةً من العاطفة؛ أدومها المودة. ومن الطبيعي أن يأخذ الفقير من الغني لذا، أخذت اللاتينية والسكسونية والأوروبية واليونانية وغيرها من العربية لتكون العربية هي الأصل الأول للغات جميعها، والتي أوحِيت إلى آدم عليه السلام، كما قال القرآن الكريم: "وعلّم آدم الأسماء كلّها".


هذه هي اللغة العربية أم اللغات جميعًا، لا تستحق التكريم فحسب، بل الحفاظ عليها، والتمسّك بها وعاءً للفكر، ومجالًا للإبداع.











طباعة
  • المشاهدات: 5888
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
05-09-2024 02:32 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم