بقلم : أحمد الحوراني

وسط حضور عدد كبير من صناع القرار ورجال الفكر والسياسة والإعلام من إيطاليا والعالم، شاركت جلالة الملكة رانيا العبدالله مؤخرًا أعمال في الدورة الخمسين من منتدى أمبروسيتي في سيرنوبيو في إيطاليا، واستطاعت بحضورها المؤثر وكلمتها المعمقة في المنتدى أن تلفت انتباه الحضور والعالم عبر استمرار جلالتها في تبيان هول وفضاعة المجازر التي ترتكبها آلة الحرب الإسرائيلية بحق الأبرياء والعُزّل في قطاع غزة وحرمانهم من أبسط حقوقهم في الحياة كالتعليم والصحة والعيش الكريم، وفي ذلك نقرأ قول جلالتها (جميع سكان غزة تقريباً يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويتضور الأطفال الفلسطينيون جوعاً. حيث تُعيق إسرائيل الوصول إلى المساعدات الإنسانية.

الملكة رانيا في تسليطها الضوء على بشاعة جرائم الحرب والخسائر المادية والبشرية والأضرار النفسية الناجمة عنها، أعادت التأكيد على ضرورة تحرك قادة المجتمع الدولي وأصحاب الفكر ورجال الإعلام والسياسة ومنتديات الحوار إلى وقف الحرب وضمان وصول قوافل الإعاشة والمساعدات وتسهيل مهمة منظمات الإغاثة الإنسانية دون شروط أو قيود لأن أبسط قواعد الاشتباك وفي عُرف الحروب وتعاليمها تتفق على حقيقة عدم عرقلة سير الهيئات التي تقدم العون والمدد للمصابين والجرحى ولذويهم، وفي الذاكرة فإن جلالتها لم تفوت منبرا إعلاميا عالميا إلا وراحت تكشف الإزدواجية التي يتعامل معها المجتمع الدولي والدول الكبرى في التعامل مع هذه الحرب، وما كانت مقابلاتها مع كبريات الصحف العالمية إلا دليلا قاطعا على ذلك.

في كلمتها الشاملة في المنتدى ذهبت الملكة رانيا العبدالله بعيدًا في دقة شروحاتها المعمّقة والمفصِّلةَ للأوضاع المتردية التي تعاني منها غزة جرّاء الحرب الفظيعة التي يكاد بها الإنسان الفلسطيني هناك منذ نحو عام، وتكاد جلالتها تكون الوحيدة من بين نساء قادة الدول العربية والأجنبية التي خرجت في نحو خمس مقابلات إعلامية عالمية منذ بدء الحرب كان آخرها المقابلتان اللتان أجرتهما في نيويورك، الأولى مع الإعلامية الأمريكية جوي ريد على قناة (أم.س.ن.ب.سي) والثانية مع الاعلامية الامريكية مارغريت برينان في برنامج "فيس ذا نيشن" على شبكة سي بي إس في نيويورك، ومما لا شك فيه بأن الشخصية المؤثرة لجلالتها، وعبقرية أدائها، وإصرارها على تقديم الحلول من خلال مشاركتها في هذه المحافل الشبابية والنسائية وغيرها، يجعل الإصغاء لحديثها ضرورة حتمية بالنظر إلى المكاشفة وبلاغة الوصف بلغة واضحة لا تقبل التأويل إلا ضمن اتجاه واحد يتمثل في دعواتها المتكررة للعمل الجاد من أجل تحقيق السلام والعدالة والأمن، وقيام دول العالم على التصدي لأصعب الوقائع في عالمنا اليوم وهي الصور الفادحة لحجم الخراب والدمار والضحايا التي تتلو الواحدة منها الأخرى في الحرب على غزة ليل نهار

مشاركة فاعلة لجلالة الملكة رانيا في منتدى (أمبروسيتي) في إيطاليا، تتناغم مع جميع تحركات جلالة الملكة رانيا كانت تصب في خانة واحدة ألا وهي بذل كل ما بوسع العالم أجمع من جهد سياسي وإنساني ودبلوماسي لحماية إنسانية الإنسان الفلسطيني عامة وابن غزة خاصة الذي راحت آلة الحرب الإسرائيلية تفتكُ به بلا هوادة وتحول دون تمتعه من حقوقه المشروعة في التعليم والصحة والرفاهية وبناء مستقبله، ولعل استنكار جلالتها للأفعال المشينة التي ترتكبها إسرائيل والتي لا تمت للأديان ولا القيم ولا الأعراف والعادات بصلة، إنما هي تأكيد على إيمان جلالتها التي تقول في مقالة لها نشرتها في صحيفة الحياة اللندنية بتاريخ 11 كانون الأول لسنة 2003 (إن واجبنا الأخلاقي يحتم علينا احترام حقوق الإنسان وصون كرامته وهو محور الديانات السماوية وهدف دائماً يصب في مصلحة الجميع).

Ahmad.h@yu.edu.jo

الراي 

• إقرأ أيضاً : ماذا عن دعوة «أردوغان» .. قيام «تحالف إسلامي» لمواجهة «إسرائيل»؟
• إقرأ أيضاً : الشهيد البطل ماهر الجازي وصرخة من الاردن لفلسطين
• إقرأ أيضاً : لم انقطع